نجاة زين الدين تكتب: إلى من يهمهم الأمر..نحن في أمس الحاجة لركراكيات في الإقتصاد و السياسة و الثقافة و التعليم و الصحة و الشغل..”
بقدر ما أحببنا دائما الشعب الفلسطيني الأبي و دافعنا عن قضيته واعتبرناها قضيتنا الوطنية، و عارضنا التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، يشاركنا اليَوم أبناء هذا الشعب البطل الشجاع على غرار كل الشعوب العربية و الإفريقية، فرحتنا بالفوز على المجتمع الغربي الذي طالما احتكر الانتصار بهذه اللعبة و بالعديد من الرياضات لصالحه، مثلما احتكر الفيفا و كل مجالس القرار بما في ذلك مجلس الأمن الدولي و حق الفيتو و البنك الدولي و صندوقه المشؤوم….. أو زيد او زيد….او سييييررررر…
اليوم، قال الفريق الوطني لكرة القدم أثناء منازلته للفريق الإسباني بأرض قطر الطيبة، كلمة الفصل للدولة المرابطية، و ألزم لاعبي غريمه القشتالي، على حمل حقائبهم و توديع الملعب القطري بهزيمة نكراء 3/0 اهتزت معها أركان الكرة الأرضية برمتها لا فقط شباك الملعب القطري…
أكيد أن الأمر يتعلق بلعبة رياضية شعبية فقط، إلا أن إمتداد حب جماهير كل الشعوب لهذه الأخيرة تعدى سقف الخيال و المستحيل، فجعل منها متنفسا لكل قضاياه الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية…. بحيث عبرت من خلال مواقع تواجدها بجل الملاعب بأصوات موحدة و بشعارات استعراضية تبنت العديد العديد من المواضيع في راهنيتها، حيث رددت جماهير فريق الرجاء البيضاوي على سبيل المثال، بوطننا العزيز كلمات “في بلادي ظلموني” و كذلك كان حال جماهير فريق الوداد البيضاوي عندما رددت كلماتها عن “اااه ايا فلسطين”…. الخ…
َواليوم كذلك، أبان المدرب وليد الركراكي الاستثناء في كرتنا الوطنية، عكس أولئك الأجانب الذين استنزفوا ميزانياتنا بدون روح وطنية أو أية نتيجة، قلت أن هذا الأسد الواثق الخطوة، أبان عن حنكته و حكمة تدبيره و ذكاء توظيفه لكل اللاعبين في مواقع أدائهم بكل إستراتيجية و ذهاء…فأجج بذلك حماسة الفريق و لهيب تصفيق الجمهور في آن واحد، هذا الأخير الذي لم يتخلف عن الموعد فسافر إلى قطر بالرغم من مآسيه و أزمته الإقتصادية و معاناته الكبيرة بسبب غلاء الأسعار و ارتفاع ثمن المحروقات…التي أحرقت معها اليابس و الأخضر من جيوب كل المغاربة…
و لعل نجاح اليوم هو نتيجة حتمية لتلك الإرادة الفولاذية لكل لاعبي الفريق، و لتلك التضحيات التي قدموها بكل نكران للذات، بالرغم من إصاباتهم البليغة، و تصميمهم المسبق و العازم على الفوز و النجاح في مأموريتهم التي لم تكن بالهينة… كل ذلك قدموه في لوحة فنية إبداعية في جو من الانسجام المنقطع النظير و تكتيك متميز و تحد و إصرار تماهى الى درجة التوحد مع اللعبة، مما أبهج الجميع…و أثلج قلوب الملايين من الشعوب العربية و الإفريقية، التي تابعت باهتمام كبير أطوار المباراة…وكل ذلك لم يكن ليتحقق لولا ثقة هذه الأخيرة في الفريق الوطني، حيث كانت بحق أكثر من رائعة، عندما لم تتوانى للحظة واحدة في تقديم كل الدعم و التشجيع بكل الوسائل اللوجيسيكية البسيطة التي توفرت لديها…
و ما نجاح اليوم كذلك، إلا دليل قاطع على وجوب الثقة في كل الكفاءات الوطنية و منحها كل الدعم لإخراج أجود ما عندها و تحفيز عزيمتها على الخلق و الإبداع لا العكس، فإن ما تحقق اليوم في الرياضة ليس بالمستحيل أن يتحقق بمختلف القطاعات و المجالات لو توفرت الإرادة الوطنية الجادة لدى ذوي القرار بالبلاد…و كم نتمنى أن تقود بلادنا ارادات من طينة وليد الركراكي في صدقها و أمانتها و إيمانها المطلق بالنجاح و أن تحرس ثخوم اقتصادنا و تعليمنا و صحتنا عزائم حديدية صلبة كياسين بونو في تفانيها و حرصها و شجاعتها في صد تهديدات الأغيار، هدفها الرئيسي هو صون عرين البلاد و النهوض بها و خلق طفرة التقدم و الازدهار، والتي ينتظرها عموم الشعب و تحصين اقتصادها من مطامع الغرب و صندوقه المشؤوم، الذي أسال لعاب ساستنا فقاموا برهن البلاد و العباد لأنيابه الاستعمارية الجديدة المفترسة، دون رحمة و لا شفقة، فقط للاستفادة من ديون ملعونة لن تزيد الشعب إلا أزمة و إفلاسا، لأننا بالفعل نتوفر على كل الآليات لتحقيق ذلك التقدم الذي طالما حلمنا و خططت له حكومتنا في برامجها الكثييييرة دون نتيجة ملموسة…
.فالله سبحانه و تعالى حبا هذه الأرض الشريفة بكل الخيرات و الثروات الطبيعية و البشريه المتميزة و الفريدة ما قد يؤهلنا حقا إلى خلق التميز و الفوز بأعلى المراتب…لو فقط قطعنا مع الفساد و المفسدين و أوقفنا نزيف الريع و حاربنا الإنتهازيين، و جعلنا نصب أعيننا خطة وليد الركراكي في حماية مربعنا الجغرافي من هجوم الطامعين و عزفنا نشيدنا الوطني بكل صدق و حب و يقين، لتمكنا حينها من انتزاع مصداقية تأهلنا الى صفوف العظام بكل تأكيد لأننا حينها نكون قد أبنا عن انسجامنا القوي و ألهنا مصلحة بلادنا السياسية بضميرها الجمعي(نحن) و بتصورها الديمقراطي الحق على مصلحة “الأنا”و “الذات” الضيقة، و على منطق “الأنانية” بقبحها الوصولي النفعي…
و بهذه المناسبة التي يتقاسم فيها كل المغاربة فرحتهم مع قائد البلاد الذي بالرغم من وضعه الصحي شفاه الله و عفاه، نزل الى الشارع المغربي ليشارك عموم الشعب فرحته، كم نتمنى أن يتم الإفراج عن كل معتقلي الرأي ببلادي ليتحقق التصالح الفعلي مع كل مكونات الشعب و الإستماع إلى همومها و الإنشغال بهواجسها، بدل تكميم أفواهها وارغامها على تجرع مرارة الواقع في صمت و غبن و هوان…لتكون فرحتنا أكبر، لأننا حينها ستقشعر أبداننا أكثر عندما نرى معانقة أمهات المعتقلين لأبنائهن و زوجاتهم لأزواجهن و أبنائهم لأبائهن…و سنتأكد وقتها أن إرادة التصالح مع الشعب المقهور متوفرة…و صادقة…و نوايا من يحكمونا طيبة…
نحن في أمس الحاجة الى ركراكيات في الإقتصاد و السياسة و الثقافة و التعليم و الصحة و الشغل و العمران…الخ… لنفرح هذه الفرحة الكبيرة كما فرحنا اليوم…يكفي فقط فسح المجال لهذا الشعب ليقول كلمته الفعلية و العملية، لنقطع بذلك مع سياسة باك صاحبي و المحسوبية و الاستحواذ على ثروات البلاد و امتلاك الملايين من الهكتارات و التمتع بكل الامتيازات التي لا تزكي في الكثير من الأحيان إلا الفاشلين…الخونة و المرتزقين…و كذلك القطع مع إستبداد الزمرة القليلة في رقاب الملايين التي فاق أنين معاناتها التصور و التخيل في هذا الزمان و كل حين…
ااااه يا وطني كم نحبك فعلا فهلا وثقت فينا فقط بمقدار هذا الحب…و أسعدتنا بمستوى تضحياتنا من أجلك