سياسة

من بمقدروه اليوم، الادعاء بأن بإمكانه أن يعبر عن رأيه خارج الشعبوية العارمة التي تجتاح وسائط التواصل؟

 

في هذا الحوار السريع مع الكاتب والفيلسوف والباحث في علم الجماليات، مليم العروسي، الذي حاولت فيه “دابا بريس” معرفة رأيه في العديد من القضايا الشائكة المطروحة في المغرب، قال مليم أن المغرب يعيش مرحلة انتقال مهمة، وأن الأزمة تشمل مجمل النسيج المجتمعي، من مدرسة وسلطة ووو..وقال بضرورة المصالحة مع منطقة الريف، وسجل الموجة الشعبوية المهيمنة والعارمة بالشعبوية حسب تعبيره على وسائط التواصل الاجتماعي…

1-كيف تنظر من منظور المثقف والباحث للوضع العام في المغرب؟

يعيش المغرب مرحلة انتقال مهمة حيث أن هناك أزمات في كل الأنظمة المكونة لمؤسسات نسيج المجتمع المغربي: المدرسة، الأسرة، السلطة، السياسة، النوع (الجنسي)، الثقافة،
الخطاب بصفة عامة،كل هذه المؤسسات تخترقها إعادة نظر لم يسبق أن عاشها المغرب على الأقل منذ الاستقلال إلى اليوم.
وهذه في حد ذاتها ظاهرة صحية تنيئ بحدوث انتقال مهم في البلد.لكن المشكل الذي يسترعي الانتباه هو غياب المواكبة من
طرف الاختصاصيين ومحاولة توجيه النقاش الدائر حول هذه الأسئلة العميقة ورفعها إلى مستوى بيداغوجي في اتجاه
المجتمع وفئات الشباب على الخصوص وهنا تكمن المشكلة إذ لاتتوفر فضاءات للنقاش العمومي. فكل الفضاءات مغلقة لاتقبل الرأي الآخر وتتبنى مبادئ
الإقصاء والتخوين عوض النقاش. وتلفزيون الدولة غائب بشكل كلي عن النقاش والمفكرون والمثقفون غادروا الأحزاب ومؤسساتها
الإعلامية إما مطرودين أو مضطرين. إذا بقيت الأمور هكذا فإن حالة مثل هاته لن تنتج إلا مجتمعا يظن في قرارة نفسه أنه عالم المعرفة بينما هو برفل في الجهل، وهنا مكمن الخطر.

2/كيف تقيم عموما الأحكام التي صدرت في حق معتقلي حراك الريف؟

شباب حراك الريف ناصبوا العداء لكل القوى الوطنية واتهموها باتهامات خطيرة وقالوا إن جميع الأحزاب “دكاكين” ورفضوا كل الوساطات وكأنهم يتهيأون للاستشهاد.

ثم انتقلوا بعد ذلك لتبني الخطاب الديني الذي كان في نظرهم ربما وسيلة من وسائل
التعبئة، لكن يجب أن نقف هنا على ملاحظة مهمة، وهي أن شباب الحراك لم يفطنوا إلى أن هذا الخطاب كان في الواقع تمهيدا بطريقة لاشعورية للوقوع في براثين الإسلام السياسي. أمر سمح للشباب بوضع “السكين” على أعناق كل الفعاليات السياسية والثقافية المغربية، وجعلوا هذه الفعاليات تعيش في الهامش وتجد نفسها كمن وجد نفسه في وضعية الذي يتدخل في ما لايعنيه”. لكنهم في نفس الوقت قاموا بمراجعات مهمة وأعادوا النظر في كثير من البديهيات تبدو لي أنهم نضجوا سياسيا.

اليوم وبغض النظر عن هذه التهم وحقيقتها، والأحكام وقساوتها، فإن الأمر يتطلب مصالحة حقيقية مع هذه المنطقة وإخراجها من
الحصار النفسي التي ضُرِبَ عليها والذي أصبحت بالنهاية تضربه على نفسها.لأن هناك شيئا ما على المستوى الرمزي انفرط أو يكاد لذا يجب الإسراع بحل المشكل قبل فوات الآوان.

3-هل ترى بأن النقاش العمومي (قضايا المغرب اليومفي وضع جيد؟

لقد تدخل اليوم عنصر أساسي في هذا النقاش العمومي، وغيَّر من طبيعته على أعمق المستويات. وأصبح الأمر يتعلق بوسائط التواصل الجديدة وقدرتها الهائلة على خلق الفكر الواحد الأحد. إذ يكفي التصريح بفكرة وتبنيها من طرف إحدى الجماعات المنظمة بشكل يكاد يكون فاشيستيا حتى تصبح هي الحقيقة المطلقة ولا يمكن إعادة النظر فيها.

من بمقدوره اليوم الادعاء بأن بإمكانه أن يعبر عن رأيه خارج الموجة الشعبوية العارمة التي تجتاح وسائط التواصل؟ كل من أراد أن يُسْمِعَ صوته عليه أن يقبل بهذه الآلة الجارفة التي تخنق الفكر النقدي بأصولية فكرية شرسة. عندما أستعمل الأصولية فأنا لاأتحدث عن الإسلام السياسي وحده، الأصولية اخترقت كل المنظومات الفكرية. والخطير في الأمر أن المواقع الإخبارية أصبحت تنصت لهذه الأصوليات وتديع كل أراءها المنغلقة طمعا فيزيادة عدد المتصفحين، إذ هناك قراء قليلون في مقابل عدد هائل من متصفحي العناوين فقط.

خلاصة القول ، النقاش العمومي ليس في وضع جيد اليوم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى