مجتمع

“بيضة ديك” في أستراليا

من المسلمات التي لا يتجادل حولها اثنان أن الديك لا يبيض، لكن هناك من يضرب بهذه الحقيقة البيولوجية عرض الحائط، ويردد بأن سيد الخم يبيض مرة واحدة في حياته، في مكان ما وزمن ما، ويكون لبيضته فوائد سحرية جمة، ومن حصل عليها شفته من كل العلل، ويستشهد صاحب هذا الاعتقاد على كلامه هذا بعبارة “بيضة الديك” التي أبدعها العرب في لغتهم فساروا يستدعونها كلما كان الكلام عن حدث أو أمر ناذر الحدوث. لكن الغريب العجيب أن الديك فعلا باض هذه المرة وبالفعل، لكن الأغرب والأعجب أن هذا الديك الذي يلبسه المسلمون هالة القداسة، لكونه ينبههم لأوقات صلواتهم، لم يختر بلادهم ليبيض فيها، وإنما اختار بلدا اسمه أستراليا كي يعلن ومن هناك للعالم أجمع عن حقيقة العبارة التي يتداولونها في لغتهم “بيضة الديك”.

فقد صار العمل الفريد الذي قام به الشاب الأسترالي ويل كونولي ذي السبعة عشر عاما، محل تقدير وإعجاب عند مئات الآلاف من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي عبر العالم وصار معروفا بـ”الصبي الأبيض”، فقد أقدم هذا الصبي على فقس بيضة على رأس السيناتور الأسترالي العنصري فريزر أنينغ أخيرا بينما كان يتحدث هذا المتطرف إلى وسائل الإعلام في اجتماع كبير، لمؤيديه اليمينيين المتطرفين، في مورابين بملبورن، محملا مسؤولية مذبحة مسجدي مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا، والتي راح ضحيتها خمسون مسلما، كانوا يؤدون صلاة الجمعة، فيما أصيب خمسون آخرون، بعد إطلاق النار عليهم من طرف أسترالي متطرف يدعى “بيرنتون هاريسون تارانت” بث الحادث مباشرة على الانترنيت، للهجرة.

وردا على كلام السيناتور العنصري المتطرف والذي اعتبر فيه أن “السبب الحقيقي لإراقة الدماء هو برنامج الهجرة الّذي سمح للمسلمين بالهجرة إلى نيوزلندا بالأصل”، اختصر “الصبي الأبيض” كل ما يمكن أن يقوله من كلام لهذا العنصري في فقس بيضة على رأسه أغنت عن كل عبارة، لينتفض معها هذا السيناتور ويكشف عن حقيقة عنصرية وعنف، إذ استدار وانهال على الصبي لكما، قبل أن يتدخل أحد الحاضرين وينتشله من بين يدي هذا البرلماني الهائج. وبعد الحادث أدلى الصبي كونولي بتصريح قصير في مقطع فيديو، نشره على منصة تويتر، قال فيه: “لا تلق بيضة على سياسي، فقد تعرضت لهجوم من نحو ثلاثين عنصرا من مناصريه الغوغائيين في وقت واحد، وتلقيت درسا خشنا”، وهذا الدرس ولا شك هو أن وراء كل عنصري جيشا من العنصريين وليس حالة معزولة. وأن الإرهاب لا يأتي صدفة بل هناك دائما من ينفخ فيه حتى ينفجر ويأتي على أرواح الأبرياء. ولهذا فإن الصبي كان أذكى من رجل السياسة وقال بأن “المسلمين ليسوا إرهابيين وأن الإرهاب ليس له دين”.

ويذكر أن ما تعرض له الصبي من عنف بعد فقس بيضته على هذا السيناتور العنصري لقي موجات تضامن واسعة عبر العالم ضمنها شخصيات معروفة، كما تم تقديم تبرعات مالية له لمواجهة المصاريف المالية التي سيصرفها في معركته القضائية ضد السيناتور، إلى أن” الصبي الأبيض” قال بأنه سيرسل أغلب هذه التبرعات لضحايا هذا الهجوم الذي وصفته رئيسة الوزارء النيوزيلندية، جاسيندا أردرن مباشرة بعد وقوعه، بالإرهابي.

وضمن موجة التضامن قامت فرق موسيقية شهيرة مثل Hilltop Hoods وViolent Soho بإهدائه بطاقة حضور مدى الحياة لحفلاتهم، إذ كتب حساب خاص بفريق Hilltop Hoods الموسيقي: “فتى البيضة.. نقدم لك دعوة مفتوحة مجانية مدى الحياة لحضور حفلات Hoods إذا شئت”.

من الناحية السياسية دفعت “بيضة الديك” هاته إلى تدشين عريضة على موقع change.org تنادي بإقالة السيناتور العنصري فريزر أنينغ من البرلمان جمعت رقما قياسيا فاق مليون توقيع في أقل من يومين. وجاء في العريضة: إن سيناتور أنينغ “ليس له مكان في حكومة بلدنا الديمقراطي والمتعدد الثقافات”.
فأين تذهبون أيها المتطرفون فالديك سيبيض بيضته السحرية في كل مكان ويقضي على سم الأفاعي العنصرية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى