الرئسيةحوادثمجتمع

وفاة راعي الغنم القاصر بميدلت جريمة أم انتحار؟

في جبال الأطلس العميقة، حيث الصمت يبتلع الحكايات، وبين المراعي التي لا تشهد سوى على تعب الفقراء، اهتزت جماعة أغبالو إسرْدان التابعة لإقليم ميدلت على وقع مأساة إنسانية لا تزال تفاصيلها تغلف بالغموض والتكتم.

طفل لا يتجاوز عمره 15 سنة

طفل لا يتجاوز عمره 15 سنة، كان يرعى قطيع غنم، عُثر عليه جثة هامدة معلقة بحبل، يوم الاثنين 16 يونيو الجاري، بمنطقة أيت زعرور، في البداية، حاول البعض ترويج فرضية الانتحار، غير أن ما تكشف لاحقًا من شهادات ومعطيات يعيد ترتيب الرواية، ويجعلنا أمام ما يبدو أنه جريمة قتل متعمدة، طمست معالمها بمال ونفوذ وصمت مريب.

من المسؤول عن إخفاء الحقيقة؟

المعطيات المسربة من التحقيق الأولي حسب ما يروج على مواقع التواصل الإجتماعي، أظهرت أن أدوات الشنق، من حبل وأعواد، تعود لشخص معروف في المنطقة، سبق له أن ورد اسمه في وقائع تهديد وعنف، حيث أكدت شهادات سكان الدوار، أن الضحية كان في صحة نفسية جيدة، وأن فرضية الانتحار لا تستقيم مع سلوكه أو وضعه الشخصي.

لكن الأخطر، كما تقول تدوينة تروج في مواقع التواصل الاجتماعي أن محاولات لشراء الصمت جرت عقب الحادث، حيث يُروج أن مبالغ مالية قاربت عشرة ملايين سنتيم قد دفعت لبعض الأطراف لطمس الحقيقة،  وبدل أن يكون دم الطفل مدخلا لتحقيق شفاف ونزيه، تحول إلى ورقة ضغط في لعبة صمت واختفاء.

أين هي العدالة؟

في دولة تقول إنها تكرس حقوق الإنسان وتتبنى دولة الحق والقانون، ما الذي يبرر أن يمر موت قاصر بهذه البساطة؟

أين تقرير الطب الشرعي؟ ولماذا لم تعلن نتائجه للرأي العام؟

بل، لماذا لم يصدر إلى الآن أي بلاغ رسمي من النيابة العامة بميدلت أو محكمة الاستئناف بالراشيدية لطمأنة الرأي العام وتوضيح مجريات القضية؟

هذه الأسئلة لا يطرحها الحقوقيون فقط، بل أيضًا أم الضحية، التي ما زالت تبكي ابنها بحرقة، في ظل شعور متزايد بأن العدالة لا تنجز لمن لا صوت لهم.

نداء حقوقي يروج على مواقع التواصل الاجتماعي

تزامنا مع تصاعد المطالب المحلية، تتداول صفحات حقوقية على مواقع التواصل الاجتماعي نداء موجها إلى السلطات القضائية والأمنية، دعت من خلاله فعاليات مدنية وحقوقية إلى فتح تحقيق نزيه ومعمق في قضية مقتل القاصر، وتحقيق العدالة دون مراوغة أو تمييز.

ويطالب هذا النداء بـ:

  • إعادة فتح التحقيق تحت إشراف النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالراشيدية

  • تشكيل لجنة طبية وقانونية مستقلة لمراجعة نتائج التشريح

  • الاستماع إلى جميع الشهود وحمايتهم من أي ضغط أو تهديد

  • محاسبة كل من يثبت تورطه في طمس الحقيقة أو التواطؤ في تضليل العدالة

النداء، الذي يلقى تفاعلا واسعا بين نشطاء ومنظمات، يؤكد أن ما وقع لا يمكن اختزاله في حادث فردي، بل هو مرآة لوضع عام يتقاطع فيه الفقر بالتهميش، والعدالة بالتفاوت، والحياة بالاستخفاف.

لا يجب أن يُدفن الطفل مرتين

في المغرب، لا يجب أن يُصبح دم الفقير أرخص من خبز اليومي. ولا يجب أن يُدفن طفل قُتل، ثم تُدفن قضيته تحت ركام الإدارات والمحاضر المفبركة.

ما حدث لهذا الطفل يمس المجتمع دون استثناء ، لأن العدل الذي لا يُطبق على الجميع هو ظلم مقنع، ولأن صوت الأم التي تصرخ في الخفاء يجب أن يعلو على كل الأصوات المتواطئة.

الفاجعة ووضعتنا أمام سؤال صعب؛ هل نحن مستعدون لقول الحقيقة، أم سنصمت مرة أخرى باسم الخوف، أو التواطؤ، أو العجز؟

فلنذكر الدولة بمسؤوليتها، ولنذكّر أنفسنا أن الصمت شراكة، وأن التضامن واجب، وأن الحقيقة، مهما تأخرت، تخرج دومامن بين الضلوع، لا من بين التقارير.

مقالنا ليس تأثير في مجريات التحقيق، بل صوت لمن لا صوت لهم، وثقة في انتصار العدالة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى