عن الـAMDH.. لا فرق بين اغتصاب الأرض واغتصاب المقر
عبد اللطيف فدواش
خرجت الجمعية “المغربية لحقوق الإنسان”، كعادتها، بمناسبة يوم الأرض، الذي يصادف الـ30 من مارس من كل سنة، ببيان شجبت، من خلاله، كل أشكل التطبيع مع الكيان الصهيوني في أي مجال من المجالات، إن على المستوى الرسمي أو على مستوى النخب والجمعيات والأفراد، وخصوصا، قطاعات السياحة والتعليم والثقافة والجيش والأمن.
ورغم أني لم أفهم كلمة “خصوصا” الواردة في بيان هذه الجمعية الراديكالية، التي تؤمن بكل شيء إلا حقوق الإنسان، حيث خصت الجمعية رفض “التطبيع” بقطاعات بعينها، قطاعات السياحة والتعليم والثقافة والجيش والأمن، دون قطاعات أخرى، وحسب فهمي المتواضع، الذي لا يرقى لفهم “خبراء حقوق الإنسان” أو من يسيس هذه الحقوق إلى أن تصبح “حزوق”، أن التطبيع والعلاقات بين الدول والشعوب، تطبيع وعلاقات عامة، وأن القطاعات سواسية لا فرق بين القطاعات التي ذكرها ووردت في البيان، (قطاعات السياحة والتعليم والثقافة والجيش والأمن)، وباقي القطاعات الأخرى، مثل الشباب والرياضة والفن والتجارة والسياسة والتكنولوجيا والعلوم… إلا إذا كان لـ”علماء” حقوق الإنسان رأي آخر..
على العموم هذا ليس موضوعنا، والاختلاف لا يفسد لـ”الود” قضية، لأن ما يهمنا، هنا، هو موضوع الأرض المغتصبة، التي وردت في البيان الناري للجمعية الحقوقية، التي أدانت، وبشدة أو إدانة شديدة لـ”كل أشكال التقتيل والتهجير وسرقة الأراضي، وهدم البيوت التي تقترفها قوات الاحتلال الصهيوني، وقطعان المستوطنين المدججين بالسلاح في حق الشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة”.
إلى حدود هنا لا يمكن لأي إنسان عاقل إلا أن يدين، قولا وفعلا، مثل هذه الممارسات، ليس فقط، الدول التي ربطت علاقات مع إسرائيل، من ضمنها المغرب، ومصر والإمارات والبحرين، بل حتى تلك التي تربطها علاقات سابقة ومازالت، مثل تركيا، والأردن، بل الأكثر من هذا، بما فيها جزء كبير من الإسرائيليين في إسرائيل وخارجها.
لكن، وهنا مربط الفرس، فالحقوق لا تتجزأ، وليست بالضرورة مرتبطة بموقف سياسي، ولا بمزاجية شخص أو فئة، إنما هي حقوق شاملة وكونية، والحقوقي المبدئي لا يفصل تلك الحقوق وفق أهوائه، وهو ما تنتصر له هذه الجمعية “المغربية”.
مثلا إن كان الحقوقي المبدئي، طبعا، يؤمن بتقرير المصير في الصحراء، وبتحرير فلسطين مثل الجمعية “المغربية لحقوق الإنسان”، عليه أن يكون له موقف مماثل على الأقل وبمنطق القرب، على مستوى منطقة “القبائل”، التي يطالب جزء كبير من سكانها بالتحرر، وتقرير المصير.
لكن صمت “الرفاق” هنا، يثير تساؤلات، ليس فقط، عن “حيادهم” السلبي من مطلب تقرير المصير بمنطقة القبائل، التي يناضل شعبها من أجل التحرر والاستقلال عن “الدولة العميقة” والطغمة العسكرية في الجزائر، بل أيضا عن الاعتقالات في صفوف المطالبين بتقرير المصير وتلفيق التهم لهم بالعمالة والتجسس.
كما لا يمكن أن نستوعب الصمت المريب للجمعية “المغربية لحقوق الإنسان” عن حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث لم تفرد بيانا خاصا، على حد علمنا، للموضوع.
والمناضل الحقوقي، المبدئي طبعا، المتشبع والمؤمن بحقوق الناس، والمحترم لهذه الحقوق، كما يحترم القوانين والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، من المفروض أن لا يخرق هذه الحقوق التي تقرها المواثيق الدولية.
وهنا نتساءل، هل من حق “الحقوقي” لمجرد أنه “حقوقي” أن يستولي على ملك الغير، كما حدث ويحدث بفرع الحسيمة للجمعية “المغربية لحقوق الإنسان”، فهل هناك فرق بين مستوطن استولى على منزل أو أرض فلسطيني و”حقوقي” استولى على مسكن مواطنة ريفية مغربية مسنة وأرملة لا حول ولا قوة لها أمام جبروت “حقوقي” يبتز السلطات ببيانات نارية، وبحماية دولية، تذكرنا بعهد الحماية، وذلك للاستمرار في تسلطه وجبروته.
ما الفرق، ونحن في ذكرى يوم الأرض، بين فلسطيني شردته إسرائيل، ويناضل من أجل استرجاع منزله، والمسنة ميمونة بن قدو، أرملة علاش اليمني، التي دخلت في معركة احتجاجية، واعتصام أمام منزلها، الذي تتخذه الجمعية “المغربية لحقوق الإنسان”، مقرا لها بمدينة الحسيمة، على سبيل الكراء، وذلك للمطالبة بحقها عن متأخرات واجبات كراء المحل.
هذه الأرملة الطاعنة في السن، والتي أفسد الحقوقيون عليها هذا الشهر المبارك، وأمام قساوة العيش وغلاء الأسعار، لم تطالب سوى بحق من حقوقها المشروعة، ألا وهو متأخرات الإيجار التي تراكمت بذمة الجمعية “المغربية لحقوق الإنسان”، والتي تبلغ حوالي 30 ألف درهم عن 18 شهرا، بمعدل 2500 درهما للشهر الواحد، فهل يساوي هذا المبلغ شيئا أمام المبدأ/ حقوق الإنسان، أليس من حق هذه المرأة تمكينها من حق من حقوقها وهو ثمن الكراء؟؟
إن منطق الاحتلال لا يختلف بين احتلال أرض أو دولة أو منزل أو حتى شقة أو شبر من الأرض، لأن المحتل محتل، ومن يحتل منزلا، اليوم، لو توفرت له السلطة لاحتل الوطن، إذا لا فرق بين اغتصاب إسرائيل لأرض فلسطين، واغتصاب الجمعية “المغربية لحقوق الإنسان مقر وهو منزل وريثة /أرملة أو ورثة علاش اليمني بالحسيمة.
تتحول أساليب التقرب من السلطة إلى شوهة حينما تكون معلوماتنا غير دقيقة أو محرفة