رأي/ كرونيك

في الذكرى 8 لحركة 20 فبرارير… ثقب في سور اليأس

عبد الرحمان الغندور

عَـبَرَتْـنِـي كل الطرقات حتى ضَجِـرَت حوافرُها من كبريائي…وعَـبَـرْتُ طريقا واحدا يَـضُـجُّ بالثمار والسنابل التي لم تنضج بعد….أنشدتني كل الفصول…و عَـرْبَـدَتْ فوق كاهلي أحمال السنين حتى ضجرت مني جراحي…و َـنَّـيْـتُ فصلا واحدا يبدأ بالزهر وينتهي بالبذور…

ما وَهَـنَ العظمُ و لا كَـلَّتْ عزائمُ الأمور…حتى سَـكِـرْتُ ذلك الصباح بخمر معصورة في عيون الشباب…

وجاءتنا الكرامة من خلف سياط الجلاد تخطب ودنا…
وبدا الهلال في الأفق رقيقا، فَـغَـنَّـيْـنَا لِـيَوْمِ اكْـتِـمَـال البدر،
وأسقطنا الحزن من شرفات اليأس…وزَلْـزَلْـنَا سَـوَارِي قلاع القهر،
ورأينا الليل يبكي رحِـيلَـه، البسمةَ تعانق ظِـلَّـهَا، والـقَـدَمَ الراسخة في الأرض تَـنْحَـتُ خطوها، وصارت شرايين الدم قواريرَ من عطر وأريج وعبير… لما عانقتِ الأشجارُ بعضَها و سَـدَّتْ كل منافذها في وجه اليأس…وقال النخل للزيتون لقد صرنا حبيبين…والْـتَـفَّـتْ تحت أهْـدابِـنا أمواجُ البحر…وكَـتَـبْـنَـا على جَـبِـيـنِ العمر نشيد النصر…وصارت الساحاتُ نجوماً تحرس السماء، وتُـسْـقِـطُ من عليائها رموز الغدر….وحَـلَـمْـنَـا بالشهداء يكتبون الأشعارَ ويُـنْـبِـئـُونَـنَـا بقدوم الفجر ….


يا ويلنا حِـيـنَ الْـتَـفَّـتِ الـسَّـاقُ بِـالّـسَّــاق إلى ربهم يومئذ الْـمَـسَأق…جاءتنا يرقات البهتان والكتاب المبين، مدججة بمعسول الكلام، تدغدغ أحلامنا، وتوهمنا أن موعد الفجر سيأتي بعد جفاف السنابل، وأن الصبح في أرضنا مصاب بداء المفاصل…
هل حقا صار حلمنا وهما؟


هل حقا عادت السفينة إلى مرفئها العتيق ، وعاد الصخر رمادا؟؟؟
هل حقا دار بِـنا المدار، والطريقُ بِـنا استدار، وأُسْـدِلَ الستار؟؟؟؟
كيف الْـتَـهَـمَ الخريف الربيع؟ وصِرنا أشباحاً على قارعة الطريق؟؟؟
كيف الضِّـفَـافُ الحُـبْـلَـى أصبحت يابسةً، وكف النهر عن الانسياب؟؟؟
كيف الحريق يطفئ الحريق؟؟؟


لِــيَــكُــنْ مــا كــان….مَـهْـمَـا عَـبَـرَتْـنِـي الطرقات، لا أنسى طريقي وما غرستُ بها من أشجار…ولا أنسى قِـبْـلَـتِـي مهما أتْـلَـفَـهَـا اختلالُ الفصول….هَــا هُــوَّ ظِـلِّـي في المدى لن يقاتل ظِـلِّـي….و نافِـذتي مُـشْـرَعَـةٌ على رحِـيـقِ دمي حتى يضحكَ الولِـيـدُ قبل ميلاده، ويَـسْـخَـرَ من مَـكْـرِ الأقْـــدَار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى