الرئسيةثقافة وفنون

مواهب سينمائية شابة تؤرخ للمسيرة الخضراء  بمهرجان الداخلة

تحرير: جيهان مشكور

احتضن المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة لحظة مميزة من لحظات الذاكرة الوطنية، حيث تم تتويج الفائزين في الدورة الرابعة من مسابقة “المسيرة الخضراء من منظور صناع الصورة الشباب”، التي أُطلقت سنة 2021 بهدف إعادة سرد هذا الحدث المفصلي في التاريخ المغربي بلغة الصورة وإبداع   الجيل الجديد.

شباب يؤرخون بكاميراتهم لمسيرة شعب

بين أصوات الموج ونسيم الصحراء، تم توزيع الجوائز على الفائزين الذين أبانوا عن قدرة فنية وبصرية لافتة في مقاربة حدث المسيرة الخضراء من زوايا مبتكرة، تجمع بين الأرشيف والخيال والتقنيات الرقمية الحديثة، وقد منحت الجائزة الكبرى لفيلم “نداء الوطن” للمخرج إبراهيم خليل بن جابر، الذي قدم معالجة سينمائية مؤثرة تستدعي الروح الوطنية من خلال توليفة بصرية بين صور الماضي وشهادات من الأجيال الجديدة.

أما جائزة لجنة التحكيم، فآلت لفيلم”ذاكرة متطوع” لحمزة أزهار، الذي زاوج بين التوثيق والتخييل لرسم بورتريه إنساني حول شخصية متطوع شارك في المسيرة، من خلال نظرة introspective تلامس البعد الوجداني للمشاركة في حدث وطني جامع.

ولم تغب المواهب اليافعة عن منصة التتويج، حيث حصل فيلم “مسيرة فتح الخضراء” لمحمد نظير، على جائزة أفضل موهبة شابة، وهي الفئة المخصصة لصناع الصورة دون سن 21، مما يؤكد على انخراط فتيان في إعادة سرد التاريخ من موقع إبداعي متجدد.

لجان تحكيم بخبرات مهنية

الاختيارات الفنية لم تمر دون تقييم دقيق، إذ اجتمعت لجنة التحكيم يوم 5 يونيو 2025 بمقر المركز السينمائي المغربي، للنظر في الأعمال المتقدمة، والتي استوفت شروط المشاركة التقنية والفنية،

وقد ترأس اللجنة المخرج والأستاذ الجامعي حكيم بلعباس، المعروف برصانته الفكرية والتربوية، وعضوية كل من المخرج يوسف بريطل، والممثلة عن المركز السينمائي المغربي سناء بنمويسة، حيث شكلت تركيبة اللجنة انعكاساً لتوازن بين النظرية السينمائية والممارسة المهنية.

حضور رسمي يؤكد الرهان على الشباب

شهد حفل التتويج حضور شخصيات رسمية تمثلت في الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل، والمدير بالنيابة للمركز السينمائي المغربي عبد العزيز البوجدايني، ما يبرز الاهتمام الرسمي المتزايد بدعم السينما الشبابية المواطِنة، التي توظف الفن لخدمة قضايا الذاكرة والتاريخ.

من المسيرة إلى المستقبل: المسابقة كجسر بين الأجيال

تستهدف المسابقة، التي أطلقتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع المركز السينمائي المغربي، فئة الشباب دون سن 35، وتتيح لهم فرصة الاشتغال على موضوع المسيرة الخضراء باستعمال صور الأرشيف، تقنيات التحريك، أو السرد التخيلي.

ورغم أن المسابقة حديثة النشأة نسبياً – إذ لم تُطلق إلا في عام 2021 – إلا أنها نجحت خلال أربع دورات فقط في خلق فضاء سينمائي بديل يتجاوز النمطية، ويعطي للكلمة والصورة بعداً تربوياً، وفنياً، ووجدانياً.

رهانات المستقبل: الفن كذاكرة جماعية

لا تقتصر قيمة هذه المبادرات على الجانب الإبداعي فحسب، بل تمتد لتشمل إعادة بناء الذاكرة الوطنية من خلال الأجيال الجديدة، في زمن تشتت فيه الصور وتكاثرت فيه الروايات، فبين واقع يتغير بسرعة، وتاريخ يحتاج من يعيد قراءته بلغة العصر، تبدو هذه المسابقة واحدة من الرهانات الثقافية القليلة التي تحوّل أحداث الماضي إلى مادة حية تُروى من جديد، لا بالأرقام فقط، بل بلقطات وصور وعواطف تنبض بحب الوطن.

وفي ظل التحديات التي تواجه الإنتاج السينمائي الشاب في المغرب، تبقى مثل هذه المبادرات فرصة نادرة للدفع بجيل جديد من صناع الصورة نحو الضوء، ليس فقط ليرووا ما كان، بل ليُسهموا في صياغة ما سيكون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى