
كشف مكتب الصرف في تقريره الأخير عن مؤشرات المبادلات الخارجية لشهر يناير 2025، عن زيادة ملحوظة في العجز التجاري للمغرب ليصل إلى 24,48 مليار درهم.
و يعكس هذا الرقم ارتفاعًا قدره 13,3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يسلط الضوء على تراجع القدرة على تغطية الواردات بالصادرات، وعليه، نجد أن معدل التغطية قد انخفض بنحو 3,5 نقطة، ليصل إلى 59,1% في يناير 2025.
و تعود هذه الزيادة في العجز التجاري إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع قيمة الواردات وتراجع الصادرات بشكل ملحوظ، ففيما يتعلق بالواردات، سجلت السلع ارتفاعًا بنسبة 3,4% ليصل مجموع الواردات إلى 59,84 مليار درهم.
شمل هذا النمو كافة الفئات السلعية، حيث ارتفعت قيمة المنتجات الخام بنسبة 17,8% لتصل إلى 2,96 مليار درهم، في حين شهدت منتجات التجهيز المصنعة ارتفاعًا بنسبة 10,8%، محققة 14,15 مليار درهم.
من جانب آخر، سجلت منتجات الاستهلاك المصنعة زيادة قدرها 6,4% لتصل إلى 12,83 مليار درهم، في حين ارتفعت المنتجات الغذائية بنسبة 3,1% إلى 8,21 مليار درهم، كما سجلت المنتجات نصف مصنعة زيادة طفيفة بلغت 1,7%، ليصل إجمالي قيمتها إلى 13,03 مليار درهم.
أما على صعيد الصادرات، فقد أظهرت الأرقام تحسنًا في بعض القطاعات، ما ساهم في تقليص تأثير العجز التجاري.
القطاع الأبرز في هذا التحسن كان قطاع الطيران، الذي سجل نموًا بنسبة 14,2% ليصل إلى ما يقارب 2,23 مليار درهم.،كما شهد قطاع النسيج والجلد تحسنًا أيضًا، حيث زادت الصادرات بنسبة 5% لتصل إلى 3,75 مليار درهم.
وفيما يتعلق بالقطاعات الاستخراجية الأخرى، فقد شهدت زيادة كبيرة بنسبة 21,2%، محققة 408 مليون درهم.
ورغم التحسن الذي سجلته بعض القطاعات، يظل العجز التجاري يطرح العديد من التساؤلات حول استدامة النمو الاقتصادي للمغرب في ظل هذه التطورات، فزيادة الواردات، التي شملت عدة منتجات أساسية، تثير قلقًا بشأن الاعتماد الكبير على السوق الخارجي والضعف النسبي في بعض القطاعات المحلية التي قد لا تتمكن من مجاراة هذا الطلب المتزايد.
من جهة أخرى، يظهر من البيانات أن الصادرات لم تستطع تحقيق التوازن المطلوب، رغم النتائج الجيدة لبعض القطاعات مثل الطيران والنسيج.
إن هذه المعطيات تفرض على الحكومة والجهات المعنية تعزيز السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تقوية الإنتاج المحلي وتعزيز التنافسية في القطاعات التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، كما أنه من الضروري تبني استراتيجيات جديدة تدعم الصادرات المغربية وتعمل على تقليص العجز التجاري، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر في قدرة المملكة على تحقيق توازن تجاري مستدام.