سياسة

رجالا ونساء غد المغرب يستبدلون مقاعد الدراسة بركوب قوارب الموت

مخطيء من قال إن الحرية لا تكون إلا بلون شقائق النعمان, إنها هنا حرية تبدأ بطعم ملوحة مياه البحر و نكهة رائحة الموت ,لتنتهى باكتساء طعم مرارة وغصة العلقم بالنسبة لأطفال مغاربة بعمر الزهور تجبرهم ظروف إفلاس منظومة التعليم، وشظف العيش، وقلة ذات يد الأسر ,وانسداد الآفاق بوطنهم على هجران دفئ حضن الأمهات مبكرا , والارتماء في صقيع برودة الشتاء السرمدية بالخرب المظلمة والمخابئ السرية,,طلبا للاحتماء بها من ملاحقات القوات العمومية وتامين النفس من شبح مطاردي المتعة الجنسية أو العصابات الإجرامية التي تتاجر بالأعضاء البشرية .

أطفال من الجنسين, ذكورا واناثا زحفت معالم الشيخوخة المبكرة على قسمات وجوههم الغضة فشوهت معالمها, حفاة ارجلهم, يسترون أجسادهم النحيلة المتورمة أعضاؤها والموشومة بآثار جروح حديثة الاندمال بأسمال ممزقة تعتليها الأوساخ, يعانون من الهزال و من سوء التغذية , نظراتهم شاخصة تحدق فى الفراغ… إنهم رجال ونساء غد المغرب التائهون فى أوطان ليست لهم ,بعد أن فقدوا هويتهم و لفظهم وطنهم البخيل مصدر كل هذه التراجيديا الإنسانية,وطنهم الذي طالما رددوا في رحابه أنشودة وطني أنت أب لي وأنت ثالث الأبوين , و الذي أبان عن عدم جارته بهذا الحب المتدفق ويستحق اليوم أن يرثوه باستعارة عنوان كتاب الأديب الجنوب افريقى الان باطون “ابك ياوطنى الحبيب”.

كتب الصحافى بجريدة البايس فرانسيسكو بريخيل مقالا مطولا من طنجة حول الاطفال المغاربة الذين يتحينون فرصة العبور نحو الضفة الاخرى من المتوسط اظهر فيه مدى قوة و صلابة عزيمة واصرار هؤلاء الاحداث على مغادرة وطنهم وبأية وسيلة أو ثمن مادامت الغاية تبرر الوسيلة : الهروب من وضعية سوسيو اقتصادية متأزمة لا تدعو للتفاؤل فى المستقبل المنظور.

فى ذات السياق أورد الكاتب مضمونا لتقرير الذي أصدرته الحكومة الاسبانية مؤخرا حول الاطفال القاصرين المغاربة الذين يعبرون حدود الاتحاد الأروبى بطرق سرية والذي حدد اعداد الاطفال المغاربة المتواجدين تحت كفالة مختلف حكومات الجهات باسبانيا برسم سنة 2015 ب 3341 طفل وفى سنة 2016 قفز العدد ليبلغ سقف 3397 طفلا قاصرا غير مرفق أما في سنة 2017 فقد تم تسجيل ارتفاع محسوس في تنامي عدد الأطفال المغاربة فى وضعية غير قانونية باسبانيا بحيث بلغ عددهم 6441 قاصرا .

أما فى فرنسا يقول الكاتب فقد نشرت لجنة الشؤون الاجتماعية المنبثقة عن مجلس الشبوخ تقريرا مفاده أن سنة 2010 سجلت تواجد 4000 قاصر على الأراضي الفرنسية بينما سجلت سنة 2016 تصاعدا في العدد بلغ حد 13000 فيما تتوقع السلطات الفرنسية ان يبلغ عدد الاطفال المتواجدون على اراضيها بطريقة غير شرعية 25000 عند نهاية سنة 2017 علما يقول التقريران نسبة 70 بالمائة من هؤلاء القاصرين ينحدرون عادة من اصول مغربية.

مقال فرانسيسكو بريخيل أشار الى أن حكومات العديد من الدول الاروبية مثل إسبانيا والسويد وألمانيا مافتئت تتفاوض مع سلطات الرباط حول استعادتها الأطفال المغاربة المتواجدون بأراضيها علما أن ألمانيا قامت مؤخرا بتمويل بناء مركزين بشمال المغرب بطاقة استيعابية تقدر بمائة طفل لكل مركز في أفق استقبال الأطفال القاصرين المغاربة الذين سترحلهم حكومة انجيلا ميركل نحو المغرب.

العديد من وسائل الإعلام بدول الاتحاد الأروبى حسب ما أوردته جريدة البايس, أصبحت تضيق ذرعا في تقاريرها بما تصفه بظاهرة “قطعان ” الأطفال القاصرين الذين يتسكعون بشوارع مدنها وهم تحت تأثير المخدرات,يقتاتون من صناديق القمامة ;و يتصرفون بعدوانية تجاه ساكنة الأحياء التى يحلون بها ; وكثيرون منهم يتورطون في ارتكاب جنح السرقة والاغتصاب.

السؤال الذى يجب توجيهه للحكومة المغربية وللبرلمان على ضوء هذه التراجيديا الانسانية ما مدى جديتهما في التفاعل مع مختلف التقارير التي ترفعها إليها حكومات البلدان الأروبية حول أعداد الأطفال القاصرين المتواجد بنعلي أراضيها والذين تطلب موافقة السلطات المغربية على استقبالهم وتوفير شروط ومقومات إعادة إدماجهم بوطنهم الام ؟ وهل تملك الحكومة تصورا لما يجب اتخاده من تدابير احترازية للحد من نزيف هجرة الاطفال الذين هم ثروة الوطن التي ينبغي الحفاظ عليها والعمل على إعدادها إعدادا جيدا؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى