الرئسيةمجتمع

مأساة طفل الرعي ببومية: اغتيال للطفولة في ظل صمت رسمي مريب

تحرير: جيهان مشكور

في واحدة من أبشع مشاهد التهميش والإهمال التي تعكس واقع الطفولة المهشمة في الأقاليم النائية، كشف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببومية، إقليم ميدلت، النقاب عن وفاة طفل قاصر كان يشتغل راعياً للغنم، عُثر عليه جثة هامدة في حقل قريب من منزل أسرته.

وقعت الحادثة قبل أكثر من أسبوعين، ما تزال غامضة وملفها يتخبط في ظلال الصمت والتضارب، وسط غياب تام لأي بلاغ رسمي من النيابة العامة.

غموض قاتل وصمت رسمي يفاقمان الجريمة

عقد الفرع المحلي للجمعية اجتماعاً استثنائياً مساء 28 يونيو 2025، ناقش خلاله بتعمق تداعيات القضية التي استفزت مشاعر الساكنة وأثارت موجة من التساؤلات، حيث لا يكتفي البيان الصادر عن الجمعية بالتضامن مع الأسرة المنكوبة، بل يشير بوضوح إلى أن الروايات المتداولة حول وفاة الطفل تتراوح بين انتحار مفترض، وجريمة قتل محتملة، مع ترجيح فرضية الأخيرة نظراً لغياب أي دلائل مقنعة على الانتحار.

كما نبه البيان إلى وجود محاولات لتضليل الرأي العام وإخفاء معالم هذه “الجريمة”، في ظل غياب تام لمسؤولية الجهات المعنية، التي اكتفت بالصمت، مما يعكس حجم الأزمة الحقيقية: حالة التهميش والإقصاء التي تعيشها الطفولة في مناطق مثل إقليم ميدلت.

طفولة ضائعة.. رقم يتكرر

بحسب آخر تقارير وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية، تعيش حوالي 15% من الأطفال في المغرب تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل التسرب المدرسي في الأقاليم النائية نسبة تفوق 30%، خاصة في المناطق الريفية الجبلية التي ينتمي إليها الطفل الضحية، ويضيف التقرير أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة والدخول إلى سوق العمل المبكر، غالباً في ظروف خطيرة وغير إنسانية كالتي توفي فيها هذا الطفل.

فيما يؤكد فرع الجمعية أن هذه الحادثة ليست سوى رأس جبل الجليد، بل “اغتيال ممنهج للطفولة المهمشة”، نتيجة لإهمال منظومة التعليم والصحة، وغياب السياسات الاجتماعية الفعالة التي تضمن الحد الأدنى من العيش الكريم وحق الأطفال في الحماية والرعاية.

نداء  العدالة والضمير الوطني

تختتم الجمعية بيانها بدعوة واضحة وصريحة إلى النيابة العامة لفتح تحقيق نزيه وشفاف في هذه القضية، يكشف الحقيقة كاملة ويحاسب المتورطين، معبرة عن استعدادها لخوض كل أشكال النضال الحقوقي والاجتماعي لتحقيق هذا الهدف.

وفي تصريح لأحد أعضاء الفرع المحلي: “لن نتوقف حتى تُرفع الغمامة عن هذه القضية التي تعكس مأساة آلاف الأطفال الذين يموتون بصمت، ضحايا الفقر والتهميش، وغياب إرادة حقيقية للحماية والدعم.”

يسلط هذا الحادث المؤلم الضوء على أزمة اجتماعية حقيقية في المغرب، حيث ما زالت حقوق الطفولة تُنتزع في صمت، والفساد والتقصير الرسمي يزرع الألم والدموع في عيون أطفال بريئة.

إن وفاة طفل رعاة الغنم في بومية ليست مجرد خبر مؤسف بل تحذير صارخ يُعيد طرح السؤال الأكبر:
هل ننتظر المزيد من الضحايا قبل أن نفيق من غفلتنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى