مجتمع

تحقيق: دعارة الذكور في شوارع كازابلانكا

يافعون ذكور بالدار البيضاء يحملون أسماء أنثوية يشتغلون في الدعارة، ورجال في ثوب النساء، يصدمون زبناءهم على سرير المتعة.

 

خالد أخازي

كسر صمت أحد ألأزقة المتاخمة لفضاء المحكمة بالبيضاء، صراخ يافعين وهما مندمجين في شجار على حافة العنف، حيث شد كل طرف بتلابيب الآخر، رغم زخات المطر و هبوب رياح باردة، هرع  بعض رواد المقاهي والحانات،لمتابعة، مشهد غريب، حيث التحق بالمتشاجرين، مجموعة أخرى في محاولة من بعضها لنزع  فتيل مواجهة دموية محتلمة، غير أن الحوار الذي دار بين أعضاء المجموعة قلب الأمور رأسا على عقب،فقد كانت المناداة  بين أفراد المجموعة ،تتم بصيغة المؤنت،” أنتي خونتي لي التلفون”، امام ذهول الفضوليين الذين وجدوا صعوبة في تمييز  الهوية الجنسية وسط اللغط والهرج، صوت أنثوي من داخل المجموعة يتدخل لفض النزاع” شوفي آ سارة،راه ما شي هي،راه داك الكليان لي كنت جالسة معاه”….سارة لم تكن غير يافع تبدو عليه ملامح الذكورة وإن لطفها بمساحيق و أحمر الشفاه وتسريحة شعر أنثوية.

الأنثى في جلد ذكر

في استغراب تساءل الفضوليون عن جنس المتصارعين في هاته الليلة الباردة، وتقاطعت ردود الفعل بين مستنكر لبس جبة “المفتي” ومستغرب صدمته الصورة، و بينما لم يعر المشهد البعض منهم أي اهتمام،  كنوع من  التطبيع مع الظاهرة في أزقة البيضاء، فقد كانوا  رغم أنهم كانوا أمام مراهقين ذكور، بملابسهم وملامحهم، عدا حركات غنج منهم، و إيماءات تدل أن هناك خللا…. في لحظة ما بدا أن الأمر يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، حيث ترددت عبارات خطيرة للتهديد “بتخسارالوجه”، وما إن حاول أحد رواد المقهى التدخل لكبح جماح أعصاب الأطراف المستعدين لإشهار شفرات الحلاقة والأسلحة البيضاء، حتى تصدى له نادل المقهى،”آجي بحالك…راهم واعرين….تعود تجي فيك شي ضربة”

أحجم الرجل عن التدخل لفض النزاع، مستفسرا ” واش هاذودراري ولا دريات؟” قهقه النادل، رفقة الرواد القدامى للمقهى ورد عليه بسخرية”راهم”…….’  الله يستر ….غير صغار، و تعيشو بحال الديريات”

دعارة خارج “التجنيس”

هم كثيرون….. هؤلاء اليافعين للأسف، و أكثرهم قاصرون، أصبحوا هدفا لنزوات شاذة لرجال يفضلون ممارسة الجنس عليهم،لا بصفتهم ذكورا مكتملي  المواصفاتالذكوريةبل، إن وضعهم “الناشز الجنسي” يشكل حافزا جنسيا عند الباحثين عن جنس شاذ من هذا النوع…

لا يخجل أكثرهم وضعهم هذا، بل هم يمتلكون من الجرأة والقدرة على عرض أجسادهم، ما يجعلهم قادرين على ردع الساخرين، وكل ما سولت له نفسه،”إهانتهم” أو استغلالهم جنسيا بدون مقابل، ينتشرون في محيط عدة شوراع معروفة بالدار البيضاء لهذا النوع من الجنس المختلف”، ويفاوضون الزبناء كأية موس أنثى،ولكل شيء ثمنه…منتشرين في أزقة معروفة، وتعج بهم فضاءات متاخمة لحيقة ياسمينة.

ولهم زبناء من مختلف الشرائح،فهاته سيارة فاهرة في ظلمة حديقة ياسمينة، تسير بروية، ليس خوفا على الراجلين، ولا حذر الحوادث، بل بحثا عن طريدة “أنثى في جلد ذكر”….يتقدم يافع، في حركة غنج ودلال، يلوح بيده، كما تلوح أي أنثى،تروم إثارة الغرائز الدفينة،يتكئ على باب السيارة،يتجادب أطراف الحديث الجد القصير مع الزبون،حول نوعية الممارسة،وزمنها،بجانب الزبون زميل له، يبدو أن نهم توصلوا إلى اتفاق حول “السعر”، ينادي اليافع بصوت أنثي واضح”عزيزة،عزيزة” من بين الأشجار يخرج يافع آخر، يرتدي على شاكلة صديقه لباس المراهقين،دجين،و ” قميص وقميص”بولو” فوقه سترة جلدية، تقيه برد الليل القارص، قرطان فضيان ملتصقان بالأذنين، خواتم كثرة، ذات أحجام وأشكال مختلفة،يفتحان أحد البابين الخلفينللسيارة، ويلجان وهما يقهقهان،كأمرأتين في قمة السعادة، بلا خوف ولا وجل، لتنطلق السبارة بسرعة غريبة، تاركة صدى موسيقى “إلكترونية”  منبعثة من قارئ  الأقراص تعم الفضاء، ليختفي الجميع، تم يعم الصمت إلأ من أصوات وقع خطى لأحذية ذات أعكابلمومسات من نوع آخر.

ذكور في لباس ” أنثي”

سقط أحد الزبناء سهوا على ما يبدو في تخوم حديقة ياسمينة، ومن خلال رقم سيارته يبدو من المرجح أنه غريب عن الدار البيضاء، توقف بسيارته، على الرصيف، وهو يراقب العابرات، و ينتظر فرصة التفاوض مع مومس، على مقربة منه، مرة فتاة ذات صدر مكتنز و شعر مسدول، و زاد من فتنتها ارتداؤها لحذء ذي كعب عال، كلمة منه سريعة، تم توقفت الفتاة، حوار خافت…تلج السيارة، وسط العتمة، المكان مظلم، يدو أن السيارة ستتحول إلى ” غرفة جنس عابرة”…

فجأة ارتفع صراخ داخل السيارة، و الرجل في ذهول يردد ‘ ولد “……”راجل، في الآن ذاته، تحولت الأنثى ،الذكر إلى شخص عنيف، و لم يهمها أن تحول الموقف إلى فضيحة، فإن خرج الرجل من سيارته حتى خنقته من عنقه، صارخة في وجه”خالصني، راني غادي نكبر معاك”، من وسط العتمة، خرج ذكور آخرون في أبهى أثواب النساء ، فساتين نثيرة، و أردافمغرية، و نحور مستفزة، و مساحيق نبرز أنوثة مصطنعة، أحدهم /هن، خاطب الزبون الذي بدا عليه الإضطراب”خلصها آ ولد”…..”، استخرج الرجل ورقة 200درهممن محفظة نقوده وسلمه للمومس ‘الذكر/الأنثى’ الذي تركه يمضي إلى حال سبيله، ركب سيارته، وحال لسانه يردد”آشهذشي،نصحبو درية”

والحقيقة أن مجتمع الدعارة الذكورية في ثوب النساء، قوي ومتماثن، فهم قادرون على الدفاع عن بعضهم البعض وحماية أنفسهم، ولهم شفرات و وسائل للاتصال الداخلي لردع كل خطر محتمل، و في هذا السياق لا يكف بعض الذين اختلط عليه الأمر في سرد حكايات غريبة من هذا النوع، وسبق لأحدهم عن باح لصديقه عن حادثة غريبة، كادت أن تسمه بالعار أمام الجيران في عمارة من عمارات البيضاء، حيث انتهت ليلة خمرية في حانة، باصطحابه لفتاة إلى شقته لانهاء الليلة،لكنه فوجئ وهو على سرير المتعة بشاب مكتمل الرجولة على سريره، بعدما نزع عنه كريات مصطنعة لصدر أنثوي، و ملابس داخلية خاصة لصناعة خصر وهمي و ” تكبير الأرداف” إضافة إلى وسائل أخرى لاخفاء كل المظاهر الذكورية من أعضاء، وتضفي وسائل التبرج من مساحيق و أحمر شفاه قوي، و خصلات شعر مضافة بإثقان، أو شعر مستعار على الذكر كل معالم الأنوثة، ومن الصعب التمييز، بل إن طريقة الحديث والكلام لهي أشد إغراء وإثارة من أنثى حقيقية، صراخه واحتجاجه، لم يثني المومس الذكر عن اتمام صفقته، بل تحدى الشاب المذعور وفتح باب الشفقة صارخا” والله تنفضحمك….”

بذكاء أغلق الشاب باب شقته ودخل في مساومة مع الشاب، انتهت بمنحه مبلغ 1000درهم، و أيصاله إلى مركز المدينة عبر طاكسي يحضره بنفسه….

يقول الراوي وهو يصحك” عمر صاحبي مانسىهذالفيلم، كان غادي تسطى”

أنا ماشي دري….

رغم أن الأمر لا يخلو من خطر،وفي حوار ودي، فتح أحد اليافعين الذين يعيشون وضعا غريبا لنا قلبه للبوح ،ذ يسمي نفسه باسم أنثى، و يتصرف كالنساء رغم ملابسه التي لا تخرج عن المعتاد من ملابسه اليافعين،دجين….جاكيت….قميص رياضي،على شفتيه معلقة ابتسامة بريئةـفعلا فهو طفل للأسف لم يبلغ بعد أشده،في حديثه نبرة حزن لكنه لا يشعر بالعار ولا يندم على طبيعته” أنا ماشي دري، أنا درية،وخاتنبان بحال الدريات….آشغاندير..هذ شي لي عطا الله”

الحديث مع اليافع العابر، كان محزنا، فمكانه الحقيقي أن يكون بين أحضان أسرته،لكنه أقر بخصوصيته، التي لم يتفهمها وسطه ولا زملاؤه، لكن أن تكون فيزيولوجيا أقرب إلى الأنثى من الجنس الخشن،لايبرر احتراف الدعارة” رد اليافع كان غريبا، و موجعا”آش غادي ندير جراو علي الدار وراني عايش بوحدي منين غادي نعيش، كون ما كانوشالدريات كن انتحرت”

دعارة  الذكور….الشجرة التي تخفي الغابة

يخطئ من يعتقد أن الخنثى، أي الجنس الثالث أو ما يوصف فيزيولوجيا، بالرجال ذوي الهرمونات الأنثوية الطاغية على الهرموناتالجنسية، لم يكن لها ظهور في المجتمع أو أنها كانت حبيسة المجتمعات المغلقة، بل أن الذاكرة تحمل إلينا صور رجال كانوا يلبسون لباس النساء ليس من باء التمثيل، و يعملون في مهن خاصة في “السركات”المتجولة، راقصون كالنساء،  كما أن الخنثى كان بإمكانها أن يشارك في الحفلات والأهازيج المرتبطة بالأعراس ضمن فرقة الطبالين “الغياطة” كراقص على “الكارو” بثياب نسائية، ورقص مثير لا يقل إثارة عن رقص أشهر “الشيخات” وهم المعروفون تاريخيا ب” أصحاب المقص”. إلا أن بروز ظاهرة الدعارة بصيغة المذكر، تفاقمت بفعل انفتاح المجتنع كما ساهم في ظهور وسائل الإتصال الرقمية والمنتديات الإجتماعية الرقمية.

فالدار البيضاء، كفضاء رحب لكل أشكال “الجنس” تحت الطلب، لا تكاد فيها بعض النقط والمقاهي تخلو من باحثين عن الجنس مع ذكور أخطأت هرموناتهم الطريق نحو فيزيولوجياذكورية لا تشوبها شائبة، فوجدوا أنفسهم نساء في جلود الرجال، هؤلاء بعضهم، امتهن الجنس، لتلبية طلبات جنسية من نوع خاص، مع وجود نمطين منهما، ففئة اختارت التشبه بالنساء، لباسا وحديثا، لأداء وظائف جنسية مزودوجة، وآخرون حافظوا على مظهرهم الذكوري، وخصوصا اليافعين، لكنهم يعيشون حياة أنثوية، بكل تفاصيلها، وفي هذا السياق يبوح أحد اليافعين أن اختيارهم لهذا الشكل من الحياة ، والمظهر نابع من تزايد الطلب عليهم، كذكور بمواصفات أنثوية، كما أنهم يفصلون لباس الذكوري تجنبا لردود الفعل الأجتماعية والأسرية.

و تختلف دواعي ممارسة الدعارة عند “المؤنثين” بين ماهوماديممحظ، لتأمين ظروف الحياة سواء لهم ولأسرهم، وبين ما هو مزاجي، مرتبط بالتمرد و الرغبة في أشباع النزوات الجنسية.

و رغم أن القوانين تحمي القاصرين، فإن كثيرا من القاصرين، الذي يعيشون ” حياة أنثوية” رغم مظاهرهم الذكورية، يمارسون نشاطا تجاريا جنسيا أما عبر وسطاء أو مباشرة في الشارع العام،وهناك عدة نقط معروفة بهذا النشاط الجنسي بالمدينة القديمة، والحدائق العمومية ،بل إن دعارة اليافعين بصيغة المؤنث، تتم في فضاءاتغريبة، كدور السينما و أدارج العمارات، والمصاعد والخرب…

و حادثة 12 طفل الذين كانوا عرضة للمارسة جنسية شادةبمراكش،و ما رفق ذلك من تداعيات ،كعلم الأسر بالأمر بل تواطئها الواضح، يطرأ مرة أخرى إشكال الحماية الإجتماعية للقاصرين العرضة للعلاقات الشاذة مع الأجانب، ومدى فعالية الأجهزة الأمنية في القطاع السياجي على تفعيل مقاربات وقائية، خصوصا و أن عدة برامج وثائقية تم عرضها على قنوات أجنبية ، عرت واقع ذعارةالأطفال، بمراكش ، باعتبارها نشاطا يخضع لشبكة من العلاقات، و تتحكم فيه وسيطات أو وسطاء، قادرين على جلب أطفال لشواذ أجانب لممارسة الجنسي عليهم ورميهم بعد ذلك كمنديل متسخ، و لقد عرضت قناة اجنبية وثائقيا يفضح الوسطاء، بل إن أحد السياح لم يخجل من القول أن الأطفال ، سهل الحصول عليهم، وهو يتمتع بهم ويرمي بهم ،منديل متسخ، ,انهم لصوص، وكذابون ولا يكفون على طلب النقود.

تتسع دائرة الدعارة لدى القاصرين التائهين وسط خريطة الجينات و الأعطابالفيزيولوجية، يدعمها رفض المجتمع لجنسهم وعدم تفهمه لطبيعتهم،مما يطرح أكثر من سؤال، حول طبيعة المقاربة التي يجد تبنيها لحماية القاصرين من ممارسة أقدم تجارة في العالم،واعتماد رؤية لاحتواء أعطابهمالنفسية، قصد إنقاذهم من براثين رجال جعلوا من أجسادهم الطرية، أداة لتفريغ نزواتهم وممارسة شذوذهم الجنسي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى