الرئسيةرأي/ كرونيكسياسة

عبث الأولويات..المغرب بين الرياضة و الأزمات الاقتصادية أو، (عندما ترتب ساكنة موروكو أولويات ساكنة المغرب)

تحرير: جيهان مشكور

تحت شعار “الأوْلى الرياضة أم الصحة؟”، يبدو أن المغرب في رحلة البحث عن هوية جديدة، حيث قررت الحكومة أن تلقي أموال دافعي الضرائب في ملعب كرة القدم، متجاهلةً بذلك قضايا أكثر إلحاحًا مثل التعليم، الصحة، والعدالة الاجتماعية.

لنبدأ بحسابات الأرقام التي تجعلنا نتساءل، هل أصبح حلم استضافة كأس أمم أفريقيا ومونديال 2030، أكثر أهمية من تخفيف عبء الحياة اليومية على المواطن المغربي؟ في زمن يعاني فيه هذا البسيط من ارتفاع أسعار الطماطم أكثر مما يعاني من ضعف لياقته البدنية.

يبدو أن الحكومة قررت أن الرياضة هي الحل السحري لكل مشاكلنا.

عندما يتجاوز إجمالي الإنفاق على البنيات التحتية الرياضية 288 مليار سنتيم في عام واحد، لا يسع المواطن العادي إلا أن يتساءل: “هل سنركض جميعًا في مضمار الأولمبياد أم سنجد في يوم ما مستشفى لا يطلب منا دفع ثمن الضمادات قبل الحصول على العلاج؟”.

ما الفائدة من تشييد 1855 ملعب القرب إن كان القرب الحقيقي الذي يحتاجه المواطن هو قرب خدمات صحية وتعليمية تحترم كرامته؟، او ربما نحتاج إلى إعادة تعريف معنى “القرب” ذاته، هل يقربنا هذا الإنفاق من حل مشاكل البطالة، أم من توفير تعليم يحترم ذكاء أبنائنا؟

التقرير الأخير حول مشروع قانون المالية لعام 2025 يوضح كيف تُخصص 200 مليار سنتيم لتطوير وتحديث البنيات الرياضية لاستضافة كأس الأمم الإفريقية ومونديال 2030، يبقى السؤال: ما قيمة هذا الاستثمار في رياضة قد لا يستطيع المواطن البسيط شراء تذكرة لمتابعتها، ناهيك عن أن يشارك فيها؟ هل يُضاف هذا إلى قائمة “الإنجازات” التي ستترك المواطن يتساءل إن كان بإمكانه تسديد فواتير الكهرباء والماء أم سيشاهد مباريات المونديال في الظلام؟

ثم هناك 37 مليار سنتيم مخصصة لتنظيم وإعداد التظاهرات الرياضية جنبا إلى جنب مع تخصيص 51 مليارًا و571 مليون سنتيم لدعم الجامعات والجمعيات الرياضية ، أرقام ضخمة، تبدو وكأنها مزحة في وقت مازال ضحايا زلزال الحوز منذ ما يزيد عن عام يعيشون في الخيام يعانون قساوت البرد و حر الصيف و رياح تهب بما لاتشهيه قلوبهم، واليوم انضمً إليهم ضحايا الفيضانات بالجنوب الشرقي و بتازة و جهة الريف عامة يتخبطون تحت وحل الأمطار و دمار البيوت و الفلاحة بمناطق يطلق عليها “المغرب المنسي””المغرب العميق”” المغرب الغير نافع” تعددت الأسماء و المغرب واحد هنا نتكلم عن المغرب و ليس عن موروكو لأن موروكو لهم و المغرب لنا.

دعونا نكون صريحين، لا نحتاج إلى مئات الملاعب في المناطق النائية بقدر ما نحتاج إلى مراكز صحية أو مستشفيات قريبة تداوي آلامنا اليومية.

ما الفائدة من تشييد ملاعب القرب إن كان القرب الحقيقي الذي يحتاجه المواطن هو قرب خدمات صحية و رفع القدرة الشرائية و خفض نسبة البطالة.

ربما تحتاج البلاد إلى إعادة ترتيب الأولويات. فبينما يتم صرف الملايين على الملاعب والمرافق الرياضية، تحتاج المدارس والمستشفيات إلى إنقاذ عاجل.

إانه لا من المضحك المبكي، أن نرى الملاعب تنمو كالفطر في مناطق تكاد تنعدم فيها أبسط متطلبات العيش الكريم،
في مشهد يصور الواقع بمرارة، يبدو أن الرياضة لم تعد مجرد لعبة، بل أصبحت وسيلة لتجميل وجه الاقتصاد المثقل بالديون، ولإشاحة النظر عن الحقائق القاسية التي يعيشها الناس.

في النهاية، قد لا تبدو الأمور مبشرة، ولكننا نأمل أن تُعيد الحكومة النظر في أولوياتها وتفكر في المواطن قبل الكأس. فالتحضير للمناسبات الرياضية يحتاج إلى البنية التحتية، ولكن المواطن يحتاج إلى العيش بكرامة أولاً.

دعونا نأمل أن يدرك المسؤولون أن العدالة الاجتماعية، التعليم، والصحة هي الأهداف الأساسية، وأن الرياضة يجب أن تأتي في المرتبة الثانية، وليس العكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى