الرئسيةسياسة

الدبلوماسية الحزبية قد تفتح نوافذ الحوار مع كوبا

في خطوة تحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية رمزية، حلّ وفد رفيع المستوى من حزب التقدم والاشتراكية المغربي، بقيادة أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله /(ولد في 3 يونيو 1959 بالرباط)، سياسي مغربي، شغل منصب وزير للاتصال، والناطق الرسمي باسم حكومة إدريس جطو بين نوفمبر 2002 – أكتوبر 2007، وشغل منصب وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة منذ 2012 في حكومة بنكيران، وفي عام 2017 عُين وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في حكومة سعد الدين العثماني، وبقي فيها إلى غاية 24 أكتوبر2017.، ضيفًا على كوبا في زيارة رسمية عكست متانة العلاقات التاريخية بين الحزبين والبلدين، وأعادت التأكيد على وحدة المواقف إزاء القضايا التحررية في العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والحصار الأمريكي المستمر على هافانا.

وتأتي هذه الزيارة في لحظة مفصلية تشهد فيها الساحة الدولية إعادة تشكل موازين القوى، وسط تصاعد الضغوط على الدول التي تتشبث بسيادتها وخياراتها السياسية المستقلة.

استقبال دافئ يعكس عمق العلاقات التاريخية

الزيارة التي ضمّت أيضًا سعيد البقالي، عضو المكتب السياسي المكلف بالعلاقات الخارجية، استُهلّت باستقبال حار في مطار هافانا الدولي، حيث كان في انتظار الوفد عدد من المسؤولين الكوبيين البارزين، ما عكس التقدير الكبير الذي تكنّه القيادة الكوبية لحزب التقدم والاشتراكية، الذي احتفظ على مدى عقود بمواقف ثابتة تضامنية مع كوبا ضد الحصار الأمريكي الظالم،

في هذا السياق، أجرى الوفد سلسلة لقاءات رسمية مع شخصيات مركزية في الحزب الشيوعي الكوبي، من بينها إيميليو لوثادا كارسيا، عضو المكتب السياسي ورئيس قسم العلاقات الخارجية، وخورخي بروتشي لورنزو، المسؤول عن قسم الشؤون الاقتصادية في اللجنة المركزية، حيث تناولت المباحثات تداعيات الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على كوبا، والذي تسبب في أزمات معيشية حادة وأثر بشكل مباشر على البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

من جهته، عبر الجانب الكوبي عن امتنانه للمواقف المبدئية التي عبّر عنها حزب التقدم والاشتراكية، خصوصًا في المحافل الدولية، دفاعًا عن حق كوبا في السيادة والكرامة ورفضًا للعقوبات أحادية الجانب التي تُعدّ انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

كما التقى الوفد بالدكتور خورخي أرطادو، رئيس جامعة نيكو لوبيز، المؤسسة التي تُعدّ مركزًا لتكوين الأطر الحزبية في كوبا، وهو ما فتح المجال أمام بحث إمكانيات التعاون الأكاديمي والسياسي في مجال التكوين والتبادل الفكري بين الحزبين.

القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام

ولم تغب القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال، حيث عبّر الطرفان عن إدانتهما الصريحة للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ووقفا عند الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الأبرياء. وتم التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني، تتطلب موقفًا دوليًا حازمًا في وجه الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العدوانية.

زيارة إلى مركز فيدل كاسترو: وقفة وفاء لإرث نضالي

ضمن البرنامج الرمزي للزيارة، قام الوفد بزيارة إلى مركز فيدل كاسترو، المؤسسة التي تحفظ إرث الزعيم الكوبي الثوري وتعيد تقديم فكره للأجيال الجديدة، وشكّلت هذه الزيارة لحظة تقدير لرمز عالمي شكل مصدر إلهام لحركات التحرر في العالم الثالث، بما في ذلك المغرب خلال مرحلة مقاومة الاستعمار وبناء الدولة الحديثة.

رؤية مشتركة في عالم متحول

تطرقت المباحثات كذلك إلى التحولات المتسارعة في النظام الدولي، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتنامي النزعة الأحادية لبعض القوى الكبرى، وعبّر الجانبان عن قلقهما من محاولات إعادة إنتاج الهيمنة الرأسمالية عبر أدوات اقتصادية وسياسية ناعمة، مشددين على ضرورة تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب لمواجهة التحديات المشتركة.

هذا و جدد الوفد المغربي تأكيده على تمسك المغرب بوحدته الترابية، ودعمه لمسار البناء الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، في انسجام مع تطلعات الشعب المغربي نحو مستقبل أكثر إنصافًا وكرامة.

نحو تعاون حزبي متجدد

في ختام الزيارة، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي بين حزب التقدم والاشتراكية والحزب الشيوعي الكوبي، من خلال مبادرات مشتركة تشمل التكوين السياسي، التبادل الثقافي، والأنشطة التضامنية، وتم التأكيد على أن العلاقات الحزبية ليست مجرد واجهات بروتوكولية، بل أدوات فعالة لتقوية جسور التواصل بين الشعوب ومواجهة التحديات العالمية بقيم التضامن والعدالة.

زيارة بنعبد الله إلى كوبا لم تكن مجرد نشاط حزبي روتيني، بل مثلت لحظة دبلوماسية بامتياز، أحيت علاقات تضامن تاريخية، وعكست انخراط حزب التقدم والاشتراكية في دعم القضايا العادلة، ومساندة الشعوب التواقة للتحرر والكرامة، وسط عالم يموج بالتغيرات ويعيد صياغة موازين القوة على وقع نضالات الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى