الرئسيةسياسة

البوطاغاز والدعم الاجتماعي وسؤال من يعاني حقيقة من ارتفاع الأسعار؟

تحرير: جيهان مشكور

في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الأساسية، يأتي تصريح فوزي القجع، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، الذي قال فيه إنه :” لا زيادة في ثمن البوطاغاز حاليا و الميسورين أكثر استفادة من دعم الغاز.”

ليزيد لقجع بهكذا تصريح، من حالة الجدل والارتباك حول سياسة دعم المواد الطاقية، خصوصًا الغاز، الذي يعد جزءًا أساسيًا في حياة المواطن المغربي، سواء في حياته اليومية أو في القطاعات الاقتصادية المنتجة، ففي تصريحات له، دافع لقجع عن السياسة الحكومية في رفع الدعم عن هذه المادة الحيوية بتأكيده أن الميسورين هم الأكثر استفادة منه.

لكن الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، الحسين اليماني، كان له رأي آخر، حيث اعتبر أن تصريحات القجع “غير دقيقة”، مؤكدًا أن سياسة الدعم الحالية لم تعد تسهم بشكل فعال في تخفيف معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فالزيادة في أسعار المحروقات، بما في ذلك البوطاغاز، أدت حسب اليماني إلى ارتفاع غير مسبوق في كلفة الإنتاج في قطاعات حيوية، مثل الزراعة وتربية الدواجن، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز،، ما ألقى بظلاله على القدرة الشرائية للعديد من الأسر، خصوصًا في المناطق القروية حيث يتم الاعتماد على الغاز بشكل رئيسي.

في هذا السياق يوضح اليماني انه إذا كان الأغنياء قادرين على تحمل تكاليف الحياة المرتفعة بفضل وفرة الأموال والتجارة المربحة، فإن الفئات الأكثر هشاشة، مثل العمال والموظفين، يواجهون صعوبة كبيرة في مجابهة هذه الأعباء.

فاليماني يرى أن الدعم الاجتماعي المقدم حالياً لا يمكن أن يكون كافياً للحد من آثار التضخم في الأسعار، خصوصًا إذا كانت الزيادة في الأجور لا تتماشى مع الارتفاع في كلفة المعيشة، ومن هنا، يشير اليماني الى ضرورة تعميم الدعم بشكل أكثر عدلاً ليشمل جميع المواطنين دون تمييز، معتبراً أن هذا من شأنه أن يسهم في استقرار الأسعار بما يتماشى مع مدخول الفقراء.

لكن دعوة اليماني لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتعداها إلى اقتراحات أكثر جرأة تتعلق بإعادة توزيع الثروات في البلاد، فهو يقترح فرض ضريبة على الثروة على الأثرياء لتمويل صندوق المقاصة، الذي من المفترض أن يكون موجهًا لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، إذا يمكن لهذه الضريبة، في رأيه، أن تكون المصدر الأساسي لتمويل دعم المواد الطاقية بطريقة منصفة تراعي العدالة الاجتماعية.

و الواقع أن قضية دعم البوطاغاز ليست مسألة بسيطة أو فردية، بل تتداخل فيها العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب حلولًا جذرية لا تقتصر على مجرد التصريحات أو الإجراءات المؤقتة، فالتحديات التي يواجهها المواطنون، خصوصًا منها الفئات الهشة، تتطلب إصلاحات هيكلية واضحة تتعدى الإعانات المباشرة لتستهدف إعادة هيكلة النظام الضريبي، بما يضمن استدامة الدعم وتخفيف العبء على المواطن.

إن موقف الحسين اليماني، الذي يرى في الحكومة شريكًا في تفاقم الأزمة الاقتصادية، يسلط الضوء على فشل السياسات الحالية في تقديم حلول شاملة للمواطنين، فبينما يسعى المسؤولون إلى تبرير ارتفاع الأسعار بتفسيرات اقتصادية قد تكون صحيحة جزئياً، يبقى الواقع أن المعاناة الحقيقية هي على الأرض، حيث يواجه المواطنون صعوبة في توفير احتياجاتهم الأساسية بسبب تدني الأجور وارتفاع كلفة المعيشة.

ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب الحكومة للمطالب الرامية لتخفيف المعاناة على فقراء هذا الوطن، بل وعلى فئاته الوسطى، أم ستستمر في نهجها الحالي الذي يراعي مصالح فئات معينة دون النظر إلى معاناة الأغلبية؟ هذه الأسئلة تبقى معلقة في انتظار حلول قد تكون غائبة حتى إشعار آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى