التحديات المستجدة بقطاع السجون على ضوء مشروع قانون المالية ل2025
أكد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج في المغرب، أن مشروع قانون المالية لعام 2025 يأتي في ظل “دينامية تشريعية استثنائية” تهدف إلى تطوير منظومة العدالة وتحسين إدارة السجون وإعادة إدماج السجناء، مشيراً إلى أهمية الإصلاحات التي تمت الموافقة عليها مؤخراً، وعلى رأسها القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، وقدم التامك تصريحاته خلال عرضه للميزانية الفرعية للمندوبية أمام لجنة العدل بمجلس النواب، حيث أشار إلى تصاعد أعداد السجناء خلال العام الماضي، إذ بلغت الساكنة السجنية حوالي 105 آلاف سجين حتى أكتوبر 2024، مقارنة بـ 103 آلاف و303 سجناء في نفس الشهر من السنة السابقة.
و تظهر الإحصائيات التي قدمها التامك أن أعداد السجناء في المغرب في تزايد مستمر، مع زيادة تُقدر بحوالي 2000 سجين خلال سنة واحدة، هذه الزيادة تضع عبئاً إضافياً على البنية التحتية للسجون، وتزيد من تحديات إدارة الموارد المتاحة وتحسين ظروف العيش داخل هذه المؤسسات.
ويعدّ هذا الارتفاع المستمر في أعداد السجناء انعكاساً للعديد من العوامل، منها التزايد السكاني وارتفاع معدلات الجريمة، وكذلك التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع المغربي.
في هذا السياق، تواجه إدارة السجون تحديات كبيرة فيما يتعلق بضمان احترام المعايير الإنسانية والحقوق الأساسية للسجناء، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية الكافية، وتأمين المرافق الضرورية التي تستجيب لحاجات الساكنة السجنية المتزايدة.
في هذا الإطار، يشكل القانون الجديد المتعلق بالعقوبات البديلة خطوة هامة نحو معالجة مشكلة اكتظاظ السجون، حيث يسمح للقضاة بفرض عقوبات غير سجنية في حالات معينة، تشمل الخدمة المجتمعية والغرامات المالية والمراقبة الإلكترونية، ومن المتوقع أن يساهم هذا القانون في تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وتقليل الكلفة الاقتصادية العالية المرتبطة بإيواء السجناء، إذ تُعدّ ميزانية إدارة السجون من أبرز بنود الإنفاق في ميزانية الدولة.
إن هذه المقاربة تهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية المجتمع من الجريمة وضمان العدالة الناجعة التي تراعي الحالات الاجتماعية والشخصية للمحكومين، كما أن تطبيق العقوبات البديلة قد يساعد في تسهيل عملية إعادة إدماج المحكومين في المجتمع، وذلك من خلال تمكينهم من العمل وخدمة المجتمع بطرق إيجابية تعزز من اندماجهم في الحياة الاجتماعية بعد انقضاء مدة العقوبة.
هذا و يهدف مشروع قانون المالية لسنة 2025، إلى تعزيز جهود المندوبية العامة لإدارة السجون في تحسين ظروف العيش داخل السجون وتطوير الخدمات المقدمة، وذلك من خلال تخصيص اعتمادات مالية إضافية لدعم البنية التحتية وتوسيع الطاقة الاستيعابية.
كما تسعى المندوبية إلى تعزيز برامج إعادة التأهيل والتكوين المهني، بهدف تزويد السجناء بالمهارات والمعارف اللازمة التي تسهم في إعادة إدماجهم بعد انقضاء مدة عقوبتهم.
ويؤكد التامك على أن المندوبية تعمل على تكثيف الجهود الرامية إلى تحسين ظروف السجناء وتوفير بيئة إنسانية ملائمة، بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدولية، مشيراً إلى أن المندوبية وضعت برامج تأهيلية وتعليمية شاملة تسعى من خلالها إلى تمكين السجناء من بناء مستقبل أفضل.
من جهة أخرى، تواجه المنظومة السجنية في المغرب تحديات متنوعة تشمل الجانب المالي، حيث إن تكاليف إدارة السجون مرتفعة، إضافة إلى التحدي المرتبط بكيفية تقليص الاكتظاظ وتحسين جودة الخدمات، ويبقى تحقيق هذا الهدف رهينا بدعم الحكومة والمجتمع المدني، لتجاوز العقبات التي تحول دون تحقيق إصلاحات جذرية في القطاع السجني، بهدف ضمان توازن بين فرض العقوبات الرادعة من جهة، وتوفير فرص إعادة تأهيل وإدماج للمحكومين من جهة أخرى، بما يسهم في تقليص معدل العود إلى الجريمة ودعم استقرار المجتمع.