ثقافة وفنوندابا tv

الوجه الآخر:الملحن عادل بندقة:نعيش اليوم «السلفية» الموسيقية -مع فيديوذ-

محسن بن أحمد | جريدة الشروق التونسية

عادل بندقة أحد أساطين العزف والتلحين في تونس والوطن العربي نحت نجاحه بأظافره… كسب أحقية الوجود تحت سماء الابداع الفني المنتصر للحياة في أجل وأبهى مظاهرها والتفاؤل والحب الكبير.
عادل بندقة مبدع موسيقي جمع بين الثقافة الاكاديمية والتلحين بأنغامه التي نحتها من ذاته في الأفق الرحب حيث الهدوء والفرح الكبير.
* مدين في مسيرتي الموسيقية لمنير الغضاب وبنعلجية وعزالدين العياشي والوالد
* نجيب الخطاب فتح لي أبواب التلفزة وحاتم بن عمارة آمن بي ملحنّا

* أيام قرطاج الموسيقية حادت عن طريقها فأضرت بتوجهاتها الأساسية


* ماذا بقي في ذاكرتك من مرحلة الطفولة؟

مازال بداخلي الطفل بتلقائيته وعفويته وحبه للحياة في أبهى مظاهرها.

*  كان توجهك الى الموسيقى بعد ذلك؟

توجهي الى الموسيقى يعود بدرجة أولى الى والدي الراحل محمود بندقة رحمه الله وبرّد ثراه وقد صاحبني لأول مرة الى المعهد الوطني للموسيقى.

*  كنت مستعدا لهذا الاختيار؟

الى حد كبير كنت سعيدا بهذا الاختيار والتوجه الى الموسيقى في الوقت الذي كنت أميل فيه بشكل كبير الى الرياضة.

*  عشقت الرياضة؟

أحببت الرياضة… ومارست كرة القدم وكرة السلة.

*  كان هدفك الالتحاق بأحد الفرق المدنية؟

نعم… لكني فشلت في كل الاختبارات التي قمت بها فكان توجهي الى الموسيقى. والتقيت بالعازف منير الغضاب الذي تعلمت عنه أبجديات العزف على آلة القيثار… أخذت عنه الحرفة بالتجربة بعيدا عن النظري… القيثار تعلمته بحب وعشق. وأنا مدين لمنير الغضاب بتعلمي العزف على آلة القيثار لكن هذا العشق كان يتخلله حب التاريخ والجغرافيا حيث كانت النية تتجه للتخصص فيهما لأقتنع أخيرا وبدعم من الوالد أن عادل بندقة خُلق ليكون موسيقيا.

*  بارك الوالد هذا الاختيار الذي استقر رأيك عليه؟

لا أخفي سرا إن الوالد رحمه الله ترك لي حرية الاختيار وفي المقابل كان معارضا للهجرة.

*  الهجرة الى أين؟

فكرت في الهجرة لدراسة الحقوق في جامعة ران الفرنسية لأجد نفسي نهائيا في المعهد العالي للموسيقى وهناك التقيت منير الغضاب وزهير قوجة ومراد الصقلي ونبيهة كراولي. وبدأت الدراسة بتعلم العزف على آلة الكمنجة وتغيّر توجهي الى القيثار التي أصبحت الصديقة على امتداد مسيرتي الفنية.

*  هل تذكر أول لقاء موسيقي لك مع الجمهور؟

أحيّي هنا روح الموسيقي الفذ عبد الحميد بنعلجية رحمه الله الذي مكنني من فرصة الصعود على الركح بآلة القيثار لأول مرة في حفل الفنانة ياسمين الخيام بقصر الرياضة بالمنزه كانت محطة هامة في مسيرتي… انها محطة الانطلاق محلقا في سماء الانتاج الخاص.

*  ما هو أول لحن خاص قدمته؟

اول ألحاني كانت بأشعار المبدع الكبير عبد الحميد الربيعي بأغنيتين: حبيبي يا صحابي جاني لسوسن الحمامي وصدق كلام الناس لنجاة عطية ولا أنسى والحال تلك الدور الكبير للمبدع عزالدين العياشي الذي درسني في معهد الوردية قبل ان يمنحي فرصة الظهور والمشاركة في التأثيث الموسيقي لبرنامج «فن ومواهب» الى جانب المرحوم محمود الثامري.

*  وتواصلت النجاحات؟

نعم… وأرى في المحطة مع الراحل نجيب الخطاب أفضل التجارب التلفزيونية حيث كنت معه في أول منوعة له من خلال «بدون استئذان» ليقدم وينشط بعد ذلك أول برنامج فني غنائي من خلال نهائي «فن ومواهب» وحصلت على المرتبة الرابعة في العزف في حين آلت المرتبة الثالثة لجلول الجلاصي على آلة الناي والمرتبة الثانية آلت لسامي الجموسي على آلة الأكورديون في حين فازت خديجة عبيد بالمرتبة الأولى على آلة الفلوت وبرز في ذلك النهائي سمير العقربي في مسابقة التلحين.

*  أصبحت مع الراحل نجيب الخطاب موسيقي المنوعات التلفزيونية؟

الراحل نجيب الخطاب

أرى في التصاقي بالمنوعات التلفزيونية مع نجيب الخطاب من أفضل الفترات في مسيرتي الفنية وخاصة مع حاتم بن عمارة الذي منحني الفرصة كاملة كملحن.. مع حاتم بن عمارة كنت في قمة الاندفاع والحماس حيث كنت ألحن كل اسبوع عملا جديدا وقد كانت لي تجربة ايضا اعتز بها كثيرا حيث لحنت جينيريك السلسلة الموجهة للأطفال «بيشة وفرهود» وكان ضمن المؤدين رضوان الهذلي الذي عرف بعد ذلك بـ «عمي رضوان» وكان الموعد مع 2004 الذي يمثل محطة مضيئة جديدة في مسيرتي.

*  تعني مهرجان قرطاج الدولي؟

المطربة علياء بلعيد

اللقاء الفني مع المطربة علياء بلعيد كان محطة كبيرة توّج بصعودها لاول مرة بمفردها على ركح مهرجان قرطاج الدولي في صيف 2004.

*  ولم تعاود الكرّة؟

كيف لي ذلك والموسيقى الوترية اصبحت نادرة في المشهد الفني اليوم؟

الملحن عادل بندقة

*  كيف ذلك؟

لقد أتت الطبقة السياسية بعد 2011 بمشروعها الموسيقي الجديد الذي هو مزيج بين الراب والأغاني الدينية وبالتالي تم تهميش الموسيقى الوترية التي اعتبروها «موسيقى بلاط» ثم ان الاذاعة الوطنية بدرجة أولى همشت الاغنية التونسية بشكل كبير ورأت فيه «مشروع الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة» الذي لابدّ من التخلي عنه لفائدة موسيقات جديدة وفق قناعاتهم الخاصة.

*  يعني انك توقفت على الانتاج الموسيقي؟

ليس الامر كذلك، أنهيت حديثا تلحين أغنيات دينية دون ان أنسى عرض «حسناء قرطاج» الذي رغم قيمته الفنية فقد ظلمه مهرجان قرطاج الدولي… فـ «حسناء قرطاج» راهن على 4 أصوات لمطربات لهن مستوى فني راقي… «حسناء قرطاج» قدم في 7 عروض فقط.

*  انت محبط؟

ليس بالمعنى الكامل للكلمة رغم ان هناك تيارا موسيقيا ظهر بشكل جلي على الساحة يتمثل في الاعادات والانتصار للعازف… انه تيار رهيب ومخيف وأرى فيه انه تيار السلفية الموسيقية.

*  السلفية الموسيقية مصطلح جديد؟

فعلا… فماذا نسمي هذا التهافت على التراث الموسيقي وإعادة توزيعه والتعسف عليه… إنها السلفية الموسيقية.

*  ترى أنك مظلوم ومستهدف؟

ليس عادل بندقة الوحيد المستهدف… انه جيل موسيقي كامل تم استهدافه.. الهوية الموسيقية الاصيلة مستهدفة ثم هذا عدم الاعتراف بما تم تقديمه.

*  عشت وعرفت الجحود؟

ككل الموسيقيين الوتريين

*  لكن أيام قرطاج الموسيقية تأسست لاحتضان كل المدارس والتوجهات الابداعية تماشيا مع متطلبات العصر؟

أيام قرطاج الموسيقية التي كنت مستشارا فيها تسلمتها هيئة مديرة جديدة في دورة هذا العام لم تحسن التعامل مع متطلباتها ودون الدخول في التفاصيل أقول إن دورة هذا العام خرجت من بعدها الاقليمي حيث لم يحضر أي منتج موسيقي ثم إقصاء الأفارقة والانخراط في الاعادات. لقد كانت دورة هذا العام علاوة على سوء التنظيم ضربة قاصمة لعمقها من حيث التوقيت غير المناسب فبعد أن كان موعدها أفريل من كل عام تغيّر في هذه الدورة وهو ما أضرّ بهذا المكسب بشكل لافت.

* مارس القادم سيشهد تنظيم مهرجان الأغنية التونسية؟

كيف يطبّل الفنانون لمهرجان الأغنية وهم الذين جنوا عليه وقتلوه ودفنوه.

*  كيف ذلك؟

بالأنا المضخمة وبالتكالب على الجوائز وهل ترى الذاكرة قد نسيت أو تناست تصريح قاسم كافي حيث تغيّرت وجهة جائزة مستحقة له لفائدة صوت آخر في احدى الدورات لتتم ترضيته بجائزة لا يستحقها في الدورة الموالية.

*  تونس اليوم… كيف تبدو لك؟

حالة مخاض وهناك وعي وشعور وإحساس بالمواطنة في طور النمو.

*  والحراك السياسي ماذا تقول عنه؟

أرى فيه ضبابا كثيفا.

تتابع البرامج التلفزيونية؟

أنا من المقاطعين للبرامج التلفزيونية

*  والمطالعة؟

أجد في المطالعة متعة وحاليا أقرأ كتاب الأغاني لأبي فرج الاصبهاني

*  هل ندمت على أمر ما في حياتك؟

الانسان لا يندم على اعتبار ان الخطأ هو سيد النجاح.

المصدر: الشروق التونسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى