
الدشيرة: هل نحارب الهدر المدرسي أم نساهم فيه؟
في محاولة لعدم التكرار روج عدد من أولياء الامور صورة واقعة منع تلميذ من اجتياز الامتحان الإشهادي بثانوية علال الفاسي الإعدادية بمدينة الدشيرة،في الصيف الماضي، والتي اثارت موجة غضب واسعة في أوساط أولياء الأمور والفاعلين التربويين، بعد أن أصرّ حارس المؤسسة على عدم السماح للتلميذ بالدخول بسبب تأخره لعشر دقائق، رغم تدخل عدد من الأمهات وحضور عناصر من الأمن الوطني.
أثارت واقعة منع تلميذ من اجتياز الامتحان الإشهادي بثانوية الإعدادية علال الفاسي بمدينة الدشيرة http://عمالة إنزكان أيت ملول بجهة سوس ماسة، صباح اليوم السبت 31ماي الجاري، موجة غضب واسعة في أوساط أولياء الأمور والفاعلين التربويين، بعد أن أصرّ حارس المؤسسة على عدم السماح للتلميذ بالدخول بسبب تأخره لعشر دقائق، رغم تدخل عدد من الأمهات وحضور عناصر من الأمن الوطني
حيث في مشهد مؤلم يعكس الهوة بين الخطاب التربوي والواقع اليومي داخل بعض المؤسسات التعليمية، جرى منع تلميذ من اجتياز الامتحان الإشهادي بثانوية “علال الفاسي الإعدادية” بمدينة الدشيرة، بسبب تأخره ل10 دقائق فقط، رغم محاولات عدة أمهات التدخل، وحضور عناصر الأمن الوطني لاحتواء الوضع.
وبحسب روايات شهود عيان، فإن التلميذ الذي يتحدر من أسرة تعيش ظروفًا اجتماعية صعبة، حضر إلى المؤسسة وهو في حالة ارتباك نفسي واضح، بعد أن تعذر عليه الوصول في الوقت المحدد لأسباب تبدو قاهرة، إلا أن الإدارة، ممثلة في حارس المؤسسة، رفضت السماح له بالدخول أو اجتياز الامتحان، ما أدى إلى انهياره بالبكاء أمام بوابة المؤسسة، في مشهد أثار تعاطف الحاضرين واستياءهم.
هذا التصرف الإداري الصارم يُطرح في سياق أوسع: كيف نُريد محاربة الهدر المدرسي بينما نُقصي الأطفال لأسباب تقتضي بعض المرونة؟
أليس الأجدر بالمؤسسات التربوية أن تُراعي خلفيات التلاميذ، خصوصًا أولئك الذين يعانون الهشاشة والفقر، بدلًا من أن تُعاقبهم على ظروف خارجة عن إرادتهم؟
إن مثل هذه السلوكيات لا تكرّس سوى الإقصاء والتهميش، وتُرسل رسائل سلبية للتلاميذ بأن المدرسة ليست فضاءً للفرص والاحتضان، بل مؤسسة للعقاب الإداري الجاف.
الصرامة أم الإنسانية؟
الحادثة فتحت من جديد النقاش حول العلاقة بين الانضباط الإداري والاعتبارات الإنسانية داخل المؤسسات التعليمية. فبينما تنص المذكرات الوزارية على ضرورة احترام الزمن المدرسي، لا تخلو تلك المذكرات نفسها من دعوات إلى “مراعاة الحالات الاجتماعية” و”الظروف الاستثنائية”، خصوصًا في المناطق التي تشهد هشاشة أو صعوبات في التنقل.
فبينما تنص المذكرات الوزارية على ضرورة احترام الزمن المدرسي، لا تخلو تلك المذكرات نفسها من دعوات إلى “مراعاة الحالات الاجتماعية” و”الظروف الاستثنائية”، خصوصًا في المناطق التي تشهد هشاشة أو صعوبات في التنقل.
ويؤكد مهتمون بالشأن التربوي أن تشدد بعض الإدارات في مثل هذه المواقف قد يؤدي إلى نتائج عكسية، أبرزها تعميق الشعور بالإقصاء لدى التلميذ، وزرع الخوف أو النفور من المؤسسة التعليمية، وهو ما يُعد من أبرز مسببات الهدر المدرسي الذي تسعى الدولة إلى محاربته.
الدعوة إلى تحقيق وتوجيهات واضحة
من جهتهم، طالب أولياء التلاميذ وفاعلون مدنيون بفتح تحقيق في الواقعة، وتحديد المسؤوليات، مع الدعوة إلى إصدار مذكرات تنظيمية أكثر وضوحًا تمنع اتخاذ قرارات قد تضر بحقوق المتعلمين، خاصة في محطات حاسمة مثل الامتحانات الإشهادية.
وتُسائل هذه الحادثة أيضًا دور الإدارة التربوية كجهاز ليس فقط إداريًا، بل تربويًا بالأساس، يُفترض فيه أن يكون حاميًا لحقوق التلاميذ وميسرًا لمسارهم الدراسي، لا عائقًا إضافيًا في وجههم.
خلفيات اجتماعية لا يمكن تجاهلها
في سياق الهشاشة الاجتماعية التي تعرفها بعض أحياء الدشيرة الجهادية، لا يمكن التعامل مع التأخر المدرسي بنفس الصرامة التي تطبق في ظروف مثالية، فالتلميذ المعني، وفق روايات محلية، يعاني من وضعية أسرية معقدة، وهو ما يفرض تعاملا إنسانيا وتربويا مرنا.
وتجدر الاشارة الى ان المدرسة ليست فقط مكانًا للتلقين، بل هي فضاء للاحتضان والدعم والتوجيه. وحين تتحول بوابتها إلى جدار صدّ في وجه طفل، ولو لعشر دقائق تأخر، فإن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح هو: هل ما زلنا نُؤمن بأن التعليم حق للجميع، أم أصبح امتيازًا لمن يستطيع احترام الساعة فقط؟