شرفات سيكو-بيداغوجية للباحث المغربي حميد لشهب
صدر عن دار النشر المغربية "منشورات النورس" كتابا للباحث المغربي حميد لشهب موسوما ب"شرفات سيكو-بيداغوجية". ما يميز هذا الكتاب هو اشتغال صاحبه في عالم السيكولوجيا والبيداغوجيا في البلد الذي يعيش فيه (النمسا) منذ 35 سنة. وهو ما يخول له الكتابة في ميدان التعليم في المغرب كطرف محايد، ما يحركه هو الهم الفكري المرتبط بالميدانين معا، وغيرة وطنية على أهم قطاع وطني على الإطلاق.
يتطرق الجزء الأول من الكتاب إلى الجانب البيداغوجي، محللا بعض مكامن العطب التي تعرفها البيداغوجيا والتربية في المغرب، نظرا للقرارات السياسية التي اختارتها مختلف الحكومات التي حكمت المغرب. كما تطرق إلى ما تقود إليه سياسة “استيراد” نماذج بيداغوجية لم تُطور محليا، وهو استيراد ساهم مباشرة في خلخلة المنظومة التربوية المغربية، التي أصبحت مختبار لـ “التقليعات” الغربية عامة والفرنسية والأنجلوساكسونية بالخصوص. كما وضع الأصبع على مؤثرات سلبية، ساهمت بدورها في خلخلة عالم البيداغوجيا المغربي، وبالخصوص دخول الصورة واستعمالها كأداة بيداغوجية، دون وعي المخاطر الحقيقية لها، سواء أكانت فوطوغرافية أو تسلسل صور في فيلم، لأن تفكيك الخطاب الأيديولوجي الذي تمرره الصورة، وإعمال نقد متخصص (سيميائي، لساني إلخ) لم يحدث، وبالخصوص في زمن الصورة، التي عوضت النص المكتوب تقريبا.
أما الجزء الثاني فقد خصصه حميد لشهب لتتبع مواضيع سيكولوجية لها علاقة بالمواضيع البيداغوجية، التي عولجت في هذا الكتاب، أو التي توجد عموما في البيداغوجيا. فالعنف السياسي مثلا، الذي يُمارس في السياسة التعليمية المغربية يُنتج بطريقة مباشرة وأخرى غير مباشرة عنفا مضادا، سواء من قِبل المشتغلين في القطاع أو التلاميذ والطلبة. كما أنه يؤدي إلى التقليل من قيمة التعليم والتكوين عند المتعلمين، الذي يقود بدوره إلى هدر مدرسي حقيقي، تكون عواقبه واضحة على الواقع الإجتماعي عموما، والأسري بالخصوص.
الكتاب مساهمة فعالة في سبيل فهم واقعنا التعليمي، ونداء للسياسة المغربية من أجل إعادة النظر بجد وجدية في مواقفها وقراراتها، وعدم التعامل مع القطاع كبؤرة توتر بينها وبين الشعب، لأنها في التقليل من قيمة التعليم، يتم التقليل من قيمة المواطن نفسه، وبالتالي تتسع الهوة بين الحكومة والشعب، وهذا يهدد مباشرة التجربة الديمقراطية المغربية الفتية. ولن نتجح أمة لا تعمل كل ما في وسعها من أجل إنجاح ورشة التعليم والتكوين فيها، وتطويره بشريا وماديا، وإعادة الاعتبار لِلتَّعَلَّمِ في المدرسة والجامعة العمومين.
أهدى المؤلف هذا الكتاب لأحد أعمدة أساتذة علم النفس والبيداغوجيا، الأستاذ علي أفرفار، الذي ساهم منذ ثمانينيات القرن الماضي في إرساء دعائم التكوين السيكولوجي والبيداغوجي في المغرب، والذي كان من بين محركي قسم علم النفس بكلية ظهر المهراز بفاس.