حول العالم

دابا بريس: ترصد أحداث 2018 وفيها اليوم: لماذا لن يكون 2019 عامًا سعيدًا على ابن سلمان (2)

مع اقتراب نهاية عام 2018،  رصدت صحيفة «الجارديان» البريطانية التغيُّر في موازين القوى بمنطقة الشرق الأوسط على مدار العام، في محاولةٍ لتوقع ما سيؤول إليه الوضع العام القادم 2019. وركزت الصحيفة في تقريرها على القوتين البارزتين المتنافستين على النفوذ في المنطقة: السعودية، وإيران.

ترى الصحيفة أنَّ عام 2019 لن يكون جيدًا بالنسبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فبينما بدأ العام الحالي بنجاحٍ بارزٍ للأمير، تمثَّل في القبول الواسع الذي حظيت به برامجه الإصلاحية الطموحة، والدعم الخارجي لأجندته الإقليمية العدائية، والعلاقة الودودة التي جمعته بجاريد كوشنر، المستشار الشاب النافذ للرئيس الأمريكي ترامب، واعتبار هذا الأخير أنَّ السعودية هي القوة الأهم في الشرق الأوسط، إلا أنَّ كل هذا الزخم الذي حظي به الأمير انهار في سبع دقائق فقط، وفقًا للصحيفة، وهي الدقائق التي استغرقها قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول في أكتوبر الماضي.

أدت جريمة القتل المروعة هذه إلى تعرُّض جميع النقاط الأساسية في أجندة محمد بن سلمان إلى التمحيص، وأثارت انتقاداتٍ واسعة من حلفائه – وكذلك المشككين فيه – بعد أن كانوا قد بدأوا يُعجبون به.

وتشير الصحيفة إلى أنَّه مع بداية العام الجديد، قرَّر مجلس الشيوخ الأمريكي وقف دعم الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، واتهم المجلس ابن سلمان علنًا بأنَّه هو من أمر بعملية قتل خاشقجي، وهو اتهامٌ ربما يؤثر على مسعى الأمير للجلوس على عرش المملكة، ذلك المسعى الذي ترى الصحيفة أنَّه كان يبدو سهلًا منذ ثلاثة أشهرٍ فقط. وبحسب تقرير الصحيفة، يبدو أنَّ تلك الاضطرابات أثرت على مساعٍ أخرى للأمير، منها حصار قطر، والخلاف مع كندا، والإصلاحات المحلية الثقافية والاقتصادية التي كان من المفترض أن تُبشِّر بتغيُّر العلاقة بين السعوديين والمملكة.

ووفقًا لصحيفة «الجارديان»، أكثر مساعي الأمير تأثرًا بالاضطرابات الحالية على ما يبدو هي حرب اليمن. كان الأمير يسعى من خلالها لمنع إيران من ترسيخ نفوذها في الجبهة الشرقية للمملكة، لكنَّها استنزفت خزائن السعودية، وتسببت في انتشار الأمراض وسوء التغذية ومواجهة أعدادٍ كبيرة من اليمنيين الفقراء لخطر المجاعة، ولم تُحقق الكثير في ما يتعلق بصد عدو السعودية اللدود. وإن استمرت اتفاقية وقف إطلاق النار في ميناء الحديدة، سيزيد الضغط الدولي للتوصل إلى تسويةٍ دائمة في حرب اليمن.

كن يوضح التقرير أنَّ نفوذ إيران لا يهدد المملكة في الشرق فقط، وإنَّما في العراق ولبنان أيضًا، حيثُ تهيمن المشاحنات السياسية على العملية الديمقراطية، وهي مشاحنات ليس لها علاقة بالوضع المحلي وإنَّما تتعلق بالأجندات الإقليمية للأطراف المختلفة. ففي بيروت، لا يقبل حزب الله تشكيل حكومةٍ لا يحظى فيها حلفاؤه بتمثيلٍ أكبر. وفي العراق، لم تُشغل بعد حقيبتا الدفاع والداخلية في الحكومة. وربما تستمر تلك المنازعات في البلدين لفترةٍ طويلة.

ساعدت إيران أيضًا الرئيس بشار الأسد في سوريا على استعادة سيطرته على الدولة، وهو ما مكَّنها بحسب الصحيفة من تدعيم نفوذها في المنطقة، الذي تنوي إيران الاعتماد عليه في العام القادم لتحقيق مصالحها.

وترى الصحيفة أنَّ تزايد النفوذ الإيراني بهذا الشكل أقلق الولايات المتحدة، التي تخطط لكبح التوسع الإيراني في عام 2019. إذ فرضت واشنطن عقوباتٍ جديدة أقسى على طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي. وتستهدف بضغطها هذه المرة أيضًا حلفاء إيران في لبنان والعراق وسوريا، حيثُ كان يُستخدم النفوذ والمال الإيرانيان بحريةٍ في الماضي. ومع اقتراب الحرب السورية المستمرة منذ ثماني سنوات من نهايتها، تواجه دمشق بسبب هذا الضغط الأمريكي قبضةً اقتصادية خانقة تهدف لتقييد داعميها. تأتي هذه القبضة في صورة التحذيرات الأمريكية الحادة والمستمرة لجيران سوريا من عقد أي صفقاتٍ للتبادل التجاري معها، وهو أمرٌ تراه «الجارديان» غير معتادٍ من إدارة ترامب، التي كانت تميل لعدم التدخل حتى الآن في المنطقة، عدا تدخلها المحدود لدعم الأمير محمد بن سلمان، وحماية إسرائيل، والقضاء على ما تبقى من تنظيم (داعش) في اللكنَّ أمريكا اتخذت خطوةً أخرى في ما يتعلق بالحرب ضد (داعش)، تمثلت في إعلان ترامب الانسحاب من سوريا، بالرغم من اعتراض وزير الدفاع جيم ماتيس الذي استقال بعد القرار. بحسب الصحيفة، هذا الانسحاب يُنهي التحالف بين الأكراد والولايات المتحدة ضد (داعش)، وهو التحالف الذي لم تكن أنقرة تقبل به خوفًا من التعاون بين المسلحين داخل تركيا والمجموعات المسلحة الكردية في سوريا. ومن المتوقع أن يشن الرئيس التركي قريبًا عمليةً عسكرية لإبعاد الأكراد عن حدود بلده شرق الفرات.

تعتقد الصحيفة أنَّ تلك المسألة لا تتعلق بالأكراد فقط، لكن بالنفوذ الإيراني أيضًا، الذي قد يجد تربةً خصبة في منطقة شمال شرق سوريا المعروفة باسم روجافا بعد هزيمة داعش. وفي الشمال، تبدو تركيا مستعدةً للتعاون مع إيران، وهو ما قد يمثل حلقةً ضعيفة في سلسلة العقوبات الخانقة التي تلفها أمريكا حولها. ولهذا منحت أمريكا تركيا ما تريده في روجافا مقابل تحقيق أهدافها في ما يتعلق بإيران، ليكون ذلك الأمر العنصر الأساسي في عملية تحسين العلاقات الأمريكية التركية، التي كانت متوترةً طوال السنوات الثلاثة الماضية. وهذه الانفراجة في العلاقات مع تركيا على حساب إيران بحسب الصحيفة ستكون أمرًا جيدًا أيضًا بالنسبة لإسرائيل، التي تشعر بالقلق من تمدد النفوذ الإيراني في سوريا.

لكنَّ مصير السوريين النازحين داخل سوريا في إدلب في خضم كل هذا لا يبدو واضحًا بعد. يوجد بالمنطقة نحو 2.5 مليون شخص، وما زال الأسد غير قادرٍ على السيطرة عليها بحسب «الجارديان»، ومحاولات استعادتها ستؤدي حتمًا إلى نزوحٍ واسع والكثير من الدماء.

وتشير الصحيفة إلى أنَّ الأسد حاول بالفعل هو وروسيا ادعاء استقرار سوريا وأنَّها جاهزةٌ للاستثمارات والمشروعات، لكن يرى التقرير أنَّه من غير المرجح أن تتدفق أموال إعادة الإعمار قبل التوصل إلى أي تسويةٍ سياسية. فما زال نصف مواطني سوريا نازحين داخل البلاد أو خارجها، ولا يُبدِ سوى عددٍ قليل منهم استعداده للعودة إلى هذا الاستقرار النسبي. ولا تعتقد الأمم المتحدة وهيئات حقوق اللاجئين أنَّ وضع النازحين السوريين سيتغير في النصف الأول من عام 2019 على الأقل.عراق وسوريا.

عن ساسة بريست

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى