شهدت سنة 2024 سلسلة من الأحداث والتطورات التي تركت بصمة واضحة على الصعيدين العالمي والمحلي، مما جعله عامًا حافلًا بالتحديات والإنجازات على حد سواء.
على المستوى العالمي:
ظلت الأزمات الجيوسياسية تهيمن على المشهد، مع استمرار التوتر في مناطق مثل أوكرانيا والشرق الأوسط.
حيث بالرغم من المبادرات الدبلوماسية لحل بعض الصراعات، بقيت الحلول بعيدة المنال، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في العديد من المناطق.
في هذا السياق، شهد قطاع غزة تصعيدًا مؤلمًا جديدًا خلال العام، حيث تسببت العمليات العسكرية والحصار المستمر في تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية بشكل كارثي، رغم المناشدات الدولية لوقف التصعيد وتقديم المساعدات، بقيت الاستجابات محدودة، فيما أظهر سكان غزة صمودًا استثنائيًا من خلال مبادرات شعبية وثقافية أعادت تسليط الضوء على القضية الفلسطينية عالميًا.
في المقابل، كان التغير المناخي حاضرًا بقوة، حيث شهد العالم كوارث بيئية متزايدة مثل الأعاصير والفيضانات التي ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية وأثرت على ملايين الأشخاص. ورغم الجهود الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية، إلا أن الفجوة بين الطموحات والواقع لا تزال قائمة، مما زاد من الضغط على الحكومات والمنظمات العالمية.
واقتصاديًا، استمر العالم في التعافي التدريجي من آثار التباطؤ الاقتصادي الذي ميز السنوات السابقة، ورغم تسجيل نمو معتدل في بعض الاقتصادات الكبرى مثل الصين والهند، إلا أن الأسواق الناشئة واجهت صعوبات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة واضطرابات سلاسل التوريد.
على الجانب الآخر، شهد الذكاء الاصطناعي تقدمًا غير مسبوق، حيث لعب دورًا محوريًا في مجالات متعددة من الرعاية الصحية إلى التعليم، لكنه أثار أيضًا مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل وضرورة وضع تشريعات لضمان الاستخدام المسؤول.
في المغرب
كان عام 2024 عامًا مليئًا بالتحديات والطموحات، على الصعيد الاقتصادي، واجهت البلاد استمرار الضغوط التضخمية التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين، وفي مواجة ذلك أطلقت الحكومة ما اعتبرته دعما للفئات الأكثر تضررًا وتعزيز الاستثمار في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة، غير أنه و لحدود الساعة يظهر أن هذه الإجراءت كانت قاصرة وانتهت في غالبيتها للفشل.
تصاعدت الانتقادات و التساؤلات خاصة المتعلقة بزواج السلطة والمال، وقصور آليات مكافحة الفساد والريع، فضلا عن عدم وضع أولويات تخدم مصلحة الشعب المغربي بكل فئاته، وخاصة منها الفئات الفقيرة وفئة الالطبقة الوسطى التي انحدرت إلى مستويات قياسية في تدني مستواها المعيشي.
ومن ناحية اخرى واصل المغرب ريادته في مجال الطاقة المتجددة، حيث تم توسيع مشروعات الطاقة الشمسية والريحية ضمن استراتيجيته لتعزيز الاستدامة البيئية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. غي أن مثل هذه المشاريع، تتطلب مساحات كبيرة من الأراضي، مما قد يتسبب في بعض الحالات في قلق من التأثيرات البيئية أو على الزراعة، خاصة في المناطق التي تعتمد على الأراضي الزراعية أو التي تحتوي على تنوع بيولوجي حساس. تحتاج هذه المشاريع إلى تقييم بيئي دقيق.
ورغم من تقدم المغرب في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، إلا أن العديد من تقنيات الإنتاج والتخزين ما زالت تعتمد على شركات وتقنيات أجنبية، مما يشكل تحدياً من حيث استقلالية القطاع المحلي ويضع ضغوطاً على الاقتصاد الوطني.
واجتماعيًا، برزت عدة قضايا كالتعليم والصحة والدعم الاجتماعي الذي يرجى أن يكون كأولوية وطنية، مع إطلاق مبادرات تهدف إلى تحسين جودة الخدمات وتوسيع نطاق التغطية الصحية.
وكانت الثقافة والرياضة من أبرز النقاط المضيئة خلال العام، حيث نجح المغرب في تنظيم فعاليات ثقافية كبرى، من مهرجانات سينمائية وموسيقية، إلى جانب تحقيق إنجازات رياضية بارزة على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة في كرة القدم التي استمر فيها المنتخب الوطني في التألق، فيما لازالت أغلب المجالات الرياضية الأخرى تعاني من تواضع الإنجازات، ولازالت تطرح هياكل جامعاتها من استمرار ذات الوجوه المشرفة عليها والمهيمنة على قرارتها.
مع نهاية عام 2024، كان واضحًا أن المغرب والعالم يقفان على أعتاب مرحلة جديدة، مليئة بالتحديات ولكن أيضًا بالفرص التي يجب التقاطها وتنفيذها وفق استراتيجيات تصب نحو تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمناخية.