السينما و فيلم أعجبني…”هاتف السيد هاريجان”: المخرج هانكوك يعيد أشباح كينغ للسينما+ فيديوهات

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين”دابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

حلقة اليوم:”هاتف السيد هاريجان”: المخرج هانكوك يعيد أشباح كينغ للسينما

في هذا الفيلم المثير المبني على قصة ستيفن كينغ، وإخراج جولي هانكوك John Lee Hancock، صاحب فلمي The Rookie وThe Blind Side، تنشأ علاقة غريبة بين طالب ورجل عجوز وحيد، حيث ظل الشاب المراهق يرسل ويتلقى مكالمات ورسائل من صديقه السيد هاريجان الغامض الذي توفي.

يستأجر دونالد ساذرلاند الملياردير المنعزل في البداية المراهق كريج الذي يأتي إلى قصره في ضواحي مين ويقرأ له بعضا من القصص الكبرى لدوستويفسكي وشارلز ديكنز وتولستوي. على الرغم من أن والد كريج (جو تيبيت) ليس من المعجبين بهاريجان، لكنه يثق في الاستقامة الأخلاقية لابنه.

نجح النجم الصاعد جايدن مارتيل Jaeden Martell كطفل رئيسي يحمل اسم كريجCraig ، في إتقان دور مراهق يعيش مع والده في بلدة صغيرة في ولاية مين. من خلال علاقته بالمليونير المحلي السيد هاريجان الذي وظفه عندما كان صغيرا ليقرأ له روايات بصوت عالٍ بعدما ضعف بصر العجوز.

أصبح العجوز والطفل أقرب من بعضهما البعض، يسأله العجوز: “لماذا تأتي إلى هنا، رغم أني لا أعطيك سوى مال قليل؟” فيجيبه الطفل بثقة: “هذا هو المكان الذي أجد فيه نفسي، وسط مكتبة، بين هذه الذخائر من الكتب أحس بوجودي وأثق في نفسي”، يواصل كريج القراءة لهاريجان خلال خمس سنوات. في عيد ميلاده، تلقى كريج هاتف iPhone من والده الأرمل الذي لا تحضر صورة زوجته إلا عبر ذاكرة الطفل وصورها، وحين تلقى تذكرة يانصيب من هاريجان وربح 3000 دولار، اشترى كريج هاتفا للعجوز كشكر له على الهدية.

لم يكن هاريجان مهتما بالهاتف في البداية لأنه لا يرى فائدة من امتلاك هاتف ذكي يخشى أن يسيطر على حياته إذا بدأ في استخدامه. لكن عندما أوضح له كريج كيفية الوصول إلى سوق الأسهم عبر الهاتف، تغير رأيه، سيستحوذ الهاتف على الرجل العجوز، حيث يقضي وقتًا أطول في الإبحار عبر الإنترنت بدلاً من الاستماع إلى كريج وهو يقرأ له.

يحاول المخرج هانكوك إدخال بعض التعليقات العميقة حول اعتمادنا المفرط على التكنولوجيا التي هي معقدة ومفزعة ليقول لنا: “الهواتف سيئة والكتب جيدة”.

ذات مرة عاد كريج إلى منزل هاريجان لجلسة قراءة فوجد صديقه ميتا. سيضع الهاتف في جيب الرجل الميت بينما هو راقد في نعشه بالكنيسة. ليتمكن من البقاء على اتصال بهاريجان، على الرغم من أنه لا يتوقع الحصول على إجابة عندما يرسل رسائل للرجل الميت لأنه كان يفعل كمتنفس لحزنه.. لكن هنا يتغير إيقاع الفلم ليعود شبح هاريجان الذي يجيب ويرسل إلى كريج بعض الرسائل المشفرة.

نقرأ إحدى الرسائل “C C C sT” ولكن لم يتم شرح معنى ذلك بالكامل. كأن المخرج يصر على أن يبلغنا أن هاريجان حتى بعد الموت امتد إدمانه على هاتفه الجديد إلى ما وراء القبر، ولا يزال كريج يتلقى مكالمات ونصوصا مشفرة.

يصدم كريج مع كيني، المتنمر في المدرسة، الذي طرحه على الأرض وأشبعه ضربا. أرسل كريج بريدا صوتيا إلى هاتف هاريجان يشرح بالتفصيل ما حدث له. بعد فترة وجيزة، تورط كيني في حادث غريب فتم العثور على جثته في الوضع الذي كان فيه جسد كريج بعد أن ضربه المتنمر.

يشتبه كريج في أن شبح السيد هاريجان قتل كيني وعندما اكتشف لاحقا أن صديقه الميت كان له جانب شرير، بدأ يعتقد أن شكوكه كانت صحيحة. وأثناء وجوده في كلية الصحافة، علم كريج بالموت المأساوي لمدرسته المحبوبة في علم الأحياء، السيدة هارت التي قُتلت في حادث سير تسبب فيها سائق مخمور يدعى دين ويتمور. الذي صدر حكم مخفف عليه، فغضب كريج، وعاد إلى المنزل لاستعادة هاتفه القديم. وأرسل لهاريجان بريدا صوتيا يطلب من شبح الرجل قتل دين. بعد فترة وجيزة، تم العثور على دين ميتا في الحمام في مركز إعادة التأهيل. مات بسبب الاختناق وانزلق على نصف قطعة صابون، اتضح أنها كانت الصابون المفضل للسيدة هارت عندما كانت لا تزال على قيد الحياة.

ينزعج كريج عندما يسمع بوفاة دين، على الرغم من مشاركته الفنية. بعد أن تأكد من ذنبه، قرر أن الوقت قد حان لتوديع هاريجان أخيرا، فزار قبر العجوز للاعتذار عن تقديم طلباته القاتلة. ثم ركض إلى البحيرة المجاورة وألقى بهاتفه القديم بعيدا، كأنه ينهي العلاقة بينه وبين روح الرجل الميت. توقف للحظة وفكر في التخلص من هاتفه الحالي أيضا. ولكن كما هو الحال بالنسبة للكثيرين منا، فهو يكافح للتخلي عن الجهاز الذي سيطر على حياته ويقرر الاحتفاظ به.

كريج غير راغب في حذف رقم هاريجان، على الرغم من الحادث العنيف الذي وقع بعد ترك البريد الصوتي. ومع ذلك، فإنه يستبدل هاتفه بهاتف جديد ويضع هاتفه القديم في صندوق أحذية ويخزنه بعيدا. ماذا يعني هذا؟ ربما كان هاريجان يطلب من كريج التوقف عن تقديم طلبات منه بينما كان يحاول أن يرقد بسلام داخل قبره. أو ربما كان يذكّر كريج بأن الانتقام لم يكن الرد على مظالمه. قد يكون أيضا أنه كان يخبر كريج بالتخلي عن اعتماده على هاتفه الذكي. لقد كتب ستيفن كينج ذات مرة: “الموت أحيانا أفضل”.

الهدف البعيد لفلم الرعب هذا، برغم كل الانتقادات الموجهة إليه على مستوى غياب حبكة قوية وإطالة بعض المشاهد دون مبرر، هو أن الهاتف يجعلنا نبحث عن إجابات لأسئلتنا التي نرغب في تصديقها حتى قبل قراءتها، عندما بحث الطفل عن اسم هاريجان على محرك غوغل، كان كريج مستعدا دون وعي للاعتقاد بأن الملياردير العجوز كان رجلا سيئا رغم أنه تصرف مع الطفل بأدب وترك نصيبا من الإرث للخدم وكان كريما.. لذلك عندما قرأ عن ذلك ووجد “كل شيء يلمسه هاريجان يموت” زرعت التقنية هذه الفكرة في ذهنه دون أن يتساءل عما إذا كانت شائعة أم لا.

يشعر كريج بالذنب بشأن وفاة والدته، وبشكل افتراضي، يشعر بالذنب حيال كل ما يجعله يعاني من الوحدة، لذلك فهو يعتمد على ما يمكن أن يضع حداً لبؤسه ويعزله عن العالم الحقيقي، ويقوم الهاتف بهذه الوظيفة، لقد بدأ في البحث عما يريد أن يسمعه ويؤمن به حتى ولو كان “فايك نيوز”، هذه رسالة الفلم في التعامل مع التقنية، عدم التفكير في خيارات الحياة، سيتكلف الهاتف بذلك من خلال مدك بالمعلومات قبل حتى أن تطرح الأسئلة، بالطريقة التي تجعلك تصدق ما يريدون منك أن تصدقه .ويحمل هاتف السيد هاريجان السمات المميزة لأسوأ الأمثلة التي حملتها التقنية لعالم الإنسان خاصة اليافعين غير المحصنين، إذ حتى بعد تأكد الشاب كريج من أن العجوز الميت كان لطيفا رغم الإشاعات الشريرة حول ماضيه، فإنه صدق ما قاله الهاتف وغوغل عنه خلافا للوقائع.

موعدنا في القادم من الحلقات مع: فورد وبراد بيت يصنعان فرجة لقاء الخير والشر في “ملك الشيطان”