نجاة زين الدين تكتب..الأزمة الإقتصادية العالمية: تعريف الأزمة “الحلقة الأولى”
يواجه العالم منذ الخمسين سنة الماضية، أزمات اقتصادية متعاقبة و خانقة، كان سببها الرئيسي الرؤية الثالوثية المشؤومة و المتجسدة في التضخم الداخلي المرتفع و التباطؤ الإقتصادي المقلق و السياسات النقدية العالمية المتشددة، و التي سعت من خلالها القوى الإقتصادية العالمية الكبرى ذات الرصيد المهم من العملات الصعبة(امريكا، اوروبا و اليابان، الصين…) بمختلف الوسائل، احكام قبضتها على كل الدول الضعيفة باذلالها و إستمرار التحكم في مصيرها عن طريق تسهيل سبل المديونية المرتفعة لها باملاءات و شروط استعمارية جديدة، و التي يأتي في مقدمتها التراجع عن المستحقات و الخدمات العمومية، الإجتماعية لصالح الشعوب( بخوصصة كل من قطاع التعليم والصحة و السكن) مما يجعل هذه الأخيرة، بسبب التدبير السيئ لحكوماتها، رهينة سياج الاختناقات الإقتصادية الداخلية و اللااستقرار الإجتماعي الذي يتولى مأمورية إحباط الجميع مما يولد الخوف و الفزع من القادم و يساهم بشكل او بأخر في نشر حالة التدمر و اليأس من الآتي…
الشيء الذي يكرس سرعة انتشار القلق و يودع جماهير هذه الدول على صفيحة نار و غليان محلي خطير، وهو الشيء الذي سيفاقم منسوب الجريمة المنظمة و ينعدم معه الإحساس بالأمن و الأمان بسبب شيوع الغضب الذي يرجعه غالبية سيكولوجي علم الإجتماع الى الإحساس بالحكرة و القهر…
و هذا الوضع الذي يرصد لحدوث كارثة الركود الإقتصادي و الذي سيعدم من خلاله الفقير و ستتحول من خلاله الطبقة المتوسطة إلى طبقة فقيرة، ستصارع إكراهات الحاضر لضمان إستمرار وجودها كذوات بشرية فقط….ان تمكنت من ذلك….
كل هذا يلزمنا بمساءلة الذات و الآخر عن أسباب الأزمة و أثارها التراثبية على كل ما هو اقتصادي و اجتماعي و سياسي و قانوني….
فعندما يكون البنك الدولي أمريكي الموارد و صندوق النقد الدولي صهيوني المرجعية و منظمة التغدية العالمية أمريكية الإستراتيجيات و المخططات و هيأة الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي مقر الطبخات الاستعمارية، المقسمة لخريطة العالم حسب أهواء لعبتها الجديدة من خلال نفث سمَوم الحروب المنسَوجة بسيناريوهات محبوكة و مدروسة فماذا علينا أن نتوقع؟؟؟؟
هل من المعقول أن نتوقع الرخاء و الازدهار و نمني النفس بالامال الكاذبة؟؟ ؟أم علينا أن نفعل أدوارنا كأفراد و مجتمعات و دول لنوقف نزيف المديونية الذي يستهدف الإستمرار في تشديد خناق الحبل حول أعناقنا، و نحن في قمة الإستسلام الهجين في الوقت الذي تستفيد فيه فئة قليلة فقط من تلك الديون: (الحكومات المنتدبة بإسم الشعوب) ياحسرة و التي لا يهمها بتاتا وضع البلاد و العباد، بقدر ما يهما مصالحها الإنتهازية بكل أنانية…و لا تنزعج بالبثة عن حال الشعب…و دون أن تولي الإهتمام للمنتوج الوطني الذي وجب تسييده و تفضيله على الأجنبي لا العكس، لكي لا تعدم مقاولاتنا الصغرى و المتوسطة بدورها …. و ينعكس وضعها سلبا على عمالها عندما يجدون أنفسهم مسرحين و في طابور إحصاء البطالة الوطنية…
فمتى يا ترى سيستفيق فينا الضمير لنسأل عن مال المسير؟؟؟؟
و هل ستدرك شعوب الدول الفقيرة أن التغيير لن يتحقق بالتمني بقدر ما وجب التشبث بالإنتماء و الدفاع عن حق العيش الكريم بتحمل المسؤولية كاملة بعيدا عن غوغائية الأنا المرضية، و المساهمة في البحث عن حلول فعلية لتجاوز الأزمة و اسماع كلمتنا علنا لكي لا نبقى حبيسي احتمالات لو و كم و كيف و لماذا؟؟؟ و نقاشات المقاهي العقيمة و خلف شاشات هواتفنا النقالة…
لقد تمكنت الكثير من الدول من تجاوز آثار الأزمات الاقتصادية الدولية لأنها قررت بكل شجاعة الامتناع عن عروض القروض المقترحة من طرف صندوق النقد الدولي و تحدت إكراهاته بترشيد النفقات الداخلية و تجاوز بضخ الشكليات و تكاليف الأجور المهولة لوزرائها و تنميقات المكاتب التي تجهز عندنا بملايين الدراهم دون حسيب و لا رقيب…