
مع بداية موسم الصيف، تعود حرائق الغابات لتلقي بظلالها الثقيلة على المشهد البيئي بالمغرب، في وقت ما تزال فيه آثار المواسم السابقة حاضرة في الذاكرة الجماعية والمجال الطبيعي.
وحسب المعطيات التي توصلت بها جريدة “دابابريس” من المستشارة المكلفة بالتواصل والعلاقات العامة، نوال شيحي، فقد سجلت البلاد منذ فاتح يناير وإلى غاية 20 يونيو الجاري عددا من الحرائق التي مست مناطق مختلفة من الغطاء الغابوي، مخلفة خسائر متفاوتة في الثروة النباتية والحيوانية، دون أن يتم تقديم معطيات رقمية دقيقة بخصوص المساحات المحترقة أو الأسباب الكامنة وراء هذه الحرائق.
ورغم أن البلاغ لم يحدد المناطق الأكثر تضررا، إلا أن معطيات محلية غير رسمية تحدثت عن حرائق في أقاليم تعرف بكثافتها الغابوية، من بينها شفشاون وتاونات وأجزاء من شمال شرق البلاد، ما يفتح النقاش مجددًا حول مدى جاهزية منظومة الوقاية والتدخل في مواجهة حرائق الغابات.
حرارة الصيف وحدها لا تفسر كل شيء
في ظل ارتفاع درجات الحرارة، يزداد خطر نشوب الحرائق، لكن خبراء في المجال البيئي يشيرون إلى أن العوامل الطبيعية ليست وحدها وراء الظاهرة. فإلى جانبها، تبرز أسباب بشرية متكررة، مثل رمي السجائر، والإهمال خلال التنزه، والأنشطة غير القانونية المرتبطة باستغلال الغابة، بما فيها إشعال حرائق مفتعلة في بعض الحالات.
وإن كانت جهود الوقاية والتدخل حاضرة ضمن تدخلات عدد من المتدخلين، إلا أن التحديات تبقى قائمة، خاصة في ما يتعلق بتوفير الوسائل التقنية والموارد البشرية الكافية لمواكبة حجم الغطاء الغابوي الموزع على جهات المملكة.
دور المجتمعات المحلية والمجتمع المدني
يشدد عدد من الفاعلين البيئيين على أهمية تعزيز المقاربة التشاركية، من خلال إشراك الساكنة المحلية والمجتمع المدني في آليات الرصد والإنذار المبكر، وتنمية الوعي البيئي في المناطق المجاورة للغابات.
فتدبير خطر الحرائق لا يقتصر فقط على التدخل بعد اندلاع النيران، بل يبدأ أساسًا من الوقاية والتحسيس، وهما عنصران أساسيان لضمان نجاعة التدخلات وتقليص الخسائر.
بلاغ يفتح باب التواصل.. وينتظر المتابعة
لا شك أن إصدار بلاغ صحفي حول تطورات الوضع يشكل خطوة إيجابية في اتجاه تعزيز الشفافية وإبقاء الرأي العام على اطلاع، ومع ذلك، يظل من المفيد أن تتبع هذه الخطوة بإصدار معطيات مفصلة حول المواقع المتضررة، وحجم التدخلات، وخلاصات التحقيقات حول أسباب الحرائق، بما يعزز الثقة ويوجه الجهود نحو الوقاية الحقيقية، بدل الاقتصار على رصد الأضرار بعد وقوعها.