السينما و فيلم أعجبني، رائعة سبيلبرغ “the terminal” قصة أغرب من الخيال..وأداء هانكس قمة الإبداع+فيديوهات وصور
هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.
حلقة اليوم: رائعة سبيلبرغ “the terminal”
أنتج ستيفن سبيلبرغ في “المحطة” أو “المطار”، كوميديا نوعية حساسة تم تصميمها بدقة عالية وبمشاعر إنسانية عميقة، بطل الفيلم يدعى فيكتور نافورسكي وصل إلى مطار أميركي فحدث انقلاب في دولته، كراكوزيا التي لم يعد لها وجود. لذلك لا قيمة لجواز سفره وتأشيرته، لم يعد بلده ضمن قائمة الدول المعترف بها أمميا، ولا يمكنه المضي قدما ولا العودة من حيث أتى. أخبره ديكسون مسؤول الجمارك (ستانلي توتشي) أنه حر في البقاء في صالة المطار، لكن ممنوع أن تطأ قدمه الأراضي الأمريكية.. وقد ظل على هذا الوضع لعقدين من الزمان.. تصوروا!
المطارات محطات، انتقالات في الزمان والمكان والقيم، الإقامة على حدود ملغومة مشوبة بالتحول المفاجئ، تضع الأفراد والجماعات على حافة أسئلة ملغزة وتحولات جارفة غير مخطط لها وغير مشتهاة، لكن وحدها الإرادة والتعاون يمكن أن تفرض تحولا لصالح الإنسان والعلاقات الاجتماعية..
نافورسكي (توم هانكس) مواطن من أوروبا الشرقية أجبر على الإقامة في مطار نيويورك. سرعان ما سيجد رفاقا يعتمد عليهم ويحصل على وظيفة داخل المطار ويقع في حب مضيفة جوية (كاثرين زيتا جونز)، تدرب على تدبير أمور حياته اليومية، ورغم نفاذ صبر المسؤول الجمركي على المطار، فإنه وجد في دعم الكثير من العاملين سندا، ودبر مصدر رزقه من خلال رد عربات الأمتعة إلى رفوفها لاسترداد الأموال وإنفاق أرباحه على الطعام.
كان يستيقظ في الخامسة والنصف من صباح كل يوم، قبل وصول الركاب، يحلق ذقنه في دورة المياه العامة. ثم يساعد عمال المطار أو يجمع عربات الأمتعة.. 18 سنة وهو محتجز هنا، لم ير سماء ولا أبصر شمسا، لكنه أمله لم يغب.
في البداية اعتمد على كرم موظفي المطار والمسافرين الذين يعبرون صالة المطار.. يتمتع هؤلاء الأصدقاء بحياة اجتماعية سرية في المحطة، يتغذون على طعام شركات الطيران ويلعبون البوكر ويحكون باستمرار ويعشقون أيضا. يصبح نافورسكي بطلهم عندما يتدخل في قضية تفطر قلب الكل. رجل روسي لديه دواء يحتاجه لأبيه الذي يحتضر، لكن ديكسون يقول إنه يجب أن يبقى في الولايات المتحدة. يشعر الرجل بالضيق، لكن نافورسكي ينزع فتيل الموقف ويجد حلاً مرضيا.
يبدو هذا المعتقل الحر وسط مطار شاسع بلا هوية وطنية، غير هويته الإنسانية، ضحية سوء الحظ والتعنت البيروقراطي في المقام الأول، كان يقوده طموح بسيط وعد به والده، أن يوقع له عازف للجاز ليكمل عدد الفريق الذي عشقه والده الذي توفي دون أن يحقق حلمه الذي أصبح حلم ابنه، يعتقل الجمركي ديكسون نافورسكي ظلما… نافورسكي، الذي يتحدث الإنجليزية قليلاً يرفض خرق القانون.
لن يكذب حتى عندما يعرض عليه ديكسون اللجوء السياسي. “هل تخشى العودة إلى بلدك؟ ألا تخاف من شيء ما؟” فيرد نافورسكي: “أخشى الأشباح”.. يريد ديكسون خروج نافورسكي من المحطة لأنه لا يمكنه العيش هناك إلى الأبد، “لماذا لا يهرب؟” يسأل ديكسون أتباعه، حيث يقف نافورسكي بجوار باب مفتوح تركه ديكسون عمدا دون حراسة. تتمثل خطة ديكسون في نقل نافورسكي إلى سلطة أخرى ليتحلل هو من المشكل، يشرح لموظفيه: “أنت تصطاد سمكة صغيرة وتفكها بحذر شديد. ثم تعيدها إلى الماء، حتى يتمكن شخص آخر من اصطيادها”.
نافورسكي رجل لا يشبه أي رجل واجهه ديكسون على الإطلاق، ليس لديه مكر ولا دوافع خفية، يثق في خدمة الهجرة وفي النظام القانوني الأمريكي ومن الطيبين هنا وهناك.. يقوم توم هانكس بعمل استثنائي في فيلم terminal، حاول العديد من الممثلين القيام به لكنهم فشلوا. إنه يلعب دوره بالكامل بصدق وبتماه كبير مع دوره، لا يبدو أبدا ككوميدي يبحث عن وسيلة للتحايل على الجمهور ليضحكه. لكن تمثيله مذهل حقا، لقد فعل الشيء نفسه في فيلم “Forrest Gump”.
المحطة مليئة بالشخصيات الأخرى التي يعرفها نافورسكي، مثل أميليا مضيفة الطيران (كاثرين زيتا جونز)، التي تقيم علاقة غرامية مع رجل متزوج وتجد أنها تستطيع فتح قلبها لهذا الرجل الغريب والبسيط. وغوبتا البواب (كومار بالاناتوتشي) الذي يترك الأرضية مبللة ويراقب بينما يتجاهل الركاب أهرامات التحذير الصفراء الصغيرة فينزلقون ويسقطون. يقول بمرح طفولي: “هذه هي المتعة الوحيدة التي أمتلكها”.
قام سبيلبرغ وممثلوه وكتابه (ساشا جيرفاسي وجيف ناثانسون) بنسج كوميديا إنسانية لطيفة تخلق التعاطف مع جميع شخصياتها، نغمة إنسانية بروح من الدعابة تذكرنا بمسلسلات “تشابلن” أو “كيتون” حيث تجد الكوميديا والحزن توازنا هشا للالتقاء. منح سبيلبرغ توم هانكس الوقت الكافي والمساحة اللازمة لتطوير مواقف معقدة، كيف سيتعايش مواطن أجنبي في مطار أمريكي هو نفسه مدينة قائمة ومجتمع بأكمله بكل تعقيداته وقوانينه ومساطيره وصراع الخير والشر بين بشره.
موعدنا في القادم من الحلقات مع: الفيلم “مدام كلود” بداية ونهاية أكبر باطرونة للدعارة بفرنسا