مجتمع

عسكرة الأحزاب السياسية المصرية 4/2

نشر المعهد المصري للدراسات، دراسة حول تأثيرات وتتدخلات الرئيس المشير السيسي، وباقي النخب العسكرية في المشهد السياسي المصري، دراسة سبق وأن نشرت جريدة “دابا بريس” الإلكترونية الجزء الأول منها.

ويقدم الأستاذ فؤاد خالد من خلال هذه الدراسة، معطيات رقمية وتحليلات للمشهد السياسي المصري منذ 2011 وصولا للسنوات الأخيرة.

أولا :الخريطة الحزبية في مصر بعد يناير2011.

مثلت ثورة يناير فرصة نادرة للأحزاب المصرية لإزاحة عوائق ومثبطات العمل السياسي والتراكمات القمعية التي خلفتها سنوات مبارك، والانطلاق نحو حياة سياسية تبدو مناسبة للعمل والتنافس الحزبي والمشاركة في الحكم، الأمر الذي لم يكن ضمن أهداف وأجندة الأحزاب السياسية في عهد مبارك، ومن ناحية أخرى خلقت مساحات الحرية في أعقاب ثورة يناير دافعاً ومبرراً لتكوين وتشكيل أحزاب جديدة تأمل في خوض تجربة العمل السياسي، والمشاركة في الحكم، ومن ثم نتجت عن هذه التحولات الجديدة في البيئة السياسية المصرية مساحات للأحزاب السياسية لم تكن موجودة من قبل، وبرزت الأحزاب السياسية لأول مرة منذ عام 1952 كأداة رئيسية للتعبير السياسي وتمثيل قطاعات مختلفة من الشعب وهو ما ظهر بشكل واضح من خلال الأحزاب اليسارية والليبرالية والإسلامية والقومية واليمينية التي تشكلت سريعاً وتواصلت مع الجماهير مباشرة ودون أي قيود.

من المهم الإشارة هنا إلى أن مصر لم تعرف قانوناً للأحزاب السياسية بعد إنتهاء النظام الملكي وحتى عام 1977، حيث وقع السادات أول قانون للأحزاب السياسية (القانون 40/1977)1 ، وتلا ذلك عدة تعديلات على القانون وصولاً إلى التعديل الذي صدر من المجلس العسكري2 فى مارس 2011، وسمحت تلك التعديلات بالقضاء على القيود التي عطلت وأعاقت العمل الحزبي في الماضي واتاحت الفرصة لحياة حزبية حقيقية لم تستمر طويلاً.

خريطة الأحزاب التي شاركت في الانتخابات البرلمانية 2011 وما تحتويه من أحزاب مستجدة تأسست بعد ثورة يناير وأحزاب قديمة تأسست في عهد مبارك، حيث بلغت نسبة الأحزاب المستجدة التي شاركت في الانتخابات 80% من أصل 41 حزب مشارك في الانتخابات، في حين بلغت نسبة الأحزاب القديمة التي شاركت في الانتخابات 20%، وتشير تلك النسب، مع إختلاف توجهات الأحزاب المشاركة بوضوح إلى فترة زمنية اتسمت بتعددية حزبية حقيقية لم تشهدها مصر منذ عقود.

ويوضح الجدول3 التالي قائمة الأحزاب التي شاركت في انتخابات 2011.

ترسيخ-الاستبداد-عسكرة-الأحزاب-السياسية-في-مصر-1-768x608.jpg

وعبرت نتائج انتخابات 2011 وحجم المشاركة الشعبية التي شهدتها عن إدراك الشعب المصري لحرية الانتخابات ونزاهتها وإدراكه للتعددية الحزبية الحقيقية التي ظهرت بعد يناير 2011، حيث بلغت المشاركة الشعبية نسبة تقترب من 60% من أصل مجموع عدد الناخبين، وتعد النسبة الأعلى 4 في تاريخ الانتخابات النيابية في مصر، وفي ظل حالة التنافسية العالية بين الأحزاب على اختلاف توجهاتها مثلت نتائج الانتخابات اختلاف توجهات الشعب المصري وتنوع مكوناته بأوزان نسبية مختلفة وهو الامر الذي كان يصعب قياسه أو تحديده على وجه الدقة في فترة حكم مبارك (شكل رقم 1).

ترسيخ-الاستبداد-عسكرة-الأحزاب-السياسية-في-مصر-2.jpg

(شكل رقم 1): نتائج الانتخابات البرلمانية في مصر 2011

ثانيا : الخريطة الحزبية في مصر بعد يوليوز 2013

بالرغم من أن الأجواء التي شهدها ميدان التحرير خلال ثورة يناير كانت تشير إلى بداية حياة حزبية جديدة وحريةp الممارسة السياسية، لكن سرعان ما عادت الحياة الحزبية في مصر إلى أنماط الاستقطاب السابقة والتي كانت مستترة تحت تضييقات وبطش مبارك، وكانت درجة الاستقطاب في هذه المرة أشد من أي وقت مضى، وسرعان ما انتهزت المؤسسة العسكرية الفرصة لتعيد صياغة الحياة السياسية في أعقاب إنقلاب عسكري قامت به في صيف 2013، لتبدأ مرحلة جديدة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى