تقرير لصحافي استقصائي أمريكي..حكاية عملية فبركة لشيطنة حماس وكيف قصفت اسرائيل مواطنيها في 7اكتوبر+فيديو 2/2
تقرير يتضمن أدلة وشهادات تكشف عن قصف الجيش الإسرائيلي للمواطنين الإسرائيليين بالدبابات والصواريخ. يوم 7 أكتوبر 2023، وعمليات الفبركة التي قام بها لشيطنة “حماس”
ماكس بلومينتال. Max Blumenthal وهو صحافي استقصائي أمريكي، من عائلة يهودية / دي كرايزون The Grayzone
27 أكتوبر 2023
ماكس بلومينتالترجمة: خالد البكاري
وتُظهِر الصور التي التقطت في أعقاب القتال داخل الكيبوتسات مثل “بئيري”، والقصف الإسرائيلي لهذه المجمعات، أنقاضاً ومنازل متفحمة، تشبه آثار هجمات الدبابات والمدفعية الإسرائيلية داخل غزة. وكما قال توفال إسكابا، المنسق الأمني في كيبوتس “بئيري” لصحيفة هآرتس:”إن قادة الجيش الإسرائيلي أمروا بقصف المنازل على ساكنيها، من أجل القضاء على الإرهابيين والرهائن معا”.
وقالت ياسمين بورات، إحدى الحاضرات في مهرجان نوفا الموسيقي، والتي فرت إلى كيبوتس بئيري، للإذاعة الإسرائيلية : “عندما وصلت القوات الخاصة الإسرائيلية لتحرير الرهائن، قضوا على الجميع، بمن في ذلك الرهائن، لأنه كان هناك تبادل إطلاق نار كثيف للغاية”.
وتابعت بورات: “بعد تبادل إطلاق النار الجنوني، أطلقت قذيفتان من دبابة على المنزل. إنه منزل كيبوتس صغير، وليس كبيرًا”.
يظهر مقطع فيديو نشر في تطبيق Telegram على حساب تابع لبرنامج South Responders الإسرائيلي، جثث إسرائيليين تم اكتشافها تحت أنقاض منزل، دمره انفجار قوي ناجم على الأرجح عن قذيفة دبابة، ونشرت صحيفة نيويورك بوست اليمينية تقريرا عن حادثة مماثلة ،متعلقة بالعثور على جثة صبي محروقة تحت أنقاض منزل عائلته في بئيري.
كما أن ظاهرة الجثث المتفحمة التي كانت أيديها وأرجلها مقيدة ( مما يعني أن غرض التقييد كان أخذها رهائن)، والتي عُثر عليها تحت أنقاض المنازل المدمرة، تثير أيضاً تساؤلات حول نيران الدبابات الصديقة.
ووصفت ياسمين بورات، الرهينة التي نجت من المواجهة في بئيري، كيف قام مقاتلو حماس بتقييد يدي شريكها خلف ظهره. وبعد أن استسلم أحد القادة المسلحين، واستخدمها كدرع بشري لضمان سلامته، رأت شريكها ملقى على الأرض، ولا يزال على قيد الحياة. وذكرت أن قوات الأمن الإسرائيلية قتلته بلا شك، هو والرهائن الآخرين، عندما فتحت النار على المسلحين المتبقين بالداخل، مستعملة كذلك قذائف الدبابات.
كما فتحت قوات الأمن الإسرائيلية النار على إسرائيليين فارين، ظنت خطأً أنهم من مسلحي حماس. وذكرت سيدة من عسقلان تدعى دانييل راشيل أنها كادت أن تُقتل بعد هروبها من مهرجان نوفا الموسيقي ،عندما هاجمه مسلحون من غزة. وقالت: “عندما وصلنا إلى الكيبوتس، رأينا قوات الأمن الإسرائيلية، فخفضنا رؤوسنا، لأننا علمنا تلقائيًا أنهم سيشتبهون بنا، خصوصا أننا كنا مختبئين في سيارة صغيرة مهجورة، مركونة في نفس الاتجاه الذي كان الإرهابيون قادمون منه. وبالفعل بدأت قواتنا بإطلاق النار علينا”
وتابعت: “عندما أطلقت قواتنا النار علينا، تحطمت نوافذ السيارة، حينها صرخنا بالعبرية:نحن إسرائيليون!، فتوقف إطلاق النار، وتم نقلنا إلى بر الأمان”.
ولم يكن بعض الإسرائيليين محظوظين مثل راشيل. فقد قُتل أودي أوحنا برصاص الشرطة الإسرائيلية، بالقرب من منزله، بعد أن اشتبهوا أنه مقاتل فلسطيني. واشتكت ابنة أخيه قائلة: ” ‘إن رجلاً بريئاً قُتل بأكثر الطرق إهمالاً”.
تمتلئ وسائل الإعلام الإسرائيلية الآن بتقارير عن قيام الجيش بإطلاق النار على مواطنيهم الإسرائيليين، حتى عندما كانوا يدافعون عن منازلهم من المسلحين الفلسطينيين.
من بين مقاطع الفيديو الأكثر بشاعة لما بعد 7 أكتوبر، والتي نُشرت أيضًا على حساب فيTelegram تابع لـ South Responders، تظهر سيارة مليئة بالجثث المتفحمة، عند مدخل كيبوتس بئيري. وقد قدمت الحكومة الإسرائيلية الجثث على أنها لضحايا إسرائيليين تعرضوا لعنف حماس السادي. ومع ذلك، فإن الجسم الفولاذي المنصهر وسقف السيارة المنهار، والجثث المحروقة بالكامل بداخلها، تشير إلى إصابة مباشرة بصاروخ هيلفاير.
ومن الممكن أيضًا أن يكون ركاب السيارة من نشطاء حماس، الذين تدفقوا بعد اختراق السياج، وربما كانوا عائدين أيضًا إلى غزة مع أسرى إسرائيليين داخل سيارتهم.
قام سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة “جلعاد إردان” برفع صور تظهر مقاتلين قتلى من حماس خلال خطابه في 26 أكتوبرفي الأمم المتحدة. وقال بغضب على المنصة: “نحن نقاتل الحيوانات”، قبل أن يستخرج ورقة تعرض رمز الاستجابة السريعة (QR) مكتوب عليه “امسح ضوئيًا لترى فظائع حماس”.
وعندما قمت بمسح الرمز ضوئيًا مساء ذلك اليوم، وجدت حوالي 8 صور مروعة لجثث محترقة، وأجزاء سوداء من الجسم. وظهر في إحدى الصور كومة من جثث الرجال المتفحمة بالكامل، مكدسة في سلة المهملات. فهل كان رجال الإنقاذ والمسعفون الإسرائيليون سيتخلصون من جثث الإسرائيليين اليهود بهذه الطريقة؟
إن جميع الإسرائيليين الذين قُتلوا في 7 أكتوبر قد تم جمعهم في أكياس جثث فردية، ونقلوا إلى المشارح. وفي الوقت نفسه، أظهرت العديد من مقاطع الفيديو التي سجلها الإسرائيليون عمليات تدنيس جثث مسلحي حماس الذين قتلتهم قوات الأمن، والذين تم تجريدهم من ملابسهم، والتبول عليهم، وتشويه أجسادهم. ويبدو أن إلقاء الجثث في سلة المهملات هو جزء من سوابق إسرائيلية، مرتبطة بسياسة إساءة معاملة جثث الأعداء.
بعد ما يزيد قليلاً عن اثنتي عشرة ساعة من قيام السفير إردان بإشهار الصور الفظيعة المنسوبةلحركة حماس في الأمم المتحدة، احتوى ملف Google Drive الموزع على الصحافيين على مقطع فيديو قصير واحد فقط. ومن بين الصور المختفية في ظروف غامضة، كانت صورة حاوية القمامة المليئة بالجثث المحترقة. هل تم حذفها لأنها تظهر مقاتلي حماس وقد أحرقهم صاروخ هيلفاير، وليس إسرائيليين “يحترقون حتى الموت” على يد حماس؟
وقال بعض رجال الإنقاذ، الذين وصلوا إلى موقع الأحداث في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر، إنهم لم يروا مثل هذا الدمار من قبل. ولكن بالنسبة لأولئك الذين شهدوا القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، فإن صور المنازل المدمرة والسيارات المحترقة أصبحت مألوفة لهم.
أثناء تغطيتي للهجوم الإسرائيلي على غزة الذي استمر 51 يومًا في عام 2014، صادفت سيارة مدمرة في وسط مدينة غزة، كانت مملوكة لسائق سيارة أجرة شاب، يُدعى فضل علوان، وقد اغتالته طائرة إسرائيلية بدون طيار خطأ، حين كانت بصدد استهداف مقاتل جريح من حماس، كان في مستشفى قريب. لما ألقيت نظرة على السيارة من الداخل، كان لا يزال من الممكن رؤية بقايا حذاء علوان الذي ذاب في دواسة الوقود.
بحلول ظهر يوم 7 أكتوبر، كانت المستوطنات والطرق الصحراوية عبر جنوب إسرائيل متفحمة، واصطفت على جانبيها السيارات المدمرة، التي كانت تشبه إلى حد كبير سيارات علوان. فهل كان مقاتلو حماس المسلحون بأسلحة خفيفة قادرين فعلاً على إحداث الدمار على هذا النحو الشامل؟
في 23 أكتوبر جمعت الحكومة الإسرائيلية مراسلي الصحافة الدولية في جلسة دعائية غير رسمية، داخل قاعدة عسكرية مغلقة، وأمد المسؤولون الصحافيين بفيديوهات، وقدموا مجموعة من الادعاءات المرعبة عن مشاهد مروعة من القتل، والتعذيب، وقطع الرؤوس، في هجوم حماس في 7 أكتوبر، وفقا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
ربما تكون الوثيقة الأكثر إثارة للقلق، التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية للصحافيين، هي مقطع فيديو يظهر جثة امرأة محترقة جزئيا، ورأسها مشوه، في حين أن ثوبها مشدود حتى خصرها، وتم إزالة سروالها الداخلي، وفقا لما ذكره موقع “تايمز أوف إسرائيل”.
وقام دانييل عمرام، وهو مدون له شعبية في إسرائيل، بالتغريد: “مقطع فيديو لجثة امرأة محترقة”، مدعيا أنها “تعرضت للاغتصاب، والحرق حية”.
بتحليل الفيديو، فإن الاحتمال الأكبر أن الشابة قُتلت على الفور، جراء انفجار قوي. ويبدو أنها أُخرجت من السيارة التي كانت تجلس فيها، والتي ربما كانت مملوكة لخاطف من غزة. وتم تدمير السيارة بشكل كامل في حقل ترابي، كما هو الحال مع العديد من المركبات الأخرى التي تعرضت للهجوم من قبل مروحيات أباتشي. وقد كانت ترتدي ملابس ضيقة وخفيفة وساقاها متباعدتان.
وعلى الرغم من أنها حضرت مهرجان نوفا للموسيقى الإلكترونية، حيث ارتدت العديد من الحاضرات ملابس ضيقة، وكانت أطرافها المنحنية مطابقة بشكل نموذجي لجسد كان جالسًا في سيارة قبل تيبسه موتا، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين زعموا أنها كانت في تلك الوضعية، لأنها تعرضت لاغتصاب قبل قتلها.
ورغم أن ادعاءات الاعتداء الجنسي ثبت حتى الآن أن لا أساس لها من الصحة، فإن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ميكي إدلشتاين أصر أمام الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في 23 أكتوبر على وجود دليل على الاغتصاب، إلا أنه عندما طلب منه الدليل، قال لتايمز أوف إسرائيل: “لا يمكننا مشاركته”.
هل كانت هذه الشابة ضحية أخرى لأوامر النيران الصديقة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي؟ فقط تحقيق مستقل يمكنه كشف الحقيقة.
داخل غزة، حيث يتم احتجاز حوالي 200 مواطن إسرائيلي كرهائن، لا يوجد شك حول من الذي يقتل الأسرى. ففي 26 أكتوبر، أعلن الجناح المسلح لحركة حماس، المعروف باسم كتائب القسام، أن إسرائيل قتلت ما يقرب من 50 أسيراً، في هجمات صاروخية.
لو ثبت أن الجيش الإسرائيلي قد استهدف عمدا المناطق التي يعلم أن الأسرى محتجزون فيها، فستكون أفعاله منسجمة مع التوجيه العسكري الإسرائيلي المعروف ب”هنبعل”.
تم وضع هذا التوجيه العسكري في عام 1986 بعد الصفقة التي تم عقدها مع أحمد جبريل (الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين/ القيادة العامة)، والتي قامت إسرائيل بموجبها بمقايضة 1150 أسيرًا فلسطينيًا مقابل ثلاثة جنود إسرائيليين. وبعد رد فعل سياسي عنيف، صاغ الجيش الإسرائيلي توجيها ميدانيًا سريًا، لمنع عمليات الاختطاف في المستقبل.ويقضي بالسماح بتصفيةالرهائن مع مختطفيهم، وقد استمد هذا التوجيه العسكري اسمه من الجنرال القرطاجني هنبعل الذي اختار تسميم نفسه، بدلاً من أن يقع أسيراً لدى العدو.
آخر تفعيل مؤكد للتوجيه العسكري “هنبعل”، حدث في فاتح غشت 2014 برفح، عندما أسر مقاتلو حماس ضابطًا إسرائيليًا، وهو الملازم هدار غولدين، مما دفع الجيش إلى إطلاق أكثر من 2000 قنبلة وصاروخا وقذيفة على المنطقة. وأسفر كل ذلك عن مقتل الجندي وأكثر من 100 مدني فلسطيني.
وسواء كانت إسرائيل تقتل مواطنيها الأسرى في غزة عمداً أم لا، فقد أثبتت حساسيتها الغريبة تجاه إطلاق سراحهم فوراً. فبعد رفض عرض من حماس بإطلاق سراح 50 رهينة مقابل الوقود، عاودت إسرائيل في 22 أكتوبر رفض عرض من حماس بإطلاق سراح يوتشيفيد ليفشيتز، ناشطة السلام الإسرائيلية البالغة من العمر 85 عاما، وصديقتها نوريت البالغة من العمر 79 عاما. مقابل قبول تسلمهما فقط.
وعندما وافقت إسرائيل على إطلاق سراحهما في اليوم الموالي، أظهر مقطع فيديو ليفتشيتز وهي تصافح أحد نشطاء حماس، وتقول له بتودد “شالوم”، بينما كان يرافقها خارج غزة. وخلال مؤتمر صحفي في ذلك اليوم، روت المعاملة الإنسانية التي تلقتها من خاطفيها.
لقد تم التعامل مع مشهد إطلاق سراح ليفشيتز باعتباره كارثة دعائية من قبل المشرفين على الدعاية في الحكومة الإسرائيلية، حيث عبروا عن تذمرهم، واعتبروا أن السماح لها بالتحدث علناً كان بمثابة خطأ فادح.
ولم يكن الجيش الإسرائيلي أقل استياءً من حريتها المفاجئة. فقد ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن الجيش يشعر بالقلق من إطلاق المزيد من الرهائن من قبل حماس، فقد يدفع ذلك القيادة السياسية إلى تأخير التوغل البري، أو حتى وقفه في منتصف الطريق”.
ماكس بلوفينتال: صحافي استقصائي أمريكي، من عائلة يهودية، وهو ابن المستشار الإعلامي السابق لبيل كلينتون، عمل ماكس بلوفينتال في كبريات الصحف الأمريكية مراسلا لها في لبنان والآراضي الفلسطينية المحتلة، من مثل “دي الدايلي بيست”، “دي ناشين”، “الهافينغتون بروست”، كما اشتغل مع قناة الجزيرة بالإنجليزية، قبل أن ينشئ الموقع الخاص بالتحقيقات السياسية والحربية “دي كرايزون”، وأصدر الكتب التالية:
• Republican Gomorrah: Inside the Movement that Shattered the Party, 2009, New York, Nation Books.
• Goliath: Life and Loathing in Greater Israel, 2013. New York, Nation Books6 ,7.
• The 51 Day War: Ruin and Resistance in Gaza, 2015. New York, Nation Books.
• The Management of Savagery, How America’s National Security State Fueled the Rise of Al Qaeda, ISIS, and Donald Trump. London/New York, 201918ملحوظة: كل الفيديوهات والصور المذكورة في التحقيق، تجدونها مرفقة بالمقال الأصلي على الرابط:
October 7 testimonies reveal Israel’s military ‘shelling’ Israeli citizens with tanks, missiles