الرئسيةرأي/ كرونيك

عماد استيتو لعمر الراضي: ها أنت اليوم تستقبل سنة جديدة من عمرك، سنة رابعة تقضيها بعيدا عن عالمك وفضاءاتنا المشتركة

عماد استيتو
بقلم الصحافي عماد استيتو

عزيزي ورفيقي وزميلي و أخي عمر
ما عادت تسعفنا لا الكلمات ولا الكؤوس للأسف، وها أنت تجدنا مرة أخرى على العهد نردد ذات العبارات و النصوص المتشابهة والأسئلة الملحة كل عام بدون ملل أو كسل.. وهذا النص كذلك هو نفس النص تقريبا الذي كتب منذ سنتين وسنكتبه السنة القادمة، لم يتغير شيء، لم يتغيروا، ولم تتبدل … ونحن لا ننسى ولا نسامح..

الصحافين
 

ها أنت اليوم تستقبل سنة جديدة من عمرك بعيدا عن العين قريبا من القلب، سنة رابعة تقضيها بعيدا عن عالمك وفضاءاتنا المشتركة.. عام آخر معيب افتقدنا فيه إلى ابتسامتك الدائمة مهما كانت الظروف قاهرة، شغفك بالحياة رغم قسوتها، لكن أكثر ما فقدناه من هذا التغييب القسري الذي لا يحتمل هو بحثك المستميت والمستمر عن الحقيقة، وبراعتك في التقاط الأحداث وتفكيكها وبعد نظرك في تحليلها وشجاعتك في طرح القضايا الجادة دون تردد، هذه الملكة التي كانت متوفرة فيك ولم تكن متوفرة في غيرك ..

لا نخفيك أننا نشعر اليوم بفراغ رهيب وصوتك مغيب، نتساءل كيف كنت ستقرأ الأحداث الجارية اليوم لو لم يأخذوك منا و جزء كبير منها توقعته وتنبأت به، أي نقاشات محتدمة كنت ستثيرها معنا..وأي خطوط حمراء جديدة ستتجاوزها لتضع الأصبع على الجرح وتشير إلى المسؤول دون وجل ..

عداد الأرقام البطيء يذكرنا بمرارة الأيام التي تقضيها هناك في السجن نيابة عنا جميعا، ثمن مكلف للغاية تدفعه لرفضك الانحناء وإصرارك على الخوض فيما يتجنبه معظمنا خوفا من دفع ثمن كالذي تؤديه اليوم، ماذا أقول لك يا صديقي ؟، ها نحن نجرب التعافي بالصمت و الصدمة و الاغتراب والتظاهر بالحياة .. أعرف أن الأيام تمضي ثقيلة عليك لأنك محروم من سلطتك الوحيدة التي تمسكت بها: حرية التعبير في الفضاء العام..لا بأس..سنرجع يوما إلى تلك الأيام،فهذه الدار لا تبقي على حالها أحدًا..

صورة ارشيفية عمر الراضي ووالديه

عبثا حاولوا إركاعك بتعذيبك معنويا ونفسيا يا عزيزي.. وأنت ما زلت صامدا تجابه قبحهم بالابتسامة وبإطلاق نكات تشبه حريتنا.. كيف يعقل؟ لماذا لم تنكسر يا رجل ؟ ألم تتعلم حروف الاستسلام.؟..

حتى وأنت هناك خلف القضبان ما زلت تؤرقهم، عصي على الاستيعاب مستحيل الاحتواء.. أزعجهم أن تتحول إلى صورة للمقاومة من داخل زنزانتك، إلى رمز للمرحلة البئيسة في دولة كئيبة تسير بالمقلوب تفتقد إلى الخطط وإلى المشاريع.. وهي معركة خاسرة لهم يا عمر.. دخلوا مهزومين وسينهونها خاسرين.
كنا سنقول إننا نشتاق إليك.. ولكنك لم تتركنا أبدا، أنت معنا..
مهزومين وسينهونها مهزومين..

ليس هناك أي شيء رومنسي في السجن.. لكن صبرك وأنت تتحمل هذه المأساة الكبيرة نص جميل في دولة مغرمة بالبشاعة..

عمر الراضي
عزاؤنا الوحيد أننا نعرف أنك بخير،أنك لا تزال واقفا، في وجه المهزلة وساخرا من جلاديك.. أعرف أنك لم تخطط لتكون بطلا، لم تكن هذه من بين أحلامك وأمانيك ، لكنهم وهم يصيغون هذه المؤامرة بهدف تحطيمك وكسرك وقتلك حولوك إلى رمز لنا جميعا، مصدر إلهام.. تزودنا من هناك -حيث ظنوا أنهم انتهوا منك إلى الأبد- بطاقة رهيبة وقوة هائلة نحتاجها لمواجهة هاته الأيام التي لا تسمى.. نكاد نهزم ونستسلم لكنك تحيي فينا الأمل.. أنت بوصلتنا.

كن بخير صديقي
كل عام وأنت حر عزيزي عمر
الصبح قريب جدا
لا بد من الحرية وإن طال الزمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى