حميد المهداوي ونحن…
متضامن برأسمالي الرمزي وشغفي وشغبي مع حميد المهداوي…
متضامن معه حد الانصهار والتوحد…
ما أغبى هذه الضوضاء باسم الكرامة…؟
وهل للكرامة من سعر غير الحقيقة…؟
وحدها الحقيقة تسعر الكرامة في مضمار التدافع…
لهذا أنا متضامن مع الحقيقة…
نكاية بالحانات ودفء العاهرات…
نكاية بالليل الخفي في جوارحنا العفنة…
نكاية في النصوص والفصول واللصوص…
نكاية في العاصفة حين تخفي حقدها من صمود الشراع بالهزيم…
نحن الأشرعة المنيعة…
نرتق أنفسنا بأنفسنا…
كيف…؟
لن تفهم الصورة…
لأنك غير قادر على الإيمان بالمعجزات…
تبا لقراصنة السياسة حين يبحرون في غبش الضعف البشري…
سامحني يا حميد المهداوي…
فأنا لا أملك غير الحبر…
كي أتضامن مع شعبنا من خلالك
كي أعبر عن خوفي من غد ينفلت من بين أصابعنا برياح لم نعد قادرين على تحديد من أي تهب…
من رياح… لا نعرف أي شجرة من حديقة مغربنا ستقتلع..
رياح لا نعلم من أي قمقم يخرج جنيها القادر على حرق الآمال بمزاج فارس الطواحين الهوائية
أخوك متعب… مؤرق…
فأنا أكتفي بجبني وجعا
وأحصي عللي من شرفة ذكرياتي
أتابع كل هذا العبث بحذر
أكتب كمن يخطو في حقل مليء بالألغام…
من أين أتى هذا الرهاب الجديد…؟
من استثمر في الخوف والهوان ومَسْكَنة الشعب…
من أين جاء هذا القدر السياسي الذي يفتح غدنا على المجهول…؟
ألم نتصالح مع الجراح والرياح…؟
ألم نؤسس لمغرب الآمال بالغفران والصفح…؟
هل ما يقع مجرد صدفة سياسية…؟
أم أن تغولا قاسيا جديدا يخطف منا الوطن بسلطة المال والطغيان…؟
لا أدري…
لكني خائف اللحظة من كل منعرج في دروب الوطن…
فكل يوم نفقد صمام أمان جديد…
ولا أظن وسادة امتصاص الصدمات كافية…
لهذا أخشى من العابرين في السياسية المغربية…
لأنهم ينتجون الفوضى ويمضون…
لأنهم يعمقون الأعطاب ويختفون…
لأنهم يغنمون باسم حتى الأيديولوجية…
نحن… نحن… -القاطنين- في حلم وطن مازال يلملم جراحه من نتحمل جنون شهوة الزعامة الخرقاء وهزات نزوات العابرين في الوجع المغربي…
نحن علينا دوما أن نؤدي ضريبة الهدر السياسي…
ورغم ذلك فأنا رجل بسيط…
بسيط جدا…
لا أدقق في المفاهيم…
رغم أن الخطاب الواهم الأكاديمي غدا سكا تجاريا…
حلل واغنم…!
أنت أيها المثقف شرعن ما ينتجه كهنة الفوضى الجديدة من آلام لغةً ومفاهيم… وخذ مكانك على مائدة الأنخاب….
أما أنا يا صديقي فكل رأسمالي الكلمة….
بها أدق باب الأدب… والآمال..
بها أواجه القسوة… والجبن وغربة هذه الأيام الصعبة…
هل نعبر هذا الجسر المتداعي وقد تآكل بمواعل الرفاق وقطاع الطرق…؟
هل نصمت… حتى نهنأ بموت على سرير الانكسار…؟
يوما عن يوم… هناك من يأخذ كنا قطعة من الروح…
هناك من يريدنا تافهين… قساة… نقتل بعضنا البعض…
ونتهم الأقدار بدل السياط….
نتهم السماء بدل الرياء والغباء…
نتهم الشجر بدل الصخر…
نكتفي بشاسات باردة تقتات من حياتنا الحقيقة…
ندبر قسوة هذا الزمن المغربي السياسي الملتبس… بالغياب… والأقداح والدعاء…
لهذا يجمعني مع حميد المهداوي الكلمة… والوجع… والألم….
نوجد بالكلمة لا الغنيمة…
الكلمة الحرة المتحررة من شهوة الزعامة…
الكلمة الصادقة المنفلتة من شراك الغنيمة…
يجمعني معه ذاك الحلم الجميل…
الحلم الذي بدأ يتآكل يوما عن يوم…
ذاك الحلم الذي حققناه بقطيعة مؤلمة لكن ضرورية وذات عمق حضاري…
بطفرة ديمقراطية فريدة..
و فجأة التبس المشهد… وتعددت مداخل السلطة…
ولأننا أدمنا قيم المرحلة الفارقة في الزمن السياسي المغربي..
لم نفطن أن هناك من أعاد العداد إلى الصفر…
من يريد هدرا زمنيا آخر في المسار الديمقراطي المغربي…
عفوا… حميد المهداوي….
لا أملك غير الكلمة…
لأعلن تضامني معك…
أقر أنني جبان…
لأن قضيتك تثير أسئلة كبرى…
تلامس النار…
وتعلم أن الكلمة غدت شبهة…
لهذا بكل جبن…
أتضامن معك فقط بالكلمة…
فالمشهد سريالي…حد العبث…
ما أقسى العابرون من اليسار على الشعوب…
من نصدق…. الآن…؟
أغبطك يا حميد على صدقك وشجاعتك…
فلو أردت الغنيمة لاخترت الهروب أو خدمة المال بحسن المآل..
أغبطك على محنتك البهية…
على كثرة الخصوم أوسمتك الشعبية.
فكل خصم غانم….
وأنت صابر محتسب
وكل مدعٍ التحليل طامع…
وأنت صامد بهي القلب
وكل فاهم محلل ناعم… منعم…
فالكلمة من أجل العهارة اللغوية تفتح شهية العبث…
والعابثون كثيرون ويلعبون بالنار…
وأنت… ونحن…
نتساءل كل يوم…
من أين أتى كل هذا البؤس…؟
من الذي جعلنا نطبع مع العار…؟
ما الذي حولنا عن المسار…؟
متضامن مع الأمل في مغرب الأمل من خلالك..