الرئسيةرأي/ كرونيك

الرتبة 137من أصل 148…الشمس التي لا يغطيها الغربال

بقلم: بثينة المكودي

مرة أخرى، يعلن المنتدى الاقتصادي العالمي عن تقريره السنوي حول الفجوة بين الجنسين، ومرة أخرى، لا يخيب المغرب ظن المتشائمين، ويتربع المرتبة 137 من أصل 148 دولة.

رقم لا يشي بالصعود ولا حتى بالتوقف المؤقت، بل يفضح حالة رسوخ مزمن، تتقنها بعض السياسات في إخفاء العطب العام بابتسامات رسمية وكلمات إنشائية تكرّر منذ ربع قرن دون أثر..

المرأة المغربية: بين الشهادات والبطالة

ما الجدوى من تعليم النساء، إن كنّ سوف يهملن بعدها على هامش الاقتصاد؟

في المغرب، كل المؤشرات تؤكد أن النساء يتعلمن أكثر، لكن لا يعملن، التقرير يصنف المغرب في المرتبة 143 عالميا في مؤشر المشاركة الاقتصادية.

اي أن نسبة النشاط الاقتصادي للنساء لا تتجاوز 22%، مقابل أكثر من 70% للرجال.

ما السبب؟ لا يكفي أن نُطلق مبادرات موسمية، ونوزع حناء التعاونيات والورود في صور رسمية، ونغيب عندما يأتي وقت إدماج النساء في القرار والتمويل والتكوين الحقيقي.

التمكين السياسي… ديكور مؤقت

يريد التقرير أن يقنعنا بتقدم المغرب إلى المرتبة 91 في التمكين السياسي، لكن الواقع أكثر جمود مما توحي به الأرقام، ففي البرلمان، “نعم هناك نساء”،لكن من منهن تتولى حقيبة سيادية؟ من منهن تقرر، تفرض، تُحاسب؟
التمثيلية النسائية في المغرب تدار بمنطق الكوطا، لا بمنطق الكفاءة والعدالة، كأن المرأة هنا تُمكّن فقط لتجميل الواجهة، لا لصناعة السياسات.

صحة النساء… ومؤشرات تقاوم

في مؤشر “الصحة والبقاء”، المغرب يتَذيل اللائحة مرة أخرى، ماذا يعني أن تحتل النساء مراتب متدنية في الصحة؟

يعني ذلك أن الخدمات الصحية لا تراعي واقعهن، أنهن أكثر عرضة للموت في الحمل، وللإهمال في المناطق النائية، للتكفل المتأخر، وأحيانا للاحتقار داخل المنظومة الصحية نفسها.

“فهل تحتاج النساء إلى تقرير عالمي ليُقال إن صحتهن ليست بخير؟”

ليست فجوة، بل هوة

حين يقال “فجوة بين الجنسين”، قد نظن أنها فارق يمكن ردمه بخطوة أو إصلاح، لكن الواقع المغربي يثبت العكس، لسنا أمام فجوة، بل أمام هوة اجتماعية تتسع، وتفصل بين ما يقال وما ينجز، بين ما نعد به في الخطابات، وما نراه في الحقول والمعامل والإدارات، وتفضح الشمس التي نسعى لتغطيتها “بالغربال”.

النتيجة؟ نصف المجتمع خارج اللعبة

نصف المجتمع، بكل طاقاته وإبداعاته، “مقصي”تتخرج الفتاة الأولى على دفعتها، ثم تُجبر على الزواج أو البطالة،تسكن الطبيبة قرية نائية، وتعمل دون حماية، تؤسس الشابة مشروعا، فلا تجد من يثق بها.

ما الفائدة من الحديث عن التنمية، إن كانت المرأة المغربية ما زالت عالقة بين التهميش والتجميل الإعلامي.
“أخيرا وليس باخر العدالة لا تُقاس بالكلام”

137 ليس رقما صادما فقط، بل هو اختزال للسياسات العمومية الفاشلة، وللعقلية الرسمية التي ما تزال تنظر إلى المرأة كمشكل، لا كحل.

وحتى لا نُتهم بالتشاؤم، نقول”التغيير ممكن، لكنه لن يتحقق بحملة انتخابية أو بلاغ وزاري، بل بإرادة سياسية حقيقية، تضع النساء في صلب السياسات لا في هوامش الصور.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى