رأي/ كرونيك

في نقد مخالفة قاعدة الحكم على الشيء فرع من تصوره (ظاهرة تخوين قدماء الرفاق نموذجا)

 

بعض المثقفين وقدماء المناضلين ضحوا بالزمن المخصص للتعبير عن التضامن وأسباب الحضور في مسيرة 15 يوليوز، التي دعت لها هيئات غير تلك التي دعت وأطرت مسيرة 8 يوليوز،  وذلك من أجل التفرغ لرصد حضور وإحصاء عدد المتغيبين عن المسيرة من بين قدماء إلى امام و23 مارس من أصول ريفية،  فشكرا لهم على هذا التفاني وعلى نكران الذات ” المشاركة “،  وهو عمل يتنافى مع روح الحق في الاختلاف،  خاصة وأن احدهم،  والذي أكنه كل التقدير،  حرر مقالا يحكم على بعض الغائبين ب ” خونة قضية الريف “،  والحال أن من ذكروا بالاسم والصفة صاروا يحملون قناعات مختلفة عن قناعة محرر المقال،  منذ زمن بعيد،  وهم يتحملون مسؤولية اختيارهم،  لكن ما يهمنا في بسط هذه التدوينة،  هو التذكير بأن الحضور أو عدم الحضور في تظاهرة ما،  ليس معيار أولا قرينة على الوفاء او الإخلال بتعاقد ما،  هذا إن كان للطرفين معا تعاقد فيما بينهما،  يبرر الوصم والاتهام،  بغض النظر عن كون المساءلة ينبغي أن تكون تجاه الإخلال بالمبدأ المشترك، وليس تجاه خطأ في ممارسة الحق في الاختيار والاختلاف،  فمتى كان التكتيك تنظيم تظاهرة محل إجماع ؟ فبالرجوع إلى تاريخ التنظيم الذي كان ينتمي إليه هؤلاء من أعطي بهم مثال التخوين،  فيتضح بانهم كانوا رفاق محرر التدوينة في التنظيم والاعتقال السري والسجن العلني،  وبالتالي كان من المستحب والمنتج للدروس،  تقييم التجربة وتشخيص اسباب العدول عن الاختيار الأصل. إن الأسباب الواردة في المقال معروفة ومألوفة لدى المحللين،  المحترفين او المتطفلين،  ولكن بالنسبة للتحليل الجدلي والعلمي فهي مجرد نتائج لأسباب مادية ومعنوية سابقة،  وبالتالي وجب تحليل المباشر منها وغير المباشر،  ويمكن الانطلاق من الذات نفسها،  ثم من المحيط،  فالصمود سياسي قبل ان يكون إرادويا وذاتيا،  اي ينبغي تقييم اسباب عدم صمود المشروع،  فكريا كان او سياسيا / تنظيميا،  ضمن تقييم عام لمسار ومصير الحركة التقدمية،  وهو ما يقتضي قياس حظوظ مقاومة الانهيار،  من خلال فتح نقاش عمومي او جماعي محدود،  حسب السياق،  للوقوف على الاسباب الحقيقية للوضع موضوع المؤاخذة والنقد الذاتي،  فلا يعقل الحكم على النتائج كمظاهر،  لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره،  فكيف ينظم المواطنون مسيرة من اجل ادانة ” أحكام قاسية ” ويحولها البعض إلى محاكمة غيابية ل ” خونة ” مفترضين للريف ؟ خاصة وأن التعميم يضر بالقضية والتي يتطلب الأمر عدم تقديسها مقابل تبخيس ما هو اعظم واعز ما يطلب،  في سياق الثورة على الاستبداد والفساد وما يرافقهما من تمثلات تكرس الفكر الوحيد والوصاية والابوية واحتكار الحقيقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى