الرئسيةرأي/ كرونيك

من أجل نبذ كل وصاية أو شعبوية تثيران الانقلاب على الدستور

المنوزي
بقلم مصطفى المنوزي

من حق أي مواطن مغربي أن يدافع عن الوطن والدولة والنظام حتى، بل من الواجب في حالات كثيرة وخاصة الوطن، ولكن ضد أعداء الوطن، وهنا لا يحتاج أي تفويض أو ترخيص؛ فكلنا فداء الوطن؛ غير أنه ينبغي تنسيق الجهود والوسائل والإمتثال لما يصدر عن المؤسسات الدستورية ما دامت الشؤون سيادية وتدخل في إختصاص الدولة وتعبيراتها الدستورية والمؤسستية.

لكن أن تنوب عن الدولة والنظام في مواجهة المواطنين المغاربة دون موجب حق وقانون، فهذه فضالة مرفوضة وتنتمي لنظام الحسبة وشرع اليد دون صفة قانونية أو مصلحة مشروعة يؤطرها التفويض والتكليف؛ وحتى في حالة التوكيل او التفويض رسميا فينبغي عدم التعسف في إستعمال هذا الترخيص، وقد لاحظنا أن بعض الجهات تستغل ” دفاعها ” عن المؤسسات لتصفية الحساب مع خصومها السياسيين، والحال أن السلطة القضائية مختصة والأجهزة الأمنية كذلك، وكل في مجال صلاحياته وإختصاصاته المحددة قانونيا، فبقدر أن الدولة مليئة الدولة ولا يتصور عجزها اامالي أو إفلاسها، فبنفس القدر هي متمكنة من القوة العمومية وكافة الوسائل المشروعة لإنفاذ القانون وفرض النظام العام وإستثباب الأمن والسلامة والسلام.

وإلا فإن الإنفلات سيقع ونعيش منطق اللادولة في صيغة دولة داخل الدولة ، فليس أفظع عيب من بين عيوب الشطط في إستعمال السلطة أو تجاوزها ، سوى عيب الإختصاص ، وعيب انحراف السلطة ، ناهيك عن إنكار العدالة وخرق مبدأ فصل السلطات والإعتداء على اختصاصاتها ، وانتحال صفات ينظمها القانون ، بإسم المواطنة والمزايدة بالوطنية أو الدفاع عن الشعب وتمثيله !

بالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه من ضرورة احترام المؤسسات الدستورية وواجب التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، تجدر الإشارة إلى أن الدستور المغربي قد منح للأحزاب السياسية والتعبيرات المدنية والمجتمعية دورًا محوريًا في إطار النظام التداولي على تدبير الشأن العام؛ إذ أن الديمقراطية التمثيلية تتيح للمواطنين التعبير عن إرادتهم السياسية عبر الانتخابات والمشاركة في صنع القرار، بينما توفر الديمقراطية التشاركية آليات تساهم في إشراك المواطنين في القضايا العامة خارج المؤسسات الانتخابية التقليدية.

فالأحزاب السياسية، باعتبارها جزءً أساسيًا من البناء الديمقراطي، هي الأداة التي من خلالها يتم تمثيل الإرادة الشعبية في المؤسسات التشريعية والحكومية.

فمحاولة تهميش هذا الدور أو تجاوز وجودها عبر وسائل عبر انتحال سلطة الحلول غير الشرعية، قد يؤدي إلى التشويش على المسار الديمقراطي، وقد يهدد بتقويض هوامش إرادة المواطنين في المساهمة في صنع القرارات السياسية؛ أما التعبيرات المدنية من جمعيات ومنظمات غير حكومية وهيئات مجتمعية، تمثل وتشكل أيضًا مكونًا ضروريًا في التعبير عن التنوع المتعدد السياسي والاجتماعي في بلادنا، وهذه التعبيرات تُعتبر جزءً من الممارسة الديمقراطية التي يقرها الدستور وتساعد في بناء مجتمع يتسم بالشفافية والمشاركة الفعالة في كافة المجالات.

غير أن الحلول البديلة (المفروضة غالبا من أعلى )، عن الأحزاب السياسية أو عن التعبيرات المجتمعية المنظمة، وخاصة عندما يتم اتخاذها بطرق غير قانونية أو متجاوزة للاختصاصات الدستورية، قد تفتح الباب أمام فوضى سياسية وقانونية؛ في هذه الحالة، يمكن أن يُستغل هذا الفراغ من قبل بعض الجهات لتحقيق مصالح شخصية أو سياسية، وهو ما يتعارض مع مبدأ السيادة القانونية والعدالة.

الحديث عن “دفاع المواطنين عن المؤسسات” لا يمكن أن يُفهم إلا في إطار مؤسساتي وقانوني مضبوط، حيث لا يمكن لأي طرف أن يتجاوز اختصاصات السلطات القانونية في مؤسسات الدولة، سواء في مجال العدالة أو الأمن. فالتعاطي مع القضايا الوطنية يجب أن يتم من خلال قنوات واضحة ومؤسسات مختصة، وليس عبر آليات موازية قد تؤدي إلى تجاوز النظام القانوني وتفتيت الوحدة الوطنية ، فليس التكفي والتخوين سوى مداخل لكل حرب أهلية.

لذلك فإن احترام التعددية السياسية والمشاركة المدنية في إطار الدستور، يضمن أن تبقى البلاد على مسارها المؤسستي، بعيدًا عن الانزلاق إلى الشرعية الموازية أو الاحتكار السياسي في سياق إشتراطية إقتران المسؤولية والمحاسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى