
زلزال بورما: تواصل جهود الإغاثة والإنقاذ والأمم المتحدة تحذر من “نقص حاد” في الإمدادات الطبية
بعد ارتفاع حصيلة الزلزال القوي، الذي ضرب البلاد، الجمعة، إلى أكثر من 1600 قتيل، ومرور يومين على وقوعه، تتواصل، بصورة مكثفة، جهود إنقاذ الضحايا، وإغاثتهم، عبر فرق تبحث عن ناجين تحت المباني المنهارة. فيما قالت الأمم المتحدة إن “نقصا حادا” في الإمدادات الطبية، يؤثر على جهود الإغاثة، مؤكدة أن النقص يتعلق بمستلزمات إسعاف الصدمات، وأكياس الدم. وفي الأثناء، أعلن مقاتلو “قوات الدفاع الشعبي” المعارضة لانقلاب المجلس العسكري الحاكم، الأحد، وقفا مؤقتا للأعمال الهجومية، لمدة أسبوعين، في المناطق المتضررة من الزلزال.
أعلنت “حكومة الوحدة الوطنية”، وهم مقاتلون مناهضون للانقلاب، في بورما، في بيان، وقفا جزئيا لإطلاق النار، لمدة أسبوعين، مع بدء الجيش، الأحد، تسهيل عمليات الإنقاذ، والإغاثة إثر الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، التي تشهد حربا.
وقالت “حكومة الوحدة الوطنية” إن قوات الدفاع الشعبي “ستنفذ وقفا للعمليات العسكرية الهجومية، لمدة أسبوعين، لا يشمل الأعمال الدفاعية، في المناطق المتضررة من الزلزال، اعتبارا من 30 مارس 2025”.
وأضافت الحكومة في المنفى أنها “ستتعاون مع الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية لضمان الأمن، والنقل، وإنشاء مخيمات مؤقتة للإنقاذ، والرعاية الصحية”، في المناطق التي تسيطر عليها، بحسب البيان الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
استمرار عمليات وجهود الإنقاذ
يواصل عناصر الإنقاذ والسكان في ماندالاي، الأحد، عمليات البحث عن ناجين تحت المباني المنهارة، فيما ضربت المدينة البورمية هزات ارتدادية، بعد يومين من الزلزال المدمر، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1600 شخص، في بورما، و17 شخصا على الأقل في تايلاند المجاورة.
وضرب زلزال بقوة 7,7 درجات شمال غرب مدينة ساغاينغ، وسط بورما، بعد ظهر الجمعة، على عمق سطحي. وبعد دقائق، ضربت هزة ارتدادية بقوة 6,7 درجات المنطقة ذاتها. وأدت الهزات إلى انهيار مبان، وجسور وطرق، وخلفت دمارا واسع النطاق، في المدينة، التي يزيد عدد سكانها عن 1,7 مليون نسمة.
ومع بزوغ فجر الأحد، كان صاحب محل الشاي، وين لوين، يشق طريقه عبر حطام مطعم منهار، على طريق رئيسي في الحي، الذي يسكن فيه، ويرمي الحجارة واحدا تلو الآخر جانبا. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “قضى حوالى سبعة أشخاص هنا” عندما ضرب الزلزال، الجمعة. وأضاف “أبحث عن المزيد من الجثث، أعلم أنه لا يمكن أن يكون هناك أي ناجين”. وتابع “نحن لا نعرف عدد الجثث التي قد نعثر عليها لكننا نواصل البحث”.
وبعد قرابة ساعة، ضربت هزة ارتدادية صغيرة، ما دفع بالناس إلى الخروج من أحد الفنادق، بحثا عن الأمان، عقب هزة مماثلة شعر بها السكان، مساء السبت.
تجمعت شاحنات محملة بعناصر إطفاء في إحدى محطات الإطفاء الرئيسية، في ماندالاي، لإرسالها إلى مواقع حول المدينة. والليلة السابقة، نجح رجال الإنقاذ في انتشال امرأة حية من تحت أنقاض مبنى سكني منهار، وسط تصفيق حار، أثناء حملها على نقالة إلى سيارة إسعاف.
وقال المجلس العسكري الحاكم في بورما، السبت، إن الزلزال تسبب في مقتل 1644 شخصا، وإصابة أكثر من 3400، معظمهم في ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في بورما، والأكثر تضررا، فيما هناك ما لا يقل عن 139 في عداد المفقودين. ولا يزال من الصعب تقييم حجم الكارثة، خصوصا في ظل انقطاع الاتصالات.
مساعدات دولية
وأطلق رئيس المجلس العسكري، مين أونغ هلاينغ، نداء نادرا للحصول على مساعدات دولية، داعيا “أي دولة وأي منظمة” إلى تقديم المساعدة. وفي الماضي، كانت السلطة العسكرية تتردد في طلب الدعم الأجنبي، بعد الكوارث الطبيعية. وأثارت مشاهد الفوضى والدمار مخاوف من وقوع كارثة كبرى في بلد استنزفته الحرب الأهلية المستمرة، منذ الانقلاب الذي قام به العسكر في العام 2021.
وحذرت الأمم المتحدة، السبت، من أن “نقصا حادا” في الإمدادات الطبية يؤثر على جهود الإغاثة في بورما، مؤكدة أن النقص يتعلق بمستلزمات إسعاف الصدمات، وأكياس الدم، ومواد التخدير، وبعض الأدوية الأساسية، وخيام لعناصر الإنقاذ. وتزيد الأضرار التي لحقت بالمستشفيات، والبنى التحتية الصحية الأخرى، جراء الزلزال، عمليات الإنقاذ تعقيدا.
وحذرت المنظمات الإنسانية من أن بورما غير مستعدة على الإطلاق للتعامل مع كارثة بهذا الحجم. وأدى النزاع في هذا البلد إلى نزوح حوالى 3,5 ملايين شخص، وفقا للأمم المتحدة. وكانت المنظمة الدولية حذرت، في أواخر يناير، من أن 15 مليون بورمي معرضون لخطر الجوع، بحلول العام 2025.
وتصل إلى بورما فرق إنقاذ، ومساعدات من دول مانحة، مع إرسال تايلاند الأحد 55 عسكريا، و6 كلاب إنقاذ، إلى جانب معدات بما فيها رافعات وحفارات.
ويخوض الجيش بورمي حربا أهلية، على جبهات متعددة، منذ أن أطاح حكومة أونغ سان سو تشي المدنية في فبراير 2021. ويواجه معارضة مسلحة من قوات الدفاع الشعبي، ومنظمات عرقية متفرقة، يشن بعضها تمردا منذ عقود.
وتتكون “حكومة الوحدة الوطنية”، في غالبيتها، من نواب أطيحوا في الانقلاب، وينشطون الآن ضد المجلس العسكري.
أ ف ب