رأي/ كرونيك

ببساطة… شكرا لك ربيع الأبلق

خبر توقيف المناضل ربيع الأبلق الإضراب عن الطعام، خبر مفرح، خبر، قدرت حين وصلني أنه بكل بساطة حملني من حال إلى حال، من وضع إلى وضع، من حالة التحليل السياسي البارد الموضوعي والعقلاني، أو حتى حالة التحليل السياسي ليس البارد ولا حتى الموضوعي، بل المنفعل الصاخب وحتى اللاعقلاني، لرمي عشرات الشباب في السجن، والحكم عليهم بما يزيد على قرنيين، إلى وضع وحالة إنسانية شديدة الخصوصية.

تفاصيل الخبر مقتضبة، لكنها مكثفة إنسانيا وعاطفيا، ربيع الأبلق يوقف الإضراب عن الطعام استجابة لطلب أمه أولا، الأم لا تريد أن تفقد فلدة كبدها، ولذلك ناشدت هيئة الدفاع أن تبلغ ابنها أنها تريده حيا، الأم هنا حالة إنسانية هي في حد ذاتها، لحظة إنسانية شديدة الخصوصية تشعرنا بوحشية الاعتقال، وعدم ادميته في حق شباب خرجوا للدفاع عن العدل والحق وعزة النفس، فأحرى أن ننتقل من الاعتقال إلى الاستشهاد، الأم هنا أكبر متضرر حدا لا يوصف من اعتقال ابنها، الأم هنا حالة وجدانية مكثفة، تقول أن تمت كائن إنساني في كل لحظة وثانية، يتأوه حرقة الفراق، ويؤدي في كل حين ضريبة اختيارات الابن، لكنها هي تعرف طيبوبة ابنها، تعرف أن ابنها هناك، لأنه يحب الناس، ويحب فيهم المستضعفين، وهي في ذلك، تشفق أكثر على ابنها، قلبي على ولدي وقلب ولدي على حجر، كما قال درويش حين كان ينقل صورة انتفاضة أطفال الحجارة في فلسطين المحتلة، وقصة أمهات يعشن حالة خوف جنوني على أطفال قرروا أن يواجهوا أكبر مظلمة في تاريخ البشرية بالحجارة، مع أكثر الجيوش تسلحا في منطقة النزاع بامتياز الشرق الأوسط.

وفي تفاصيل ليس الخبر هنا بل في تفاصيل الوجدانيات، اللحظات العاطفية الإنسانية المجردة عن أي حسابات مهمها كانت، تمت متضررون آخرون كثر من اعتقال قادة حراك الريف، وتمت متضررون كثر من إضراب ربيع الأبلق عن الطعام والذي دام 42 يوما، وكان إن استمر سيأخذ روح شاب، بالتأكيد لا يمكن إلا أن يكون يحب الحياة، ليس هنا مرة أخرى في تفاصيل خبر توقيف ربيع الأبلق إضرابه عن الطعام، مناشدة هيئة الدفاع، مناشدة آلاف الناس ربيع أن يوقف إضرابه عن الطعام، بل في تفاصيل الخبر حالة إنسانية، ترفض الموت وترغب في الحياة، حتى وهي تتواجه مع قلوب خشنة وبشر لا يتصورون الحياة إلا ثروة وسلطة جاها ونفوذا، استغلالا واستبدادا، حتى يصدق عليهم القول، اعداء الإنسان وأعداء الأوطان وأعداء الحرية.

شكرا لك ربيع الأبلق، لأنك فعلا حملتني بموقفك هذا من حال لحال ومن وضع لوضع، شكرا لك، لأني أعلم أن قرارك توقيف الإضراب عن الطعام “تنازلا مكثفا” كان دافعه إنسانيا صرفا، فلا شيء يشجع على التنازل السياسي لسلطة توظف كل شيء للانتقام من حراك شعبي سلمي حضاري مدني، لكن كل شيء يشجع على توقيف الإضراب انتصارا للحياة، وتقديرا وعرفانا وحبا للذين نحبهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى