في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، خاصة لدى النساء والنباتيين، تعود إلى الواجهة توصيات طبية وغذائية تدعو إلى الانتباه لتوقيت شرب الشاي والقهوة بعد تناول الوجبات، نظرًا لتأثير هذه المشروبات المباشر على امتصاص الحديد من الطعام.
وحسب ما أكدته دراسات علمية منشورة في مجلات التغذية والصحة العامة، فإن الشاي والقهوة يحتويان على مركبات “التانين”، وهي مواد ترتبط بالحديد الموجود في الطعام وتعيق امتصاصه داخل الجسم، مما قد يؤدي إلى نقص تدريجي في هذا العنصر الحيوي، خصوصًا عند الأشخاص المعتمدين على المصادر النباتية للحديد.
الحديد الحيواني لا يتأثر… لكن النباتي في خطر
يفرق المختصون بين نوعين من الحديد الغذائي، الأول وهو الحديد الهيمي الموجود في اللحوم الحمراء والدجاج والأسماك، وهو يُمتص بسهولة ولا يتأثر كثيرًا بالمشروبات المنبهة، والثاني الحديد غير الهيمي الموجود في البقوليات والعدس والسبانخ والمكسرات والحبوب الكاملة، والذي يُعد أكثر عرضة للتثبيط بفعل الشاي والقهوة.
وفي هذا الصدد، أوضحت أخصائية التغذية المغربية، فاطمة الزهراء البوطي، أن “من يشرب الشاي أو القهوة مباشرة بعد الوجبة، خصوصًا إذا كانت وجبته نباتية، قد يقلل من استفادة جسمه من الحديد بنسبة تصل إلى 70%، ما قد يؤدي إلى أعراض مثل التعب المستمر، شحوب الوجه، وتساقط الشعر على المدى البعيد”.
تأخير الشاي ساعة… وتعزيز الامتصاص بفيتامين C
لحماية الجسم من هذا التفاعل السلبي، يوصي الأطباء بتأجيل شرب الشاي أو القهوة لمدة ساعة بعد تناول الطعام، ما يمنح الجسم الوقت الكافي لامتصاص الحديد دون تدخل.
كما يُنصح بتناول أطعمة غنية بفيتامين C خلال الوجبة – مثل عصير البرتقال، الطماطم، أو القليل من الليمون – لأنها تساعد على تحسين امتصاص الحديد النباتي وتخفيف تأثير المشروبات المنبهة.
اهتمام متزايد لدى النباتيين والمصابين بفقر الدم
أصبح هذا الموضوع ذا أهمية خاصة لدى فئة النباتيين، الذين يعتمدون كليًا على المصادر النباتية للحديد، وكذلك المرضى الذين يتابعون علاجات لتعويض النقص في هذا العنصر.
وقد أطلقت بعض الجمعيات الصحية حملات توعية رقمية حول الموضوع، خاصة في المناطق التي ترتفع فيها معدلات استهلاك الشاي بعد الأكل، على غرار المغرب ومصر ودول الخليج.
وتجدر الاشارة الى انه بالرغم من أن الشاي والقهوة مشروبان شائعان ويمثلان جزء من العادات اليومية لكثير من الشعوب، فإن الوعي بتوقيت استهلاكهما يظل مفتاحا لحماية الصحة، خصوصًا في ما يتعلق بامتصاص الحديد.
وإذا كان لا مفر من فنجان القهوة بعد الغداء، فالأفضل أن تنتظر ساعة فقط… ففي هذه الدقيقة يكمن الفارق بين عادة مريحة وضرر غذائي محتمل.
