الرئسيةميديا وإعلام

إعلام عبري…إسرائيل تتدهور في ظل إخفاق منظوماتي عميق

عن “معاريف” ترجمة “الأيام الفلسطنية”

بينما يصارع رئيس الوزراء ضد محافل انفاذ القانون ويسعى لاقالة رئيس «الشاباك»، رونين بار، بدعوى انعدام الثقة، يجدر بنا فحص الصورة الواسعة: ثقة الجمهور بمؤسسات الحكم.

معطيات معهد سياسة الشعب اليهودي من يونيو 2024 تكشف النقاب عن واقع حاد: في الوقت الذي يدعي فيه رئيس الوزراء الحديث باسم «الشعب»، فان ربع الإسرائيليين فقط يعربون عن الثقة بحكومته. 7 من كل 10 مواطنين يقولون ان ثقتهم برئيس الوزراء متدنية. المفارقة؟ حتى في أوساط مؤيدي اليمين، فان 44 في المئة فقط يعربون عن الثقة بالحكومة. هذا هو «حكم الشعب» في صيغته الحالية.

التضارب لاذع: هذا هو رئيس الوزراء ذاته الذي أعلن أن لا ثقة له بمحققي الشرطة الذين «حاكوا له ملفات»، الزعيم ذاته الذي رفض صلاحيات الاستشارة القانونية للحكومة، النيابة العامة، وجهاز القضاء.

في الوضعية الحالية فان الشرطة التي لا ثقة له بها تحتاج لتحقق مع نداف ارغمان، والنيابة العامة التي لا ثقة له بها تحتاج لتقرر اذا كانت سترفع لائحة اتهام، والمحاكم التي لا ثقة له بها تحتاج لان تحسم. فأي جهاز حسم تبقى؟

الجواب مقلق: في «نظرية الاشتباه العام» التي يروج لها رئيس الوزراء، فان الموالين الشخصيين فقط هم الجديرون بالثقة. كل مؤسسة رسمية تشكل كابحا لقوته تعرض كجزء من المؤامرة.

هذه ليست فقط هجمة على الناس؛ هذه هجمة ممنهجة على مجرد فكرة التوازنات والكوابح في الديمقراطية.

عندما تنشغل الحكومة بصراعات القوى، يشعر الجمهور بأن الأرض سحبت من تحت اقدامه.

82 في المئة من اليهود قلقون من وضع رص الصفوف الاجتماعية في إسرائيل و56 في المئة يرون في الاستقطاب السياسي مصدر التوتر الرئيس. هذا استقطاب اشعله وعظمه أولئك السياسيون الذين يحذرون الآن من مخاطره.

النظرة إلى خلف الحدود أيضا مقلقة. 63 في المئة من الإسرائيليين يخشون من أن «تصبح إسرائيل منبوذة من الدول الغربية» – قلق يتعاظم مع كل مس بالمؤسسات الديمقراطية. الزعامة تتحدث عن «نصر في الحرب»، لكنها تقود إلى هزيمة استراتيجية في المكانة الدولية لإسرائيل.

إسرائيل هي من القلائل بين الدول الديمقراطية التي ليس لها دستور نافذ. حكومة مع أغلبية ائتلافية طفيفة يمكنها أن تغير قوانين أساسا، وان تقيل حماة حمى وان تخصي مؤسسات الرقابة.

هذه مركبة تندفع في المنحدر فيما تتعطل شبكة كوابحها. فالمشروع بالتشكيك بشرعية أجهزة القانون ليس صراعا سياسيا عاديا بل حملة لإزالة الحواجز الأخيرة عن وجه الحكم المطلق. عندما ينزع رئيس الوزراء الشرعية عن الشرطة، النيابة العامة، المحاكم، «الشاباك» والمستشارة القانونية، فانه يسعى عمليا إلى مكانة فوق القانون.

المشكلة تخرج عن شخصية رئيس الوزراء الحالي وتتعلق بالمبنى الذي يسمح لكل حكومة بتفكيك مؤسسات الرقابة.

عندما تعرب أغلبية الجمهور عن عدم الثقة بالزعامة لكنها لا يمكنها أن تحمي مؤسسات الديمقراطية فهذا إخفاق منظوماتي عميق. نحن بحاجة ليس فقط لتغيير القيادة بل إلى نظام دستوري يحمي الديمقراطية حتى من أغلبية برلمانية مؤقتة.

دون هذا ستواصل إسرائيل التدهور، مع علم واضح بأن الكارثة تقترب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى