الرئسيةرأي/ كرونيك

الحكومة تتنافس على “جائزة المبالغات” مع أرقامها التي تحلق في السماء..من “500 ألف فرصة عمل” إلى “48% بطالة”

تحرير: جيهان مشكور

خرجت الحكومة المغربية في تصريحات حالمة في 6 أكتوبر 2022 ، معلنة أنها ستخلق 500 ألف منصب شغل بين عامي 2022 و2026 بفضل “تعاقد سحري” بين الحكومة والقطاع الخاص والبنوك،كانت النغمة إيجابية، وكأننا أمام انقلاب اقتصادي في بلاد النخيل.

لكن يبدو أن الرياح لم تكن تسير كما تشتهيها الحكومة، حيث بدأت كل تلك الوعود تتلاشى كفقاعة صابون مع مرور الوقت.

مرّ عامان، وها نحن في شتنبر 2024، الحكومة تصدر استراتيجية جديدة تحت شعار “المغرب الرقمي”، تعلن فيها أنها ستخلق 240 ألف منصب شغل بحلول 2030.

يبدو أن لدينا خططاً بقدر عدد النجوم في السماء، لكن هل سنشهد أي منها يتحقق؟ أو هل سنواصل مشاهدة الأرقام تتلاشى في غياهب التاريخ؟

وبينما تتوالى الوعود، يأتي تقرير المندوبية السامية للتخطيط في مايو 2024 ليضع الأمور في نصابها، حيث تشير إلى أن نسبة البطالة في الربع الأول من 2024 بلغت 13.7%، وهي الأعلى منذ عشرين عاماً.
يبدو أن الأرقام تتراقص كراقصي السالسا، لكن على حلبة البطالة وليس في احتفالات النجاح.

وإذا اعتقدت أن الأمور لا يمكن أن تسوء أكثر، فأنت مخطئ، فقد أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في شهر أبريل، عن واقع مقلق لـ 1.5 مليون شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يُعرفون بـ”NEET” (أي “بدون عمل، ولا  تعليم، ولا تكوين”)، وأن هؤلاء الشباب لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين، ويوجدون في وضعية بطالة خارج الساكنة النشيطة، أي لا يبحثون عن شغل لسبب من الأسباب.

وأشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أحمد رضى شامي، خلال تقديمه لمخرجات رأي المجلس في 8 أبريل 2024، لمخرجات رأي المجلس، إلى أن عدد هذه الفئة يُصبح 4,3 مليون شاب إذا تمّ توسيع الفئة العمرية لتشمل من هم بين 15 و35 سنة.

وأظهرت ذات الدراسة أنّ 78% من هذه الفئة لا يعلمون بوجود برامج حكومية أو مبادرات من المجتمع المدني لدعمهم.

كما يرى 60% من المستجوبين أنّ الهدر المدرسي يُعدّ أحد أهمّ أسباب هذه الظاهرة، بينما يُشير 20% منهم إلى أنّ الزواج المبكر للفتيات يُساهم في ذلك.

وشدّد شامي على أنّ المغرب يتمتع ببنية سكانية شابة، لكنّ نافذة الفرصة الديموغرافية ستُغلق بحلول عام 2040، داعيا على ضرورة تكثيف الجهود لاستغلال طاقات ومؤهلات شباب NEET قبل فوات الأوان.


هل تعتقد أن هؤلاء الشباب أصبحوا خبراء في “فن الانتظار”؟ يبدو أن هناك من قرر أن يأخذ “استراحة” غير محددة في عالم البطالة، بينما تتحدث الحكومة عن إنجازات وهمية.

ثم يأتي والي بنك المغرب في شتنبر 2024 ليختم الفصل بكارثة جديدة، حيث يعلن أن نسبة البطالة في صفوف الشباب بلغت 48%. نعم، لقد قرأتم الرقم بشكل صحيح، 48%! كأننا نعيش في رواية خيالية، حيث يصبح الفشل هو القاعدة والنجاح هو الاستثناء، أيمكننا القول إن لدينا “الذروة” في الأرقام السلبية؟

لنكن صادقين، يبدو أن الحكومة المغربية تتنافس على “جائزة المبالغات” مع أرقام البطالة التي تحلق في السماء، في الوقت الذي تطلق فيه وعوداً تتحدث عن “الخلق السحري للوظائف”، يتضح أن النتيجة النهائية هي عدد متزايد من الشباب العاطل عن العمل.

هل حان الوقت لتغيير الاستراتيجيات أم أن الأرقام ستستمر في الانزلاق نحو الأسفل؟ يبدو أن الوضع يستدعي شيئاً أكثر من مجرد الشعارات الجذابة، ويحتاج إلى خطط فعلية وملموسة.

فبينما تستمر الرحلة في عالم الوظائف المفقودة، تظل عقول الشباب تتساءل: “أين هي الوعود التي تم الترويج لها؟”

في النهاية، قد نكون جميعاً بحاجة إلى استراحة في هذا العرض المسرحي الكبير، لكن الخشبة مليئة بالممثلين الذين يبدون غير مستعدين للحديث عن الواقع المؤلم الذي يعيش فيه شباب اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى