
تحوّل حي السلام، وتحديدًا إقامة “ستيليا 2” بمدينة أكادير، إلى بؤرة معاناة يومية لساكنته بسبب الانتشار المخيف«لللكلاب الضالة»، التي باتت تشكل تهديدًا مباشرا للأمن والسلامة الجسدية والنفسية للسكان، فالأمر لم يعد يقتصر على نباح متواصل يقض مضجع السكان ليلاً، بل تجاوز ذلك إلى اعتداءات دامية تستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات المحلية، على رأسها جماعة أكادير
.
آخر فصول هذا الرعب والذي فجّر موجة الغضب الأخيرة، وقع مطلع هذا الأسبوع، حين تعرض سائق دراجة نارية لهجوم عنيف من طرف مجموعة من الكلاب الضالة، التي حاصرته وسط الطريق وهاجمته بطريقة شرسة، مسببة له جروحًا بليغة في أطرافه، قبل تدخل عدد من المارة في الوقت المناسب لإنقاذه من أنيابها، في مشهد مروع خلّف صدمة لدى شهود العيان وأعاد إلى الواجهة خطر هذه الحيوانات التي باتت تقيم بين الأزقة كما لو أنها المالكة الشرعية للمكان.
وبحسب ما أفاد به بعض السكان لجريدتنا، فإن الكلاب لا تكتفي بالهجمات، بل تمضي الليالي في نباح هستيري متواصل، مما يحرمهم من النوم ويؤثر على الصحة النفسية، خاصة لدى الأطفال والمسنين. “لا نكاد ننام ليلة واحدة في هدوء منذ أشهر، الكلاب تحاصرنا من كل جانب، والسلطات تغض الطرف”، يقول أحد المتضررين..
فيما أعقبت ساكنة متضررة و ام لطقلبن “كأن أرواحنا لا تهمهم، نعيش في حي لا نعلم إن كنا سنعود سالمين إلى منازلنا أو سنكون ضحايا جدد لهجوم هذه الوحوش التي أصبحت جزءًا من يومياتنا”.
شكاية رسمية إلى رئيس جماعة أكادير
ردًا على هذا الوضع الكارثي، بادر السكان إلى صياغة “شكاية رسمية موجهة إلى رئيس جماعة أكادير”، يطالبون فيها بالتدخل العاجل، وجاء فيها: ” …نحن ساكنة إقامة ستيليا 2 الكائنة بحي السلام بن سركاو، نتقدم إليكم بهذه الشكاية قصد التدخل العاجل واتخاذ ما يلزم من إجراءات مستعجلة لمعالجة الوضعية الخطيرة الناتجة عن الازدياد المهول لأعداد الكلاب الضالة التي باتت تجوب الشوارع والأزقة المحيطة بالإقامة، في مشهد يومي ينذر بعواقب وخيمة على أمن وسلامة المواطنين…”
وأكد الموقعون على الشكاية أن هذه الحيوانات الضالة لا تشكل فقط تهديدًا على مستوى السلامة البدنية، بل تخل أيضًا بالنظام العام، وتؤثر على جاذبية الحي، بل وتسيء لصورة المدينة لدى زوارها وسياحها، في ظل غياب سياسة حقيقية لإدارة هذا الملف الشائك الذي طالما تم التعامل معه بتقاعس أو حلول ترقيعية.
أين الجماعة؟
الغريب أن الجماعة الحضرية لأكادير، رغم تعدد الشكايات والتبليغات، ما زالت تتعامل مع ملف الكلاب الضالة بمنطق التأجيل والتجاهل، دون أن تطلق حملات منتظمة لجمعها، أو تبني استراتيجية فعالة ومستدامة في إطار ما ينص عليه القانون المتعلق بالصحة والسلامة العامة.
تحذير من كارثة صحية وشيكة
الطبيبة البيطرية ليلى بنسعيد نبهت إلى خطورة الوضع الصحي، مشيرة إلى أن “الكلاب الضالة، خصوصًا عندما تكون غير ملقحة، تمثل مصدر خطر حقيقي، ويمكن أن تنقل أمراضًا قاتلة مثل داء الكلب (السعار)، الطفيليات، والتسممات البكتيرية”.
وأضافت:
“يجب أن تشمل خطة التدخل برامج تعقيم وتلقيح للحد من تكاثرها العشوائي، عوض اللجوء فقط إلى الإعدام العشوائي الذي لا يقدم حلولًا جذرية.”
حلول غائبة ومعاناة مستمرة
وفي ظل غياب أي مؤشرات على تحرك فعلي، تبقى ساكنة إقامة ستيليا 2 في مواجهة مباشرة مع خطر يزداد استفحالاً يوماً بعد يوم، في وقت يتطلب فيه الوضع تدخلاً فورياً، سواء عبر حملات تطهير منظمة أو شراكات مع المصالح البيطرية والجمعيات المختصة، من أجل معالجة جذرية تراعي سلامة الساكنة وحقوق الحيوان في آن.
فهل سيتحرك مجلس جماعة أكادير قبل وقوع الكارثة التالية؟ أم أن المواطن سيظل آخر ما تفكر فيه سياسات المدينة؟ الجواب، كما يقول سكان “ستيليا 2″، لا يجب أن يتأخر أكثر، لأن “حياتنا لم تعد في مأمن”.