نجاة زين الدين تكتب: سئمنا من حياة العبث و من وضع استبداد حكومة تقرر الزيادات المهولة في كل شيء
سئمنا من حياة العبث و من وضع استبداد حكومة تقرر زيادات فجائية في ميزانيات الدولة التي كان من باب المفروض أن تراعي ظروف الأغلبية الساحقة التي تئن تحت وطأة أدنى درجات الفقر في المرحلة الآنية:
وعيد بزيادة في غاز البوطان و توعد باستمرار الزيادات في المحروقات…و تخويف برفع ثمن الدقيق و السكر و كل المواد الأساسية…و قرارات بفرض عقوبات تأديبية في حق كل من احتج على ماالت إليه الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية المأساوية…
لا حديث للشارع المغربي إلا على الزيادات المهولة، التي تعدت سقف المعقول و زجت بكل المواطنين في تساؤلات مونولوغية، ذاتية كالحمقى مخافة الآتي، بدل تحيين أخرى كان من الواجب أن تفتح نقاشات جمعية أَو جماعية جادة، لتدبر الحلول و رصد البذائل…فهذا التوجس من الآتي يستمد مرجعيته من تحسب الأفضع لتفادي عدم القدرة على أداء أقساط القروض التي أنهكت كاهل الجميع بسبب تكاليف الحياة:
تمدرس الأطفال بسبب خوصصة التعليم العمومي الذي صار في خبر كان و كان، بسبب الإملاءات الاستعمارية الجديدة لصندوق النقد الدولي… قروض السكن، التجهيز و العلاج نتيجة خصخصة قطاع الصحة بدوره و سيطرة لوبيات الشركات الأجنبية المتسترة تحت علامات تجارية وطنية على معظم المرافق الصحية الشبه العمومية و الخاصة….
سئمنا من سياسة لهي يا بوملهي، و إلزام فئة عريضة من الشعب المغربي على متابعة أخبار التفاهة و الحرص على تتبع خصوصية أبطال مسارح مسلسل “العشق الممنوع” و ميوعة و انحلال les gangs de los Angeles في شخصية طوطو و بوطو و سوطو…و…توالي سفاهة روتيني اليَومي…سئمنا من خياطة لباسنا دائما على مقاسكم و أذواقكم و رغباتكم…و من اقصائنا من كل الدراسات و الاستراتيجيات و مشاريع القوانين التي ستدبر شأننا..
سئمنا من جرعات الملل التي نتجرعها في كل ثانية و حين من حياتنا و نحن عاجزون عن تسديد ما بذمتنا من التزامات لصعوبة الظرفية و لانعدام هامش الربح الذي تآكل بسبب زياداتكم اللامنطقية…
سئمنا من رؤية كل تلك الدموع الجافة في مقلة كل الأطفال و الشباب و المسنين، و في عيون الآباء و هم يتأوهون من نذرة الإمكانيات لتلبية حاجيات أبنائهم و الإلتزام بمسؤوليات بيوتهم…و من عدد المتسولين الذين فقدوا ماء وجوههم هنا و هناك و هم ينتشرون بحافات الطرقات و كل نقط تنظيم المرور الى جانب الأعداء المهولة من المهاجرين الأفارقة الذين أغرقوا كل المواقع فوضى لعدم تَوفرهم على مأوى للمبيت…نعم كل ذلك لكي يعيشوا، فقط ليعيشوا… و من أااااهات كل الباعة المتجولين الذين يقسمون طيلة اليوم، بعد كل استنكار من المشترين على غلاء الأسعار اللامفهوم…نعم يقسمون برب العباد أنهم يبيعون بضاعاتهم بالخسارة، للتحايل على التجارة، بايهام ذواتهم أنهم يشتغلون، و يرفضون البطالة التي نخرت عظامهم لانعدام فرص في الوظيفة العمومية فمن بين هذه الشريحةقد تجد مجازا او حاملا للماستر تعذرت عليه سبل الحياة فلجأ للفراشة لانتزاع حقه في الوجود…ليعودوا أدراجهم مساءا مصحوبين بإحباطهم و اليأس يأكلهم من فرط الحرارتين:
حرارة الأسعار و حرارة الطقس الذي على ما يبدو يعلن سخطه و يرفض الانسحاب قبل اجتياز مباراته الاستدراكية… يعودون الى بيوتهم و هم يجرون أذيال الخيبة والحسرة، ليتقاسمَوا بهجة الفشل و يتجرعوا هوان المذلة مع قطعة من المخدرات التي يظنون أنها دواء معاناتهم و علاجا لألامهم…بعدما غزت هذه الأخيرة بتسميات و كنيات و عناوين مشفرة كل أرجاء أوساطنا التعليمية التي تخلت فيه كل من المنظومة و المؤسسة التعليمية عن وظيفتهما التربوية و التنويرية و التي كانت تتشبث بزرع القيم النبيلة و الأخلاق الحميدة و صقل العقول، فتحول بذلك فضاؤها إلى حلبة للصراع و العنف المستمرين دون حسيب و لا رقيب أو إلى ما رافق ذلك من انحطاط و انحراف سلوكي، سلبي هجين…لكن عبثا يحاولون… لأنهم على مرارة هذا الواقع الفج سينامون و سيستيقظون…و سينامون و سيستيقظون…ما دامت بوصلة التغيير مفقودة تحت طائلة الشعارات الكاذبة المارقة الساحقة للأحلام و لأننا بكل بساطة نؤدي الآن ضريبة توقيع حكومة ما() باسمنا ذات يوم، على ميثاق العولمة دون استشارة لنا أو إستئدان منا و في تغييب لحضورنا اللامفعل…
و أقصينا من قاموس سياساتنا الإقتصادية النماء الوطني الحقيقي قبل كل شيء، كما قررت ذلك العديد من الدول… بالاعتماد على إمكانياتنا بكل واقعية، بتوظيف خيراتنا و ثرواتنا الطبيعية…و انتهاج سياسات فلاحية وطنية تضمن الأساسي للمواطن المغربي(الحبوب و القطاني و الخضروات و مراعي تقنية للحيوانات…)، مما قد يساهم في ترشيد الفرشة المائية الوطنية التي جفف عطاءها سوء التدبير بزراعة الملايين من الهكتارت بالأفوكا و الباباي و الفريز و البطيخ….إلى غير ذلك من الفواكه التي استنزفت ثروتنا المائية الجوفية، هاته الأخيرة التي تبقى من حق كل المواطنين و من باب العدالة الإجتماعية أن يحظى الجميع بحقه فيها، لا فقط ذاك الذي سمح له بحفر الآلاف من الآبار دون ترخيص لا من الحوض المائي و لا من أي جهة أخرى لأن ريع التسيير منحه الرخصة الضمنية لأنه يتوفر على حصانة(باك صاحبي أو أدخولها بصباطيكم…) و لو توفر مدبروا شأننا العمومي على رجاحة عقل و ضمير حي و حنكة في التسيير و غيرة و حس وطني لما استمروا في الزج برقابنا كرهينة للبنك الدولي و صندوقه المشؤوم، الذي لازالت حكَومتنا تلجأ إليه لعيش البضخ و ضمان أجورها الصاروخية…
و للتمتع بالسيارات الفارهة و المكاتب المكيفة و المكلفة…و لتنظيم مهرجانات الإسفاف و الاستنزاف غير عابئة بحالي و حال الكثيرين، ممن نخر اليأس يومياتهم بالتفكير في كيفية الخروج من نفق العثمة و الأزمة التي أوقفت حال الكثيرين… الكثيرين: كل شيء في إرتفاع و المواطن لا يرغب في اقتناء أي شيء ما عدا جزءا ضئيلا من الضروريات لتعذر جلب جلها…و يمر كل هذا و طوابير المواطنين الموظفين و المقاولين الصغار و المتوسطين تصطف بالمصالح التجارية لكل الأبناك، لإضافة احتناق آخر على اختناق سابق خانق… بحيث يسعى الجميع لسبل سريعة لعلاج النزيف بفتق المزيد من عروق الذات بسبب البحث الدائم عن اقتراض المزيد من الديون لفك الذيون القديمة و لغسل الدم بالدم يا حسرتاه…و للإستمرار في الحلقة السوداء لتلك الدائرة المرسومة بذهاء من صانعي الأبناك الذين قرروا منذ أن أخرجوا السياسة البنكية للوجود للمرة الأولى مسلسل الطامة اللامتناهي ليستقر الأمر بمريدها ب UN AVC ليحكم على ما تبقى من أيامهم بالتنقل ا بمقاعد متحركة ان أسعفتهم الأيام باقتنائها….و ليصنعوا أرباحهم على حساب ضعفاء الإنسانية…و ببؤس الأغلبية…
سئمنا من العشوائية التي تتربع على يومياتنا و تجثم على أنفاسنا: أزبال بالأطنان تغطي محيط كل مدننا و قرانا…لتستقبلنا بمداخلها بكل ترحيب مقزز و مستفز و منفر…سئمنا من وعود كاذبة أسالت لعاب البسطاء الذين صدقوا الأكاذيب بكل سذاجة خلال الحملات الإنتخابية، حينما فضل الكثيرون منهم بيع ذممهم بمبلغ 200 درهم للدورة التشريعية الواحدة أي بما يعادل 10سنتيمات لليوم الواحد…
كما سئمنا كذلك من شعبوية الأدوار داخل أحزابنا السياسية و بهرجتها و التي جعلت من القبة الحمراء حلقة من حلقات جامع الفنا و حلبة هرج و مرج حماماتنا الشعبية…سئمنا من إغراق اسواقنا الوطنية ببضائع تركية و صينية و إسبانية…هاته الأخيرة التي استأنفت حلقات مسلسلها من جديد، في استغلال تام للكثير من نسائنا في إذلال مطلق لكرامتهن و إمتهان سافر لحقوقهن…
فإلى أين المسير يا وطني؟؟؟