أعلنت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT) عن عزمها منح تراخيص لشركتي “ستارلينك” و”وان ويب” لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في المغرب بحلول 2025، و تأتي هذه الخطوة في إطار رؤية “المغرب الرقمي 2030″، التي تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في قطاع الاتصالات والمعلومات، وتعزيز حضور المملكة على الخارطة الرقمية العالمية.
ويُعد هذا التوجه خطوة حاسمة نحو تطوير بنية تحتية رقمية متقدمة، تواكب احتياجات المواطنين والشركات في عصر التكنولوجيا الحديثة.
يذكر أن خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، التي سيوفرها كل من “ستارلينك” و”وان ويب”، ستسهم في تقليص الفجوة الرقمية بين سكان المدن والمناطق النائية، التي تعاني من غياب تام أو ضعف شديد في التغطية.
إن توسيع نطاق الإنترنت ليشمل كافة أرجاء المملكة يعتبر أحد أولويات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، حيث أن ذلك من شأنه تعزيز فرص التعليم الإلكتروني، وتوفير خدمات الصحة عن بُعد، وتحسين إمكانيات الأعمال في المناطق الريفية.
هذا و من المتوقع أن يكون لهذه الخطوة تأثير إيجابي على الاقتصاد المغربي من خلال خلق فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا، إلى جانب دعم بيئة الأعمال والشركات الناشئة، خاصة تلك التي تعتمد على الإنترنيت في تطوير أعمالها.
كما أن هذا التطور الرقمي قد يسهم في جذب استثمارات أجنبية جديدة، لا سيما في المجالات التي تتطلب اتصالًا قويًا ومستقرًا مثل القطاعات المالية والصناعية.
وعلى المستوى الاجتماعي، سيتيح الإنترنت عالي السرعة لكافة المواطنين فرصًا متساوية في الوصول إلى مصادر المعرفة والتعليم والتدريب، مما يسهم في بناء مجتمع رقمي شامل وواعٍ.
وبذلك، فإن هذا المشروع يتجاوز كونه تطويرًا للبنية التحتية، ليصبح عنصرًا مهمًا في تحقيق التنمية المستدامة وتقليص التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين سكان المدن والأرياف و تحقيق العدالة المجالية.
ورغم الآفاق الواعدة، يبقى هناك تحديات محتملة،منها ما يتعلق أساسًا بالجانب التقني والتشغيلي، إذ يتطلب توفير الإنترنيت عبر الأقمار الصناعية بنية تحتية متطورة تشمل محطات استقبال وتوزيع على الأرض، فضلاً عن تقنيات متقدمة لضمان استقرار الاتصال وجودته، و منها تحديات تسعير هذه الخدمات بشكل يتناسب مع القدرات الشرائية للمواطنين المغاربة، وتقديم حلول لدعم الاستدامة البيئية في هذا المجال الجديد.
و لضمان النجاح في هذا الجانب، قد تلعب الشراكات بين القطاعين العام والخاص دوراً حيوياً، إضافة إلى اعتماد سياسات تسعيرية تنافسية تضمن استفادة كافة الشرائح الاجتماعية.
ختاما، تتجه الأنظار إلى عام 2025، حينما تبدأ خدمات الإنترنيت عبر الأقمار الصناعية في المغرب، حيث ستكون هذه الخطوة حجر الزاوية في تغيير المشهد الرقمي في المملكة، وفتح آفاق جديدة للتطور التكنولوجي والاقتصادي، خاصة في المناطق النائية.
وبينما يسعى المغرب إلى تحقيق الشمول الرقمي والارتقاء بجودة الخدمات، تظل المنافسة المفتوحة بين الشركات العالمية والمحلية في مجال الاتصالات عاملاً رئيسيًا في تحديد ملامح المستقبل الرقمي للمملكة.