سياسة

هل خلف طلب تعديل الفصل 47 من الدستور إرادة قبلية لإبعاد البيجيدي من قيادة الحكومة؟

 

كان من نتائج رياح الربيع العربي التي هبت على العالم العربي منذ 20111 صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، فإذا كان الجيش المصري قد استطاع الأخذ بزمام الأمور والإطاحة بالإخوان المسلمين والزج بقادتهم، وعلى رأسهم محمد مورسي، في السجن، لم يرد المخزن المغربي التدخل لمنع إخوان العدالة والتنمية من قيادة الحكومة على إثر تجربتين انتخابيتين تشريعيتين شاركت فيهما كل الأحزاب السياسية تقريبا في إطار الدستور الجديد.

وبالرغم من القرارات الأليمة التي تم إقرارها من قبل حكومتي العدالة والتنمية، كرفع الدعم عن المواد الأساسية وتمديد سن التقاعد وفرض نظام التشغيل بالعقدة والزيادة في الأسعار، فقد استمر حزب العدالة والتنمية المغربي في تصدر الانتخابات في المملكة على مدار ثمانية أعوام مضت، وترجّح استطلاعات الرأي استمراره في الصدارة خلال الانتخابات القادمة، التي ستجرى عام 2021.

مع اقتراب موعد هذه الانتخابات التشريعية ارتفعت أصوات من داخل أحزاب المعارضة وحتى من داخل الأحزاب المشكلة للأغلبية (حزب التجمع الوطني للأحرار) لتطالب بتعديل الفصل 47 الذي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي فاز بالرتبة الأولى في انتخابات أعضاء مجلس النواب. وإذا كانت هذه الأحزاب تبتغي بظاهر مبادرتها بتفادي البلوكاج الذي عصف ببنكيران غداة انتخابات 2016، فإن إخوانه يرون في هذا السعي “المحموم” محاولة لمحاصرة حزبهم ومنعه من ترؤس الحكومة بعد الانتخابات المقبلة التي هم متيقنون من حصاد نتائجها لصالحهم.

نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال

كان نزار بركة أول زعيم لحزب يتمتع بالشجاعة السياسية للمطالبة العلنية بتعديل الدستوري. يريد رئيس حزب الاستقلال إجراء تقييم لتنفيذ القانون الأساسي، والتوقف بشكل خاص عن المادة 47 من الدستور، والذي كان هذا البند في الأصل السبب الرئيسي في عرقلة تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2016، وهو ما جسد البلوكاج الذي استمر عدة أشهر.

في ذلك الوقت، لم يكن عبد الإله بنكيران، الذي عينه الملك ، قادرا على تنفيذ هذه المهمة، فقام الملك بتعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيل الأغلبية. كان النقاش حول التأويلات المختلفة للدستور على أشده، لا سيما حول المادة 47 التي تنص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي فاز بالرتبة الأولى في انتخابات أعضاء مجلس النواب. بالنسبة لبركة، هذا البند يدفع الأحزاب السياسية نحو المنافسة غير العادلة. الهدف هو الفوز بالمركز الأول، مهما كانت الوسائل المستخدمة. مقاربة حزب الميزان هاته ليست جديدة اليوم، فعند تقديم مذكرته إلى لجنة مراجعة الدستور، اقترح إمكانية الانتقال إلى الحزب الثاني إذا فشل االحزب الأول في تشكيل أغلبية خلال مهلة زمنية محددة، تم رفض هذا الاقتراح.

االأصالة والمعاصرة الذي فشل الرهان عليه

. بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة،مباشرة بعد الانتخابات البرلمانية لعام 2016، قدم إلى الديوان الملكي مذكرة تدعو إلى المراجعة، لكن داخل حزب البام، لم يحصل الإجماع حول هذه المسألة. عبد اللطيف وهبي ،نائب برلماني وعضو المكتب السياسي، عارض تعديل هذا الفصل، فقد اعتبر هذا المحامي أن صلاحيات الملك، وفقا للمادة 42 من الدستور، تسمح له بتعيين رئيس حكومة للحزب الثاني أو الثالث إذا فشل الأول في تشكيل الأغلبية.

يتشبث حزب العدالة والتنمية الحاكم بالمادة 47 من الدستور؛ ليقينٍ لديه بأنه سيتصدر الانتخابات المقبلة، لذلك يرى الحزب أن المساس بهذه المادة استهداف له، وإذا كانت معظم الأحزاب الأخرى تؤيد مراجعة المادة 47، فليس من الغريب أن يرفضها حزب العدالة والتنمية.

بات البيجيدي يعتقد أن كل هذه المبادرات هي مناورات خالصة لمواجهته، في هذا الصدد قال لحسن الداودي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ووزير الشؤون العامة والحكامة، إنهم يعلمون أنه سيفوز بالرتبة الأولى، ويعتزمون الآن إبعاده من رئاسة الحكومة”.

القيادية ماء العينين التي جرى استبعادها بسبب جدل الحجاب

وبهذا الخصوص قالت أمينة ماء العينينن، نائبة رئيس البرلمان المغربي، لموقع إخباري خليجي: إنّ “هذه الدعوات تستهدف منع الالتقاء بين إرادة الملك وإرادة الشعب المعبَّر عنها في نتائج الانتخابات، وتخلّ بتعزيز المسار الديمقراطي وإشراك المواطنين فيه، الذين ينتظرون أن تتحقق إرادتهم في تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي حاز أغلبية أصوات الناخبين، بحسب منطق تداول السلطة في الديمقراطية

“. وأضافت النائبة عن حزب العدالة والتنمية أن “المطالبة بتعديل الفصل 47 من الدستور هي عملية رفض لنتائج الانتخابات، وإلقاؤها في سلة المهملات، وشرعنة ذلك بحجج إصلاح الدستور”. وأكدت ماء العينين أن “حزب العدالة والتنمية، على الرغم من التشويه الذي يطوله من أحزاب المعارضة ومحاولة ضرب منجزاته، ما يزال بإمكانه احتلال الرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، ولذلك يحاولون الاستعداد من الآن لتصفية الحساب معه عبر محاولة تعديل الدستور”.

نبيل بن عبدالله الذي هدد بالانسحاب من الحكومة

حزب “التقدم والاشتراكية” المتحالف مع حزب العدالة والتنمية في تشكيل الحكومة أبدى اعتراضه على فكرة تعديل الدستور، رغم أنه يلوح أو يهدد بالانسحاب من حكومة العثماني وقال زعيم الحزب، نبيل بن عبد الله: إن “مطلب التعديل لا يراعي مصلحة المملكة وتطور العملية السياسية فيها، والهدف منه حزبي مصلحي ضيق يسعى للتصدي لحزب العدالة والتنمية تحديداً”. وأضاف في حديثه مع نفس الموقع الإخباري المشار إليه قبلا أن “مصلحة البلاد تستوجب مراجعة الدستور بشكل شمولي وليس فقط الاقتصار على الفصل 47، ومراجعة قوانين الانتخابات لتحسينها وليس لتفصيل قوانين على المقاس لفوز جهات معينة بانتخابات 2021”.

وأشار بن عبد الله إلى “ضرورة تطوير القوى السياسية قدراتها عل تنمية تأثيرها في المجتمع، خصوصاً مع تنامي الحركات الاحتجاجية وما تشهده المنطقة من تغييرات في الجزائر وليبيا والسودان”، داعياً إلى “عقلنة العمل السياسي ومحاربة التهميش”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى