تمر شركة نيسان اليابانية، أحد أعمدة صناعة السيارات العالمية، بأزمة مالية غير مسبوقة تهدد استمراريتها، فالتقارير الأخيرة أشارت إلى أن الشركة تواجه خطر الإفلاس إذا لم تجد دعماً استثمارياً في غضون أشهر قليلة، ومع تعاظم التحديات التي تواجه صناعة السيارات بشكل عام، يبرز التساؤل حول الدور الذي لعبه التحول نحو السيارات الكهربائية في تعميق أزمة نيسان، وما إذا كان هذا التوجه هو السبب الرئيسي خلف تعثرها المالي.
في هذا السياق، يظهر الوضع الراهن في نيسان، مدى تعقد الموقف، فالشركة تعمل بشكل عاجل لتأمين شريك استثماري يمكنه المساهمة في إنقاذها من السقوط، حيث كشفت مصادر مقربة عن كون الشركة تسعى لإيجاد مستثمر طويل الأجل مثل بنك أو شركة تأمين، وذلك بعد تقليص شريكتها الفرنسية رينو حصتها في نيسان إلى أقل من 36% خلال العام الماضي إثر خلافات في إدارة الشركة حيث عانت شركة نيسان من تداعيات هذه الصراعات داخلية و التغيرات الاستراتيجية التي أثرت على استقرارها، وقد أضافت هذه الخطوة ضغوطاً إضافية على الشركة التي تعاني بالفعل من صعوبات هيكلية.
و يذكر أن التقارير الأخيرة كشفت عن إمكانية تدخل هوندا كشريك محتمل لإنقاذ نيسان، فالعلاقة بين الشركتين تطورت في الفترة الأخيرة، حيث أبرمتا اتفاقاً للشراكة في مجالات تطوير السيارات الكهربائية، ووفقاً لمصادر مقربة، فإن تعزيز العلاقات بين الطرفين قد يمثل حلاً ملائماً لنيسان، خاصة وأن هوندا لديها طموحات واسعة في سوق السيارات الكهربائية، ما يجعل التعاون بينهما فرصة لتحقيق المصالح المشتركة.
لكن هل السيارات الكهربائية هي المتهم الرئيسي في أزمة نيسان؟ التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، على الرغم من ضرورته لمواكبة المتغيرات البيئية والتكنولوجية، لكنه أضاف عبئاً كبيراً على الشركات المصنعة للسيارات.
ورغم أن نيسان كانت من أوائل الشركات التي دخلت هذا المجال، حيث قدمت طراز “ليف” الكهربائي الذي لاقى قبولاً واسعاً في بداياته، إلا انها لم تستطع الاستفادة بشكل كافٍ من هذه البداية المبكرة، فالمنافسة الشرسة من شركات أخرى مثل تسلا وصعود الشركات الصينية ساهم في تقليص حصة نيسان في السوق، خاصة مع تباطؤ مبيعاتها في الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة والصين.
وفي مواجهة هذه التحديات، تسعى نيسان لإعادة ترتيب أولوياتها، حيث أعلنت الشركة عن خطط لتوسيع إنتاجها من السيارات الكهربائية والهجينة، خاصة في الأسواق الصينية والأمريكية التي تمثل محور اهتمامها في المرحلة المقبلة، كما أبرمت الشركة اتفاقيات جديدة لتعزيز التعاون مع شركاء مثل هوندا وميتسوبيشي لتطوير تقنيات مشتركة في مجالات السيارات الكهربائية والذكية، إلى جانب هذه الجهود، اضطرت نيسان إلى اتخاذ خطوات قاسية لتقليص التكاليف وإعادة هيكلة أعمالها،خيث أعلنت الشركة في وقت سابق عن خطط لخفض طاقتها الإنتاجية العالمية بنسبة 20%، وإلغاء 9000 وظيفة على مستوى العالم.
جاءت هذه الخطوات بعد أن سجلت الشركة انخفاضاً حاداً في أرباحها التشغيلية خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية، كما أكد ماكوتو أوشيدا، الرئيس التنفيذي لشركة نيسان، أن هذه التدابير تهدف إلى جعل الشركة أكثر مرونة في مواجهة التحديات، وأن هذه التغييرات ليست تقليصاً لعمل الشركة، بل جزء من عملية ضرورية لضمان استدامتها في المستقبل.
في الختام، لا يزال مصير نيسان غير واضح، حيث تتواصل المحاولات لإيجاد شريك استثماري يمكن أن يضمن استمرارية الشركة في ظل هذه الأزمة العميقة. بينما تسعى نيسان لتعزيز إنتاج السيارات الكهربائية والتوسع في أسواق جديدة، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للسيارات الكهربائية أن تكون السبب الرئيسي في الأزمة التي تمر بها نيسان، أم أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا التدهور المالي الكبير؟