حول العالمرأي/ كرونيك

دراسة : عسكرة الأحزاب في مصر 4/1

نشر حديثا بالمعهد المصري للدراسات، مقالا علميا حديثا حول عسكرة الاحزاب السياسية في مصر، ومن أجل انارة القرّاء حول هذا الموضوع نقوم بإعادة نشرها على أربعة اجزاء.

وتقول الدراسة للباحث  خالد فؤاد، أي نظام سياسي يرتبط بوجهته بالنظام الحزبي الموجود وطريقة تشكيله وبالنظم الانتخابية وعملياتها، لذا إذا كانت هناك رغبة في فهم دقيق للنظام المصري الحالي وتوجهاته، فإن أحد جوانب هذا الفهم قراءة شكل النظام الحزبي الذي تشكل بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، وفهم مكوناته الجديدة والقديمة وكيفية تشكل تلك المكونات، مع الأخذ في الاعتبار البيئة التي صاحبت تلك العملية، والتي كان من أهم سماتها دستور شكلي بعيد عن التطبيق وانتخابات لم تقترب من واقع الانتخابات الحقيقية سوى في اسمها فقط وسلطة تمارس الانتهاكات والقمع بشكل مستمر.

وانحصرت السمات الأساسية لنظام السيسي خلال السنوات السابقة في إحكام السيطرة على الحياة السياسية ووسائل الإعلام والأجهزة السيادية وذلك عبر مسارين متوازيين من الإخضاع والإقصاء العنيف، وهو الأمر الذي يمكن أن نلاحظه من حالات الاخضاع التي مورست على غالبية وسائل الإعلام المصرية، وكذلك حالات الإقصاء العنيف التي طالت معظم القوى السياسية التي شاركت بفاعلية في ثورة يناير، وأسفرت عملية إحكام السيطرة عبر تلك المسارات عن تركيز السلطة في أيدي السيسي بشكل ربما يفوق العهود السابقة لعبد الناصر والسادات ومبارك، ويبدو أن السيسي ومع انتهاء “الانتخابات الرئاسية” 2018، واستمراره في الحكم لأربع سنوات قادمة يتجه إلى خلق نوع خاص به من النظام السياسي يعتمد على حياة حزبية تبدو أكثر انتظاماً وهيمنة، بجيث تشمل عدداً من الأحزاب القليلة التي ستتوزع عليها الأدوار ما بين تأييد ومعارضة النظام، وجميعها خاضع للسيطرة.

وتسعى هذه الورقة إلى فهم عملية فك وتركيب وإعادة هيكلة الأحزاب السياسية تحت سقف البرلمان، والأهداف التي يسعى السيسي إلى تحقيقها من خلال تلك العملية، ودلالة توقيتها بعد الانتهاء من “الانتخابات الرئاسية” “وفوز” السيسي بها.

أولاً: الخريطة الحزبية في مصر بعد يناير 2011

مثلت ثورة يناير فرصة نادرة للأحزاب المصرية لإزاحة عوائق ومثبطات العمل السياسي والتراكمات القمعية التي خلفتها سنوات مبارك، والانطلاق نحو حياة سياسية تبدو مناسبة للعمل والتنافس الحزبي والمشاركة في الحكم، الأمر الذي لم يكن ضمن أهداف وأجندة الأحزاب السياسية في عهد مبارك، ومن ناحية أخرى خلقت مساحات الحرية في أعقاب ثورة يناير دافعاً ومبرراً لتكوين وتشكيل أحزاب جديدة تأمل في خوض تجربة العمل السياسي، والمشاركة في الحكم، ومن ثم نتجت عن هذه التحولات الجديدة في البيئة السياسية المصرية مساحات للأحزاب السياسية لم تكن موجودة من قبل، وبرزت الأحزاب السياسية لأول مرة منذ عام 1952 كأداة رئيسية للتعبير السياسي وتمثيل قطاعات مختلفة من الشعب وهو ما ظهر بشكل واضح من خلال الأحزاب اليسارية والليبرالية والإسلامية والقومية واليمينية التي تشكلت سريعاً وتواصلت مع الجماهير مباشرة ودون أي قيود.

من المهم الإشارة هنا إلى أن مصر لم تعرف قانوناً للأحزاب السياسية بعد إنتهاء النظام الملكي وحتى عام 1977، حيث وقع السادات أول قانون للأحزاب السياسية (القانون 40/1977)1 ، وتلا ذلك عدة تعديلات على القانون وصولاً إلى التعديل الذي صدر من المجلس العسكري2 فى مارس 2011، وسمحت تلك التعديلات بالقضاء على القيود التي عطلت وأعاقت العمل الحزبي في الماضي واتاحت الفرصة لحياة حزبية حقيقية لم تستمر طويلاً.

خريطة الأحزاب التي شاركت في الانتخابات البرلمانية 2011 وما تحتويه من أحزاب مستجدة تأسست بعد ثورة يناير وأحزاب قديمة تأسست في عهد مبارك، حيث بلغت نسبة الأحزاب المستجدة التي شاركت في الانتخابات 80% من أصل 41 حزب مشارك في الانتخابات، في حين بلغت نسبة الأحزاب القديمة التي شاركت في الانتخابات 20%، وتشير تلك النسب، مع إختلاف توجهات الأحزاب المشاركة بوضوح إلى فترة زمنية اتسمت بتعددية حزبية حقيقية لم تشهدها مصر منذ عقود.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى