
أرباح المحروقات تحلق عاليا على حساب المغاربة، اليماني: رئيس الحكومة التاجر الأول في قطاع البتروليات
في تصريح جديد توصلت "دابابريس" بنسخة منه، أعاد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، فتح ملف أرباح شركات المحروقات، كاشفاً بالأرقام والأدلة عن حجم الأرباح “الفاحشة” التي ما زال يراكمها فاعلو القطاع منذ قرار تحرير الأسعار سنة 2015، معتبراً أن هذا القرار الذي أطلقته حكومة بنكيران باسم "الإصلاح" ، وباركته حكومة العثماني، وتدعمه اليوم حكومة أخنوش التي تجمع بين سلطة القرار و امتيازات التجارة في قطاع المحروقات، لم يخدم سوى مصالح لوبيات تجارية على حساب المواطن المغربي.
80 مليار درهم من الأرباح.. ولا أثر على الخدمات العمومية
أكد اليماني في تصريحه أن تحرير أسعار المحروقات ،لم يكن سوى إذن رسمي لجنى أرباح فاحشة على حساب المستهلك.. حيث تجاوزت قيمتها 80 مليار درهم إلى نهاية سنة 2024، مع توقعات بزيادة أكثر من 12 مليار درهم إضافية خلال سنة 2025، وتأتي هذه الارقام الصادمة وسط ضجيج متكرر حول دور مجلس المنافسة الذي فرض غرامات تصالحية بقيمة 1.8 مليار درهم، والتقارير المصاحبة لما سُمي بعمليات “المتابعة”، إلا أن هذه الغرامات حسب قوله لم تؤثر إطلاقاً على سلوك السوق أو توقف نزيف الأرباح الخارقة.
واعتبر اليماني أن الأموال التي قيل إنها تم توفيرها بعد رفع دعم صندوق المقاصة عن المحروقات، لم تنعكس على واقع التعليم أو الصحة أو غيرها من القطاعات الاجتماعية التي وصفها بـ”المريضة والمحبطة”، متسائلاً: “أين ذهبت تلك الأموال؟”، ومؤكداً أن الدعم الاجتماعي المتبجح به لا يُوازي إطلاقاً ما يعيشه المواطن من تضخم متصاعد وكلفة معيشة خانقة، خاصة بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
تفصيل التركيبة السعرية
يسلط اليماني الضوء على أن 21% من سعر الغازوال و25% من سعر البنزين تمثل أرباحًا صافية للفاعلين في السوق، وهي أرقام تثير أكثر من علامة استفهام في بلد تعجز فيه الدولة عن دعم صحة مواطنيه وتعليم أبنائه، ما يشي بأن تحرير الأسعار، في ظل تحكم محدود في السوق أو شبه احتكار، لا يخدم إلا مصلحة المستثمرين في القطاع دون اعتبار للمستهلك ولا حتى لسلطة الدولة التي من المفترض أن تضبط السوق لحماية المواطنين.
الأرقام تفضح
بالعودة إلى المعطيات الرقمية، أوضح اليماني أنه حتى في حال انتصر الشعب وأجبر الحكومة الحالية، التي ترفع شعار “الدولة الاجتماعية”، على التراجع عن قرار التحرير، فإن السعر العادل للغازوال خلال النصف الثاني من يوليوز الجاري يجب ألا يتجاوز 9.5 دراهم للتر، في حين يجب ألا يتعدى 10.6 دراهم للبنزين.
لكن الواقع مختلف تماماً، إذ يسجل السعر في السوق المحلي 11.2 دراهم للغازوال و12.9 درهماً للبنزين، وهو ما يبرز بحسب اليماني حجم الأرباح التي يجنيها الفاعلون، حتى دون احتساب الغازوال الروسي الرخيص.
تفكيك تركيبة الأسعار: الضرائب والأرباح تلتهم المستهلك
في تحليله لبنية الأسعار، أفاد اليماني بأن:
سعر الغازوال يتوزع بين:
5.62 دراهم (سعر دولي + النقل والتخزين والميناء)
3.20 دراهم للضرائب (الضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة)
2.4 دراهم كأرباح للفاعلين (ما يعادل 21%).
أما سعر البنزين فيتكوّن من:
5.13 دراهم (سعر دولي + التكاليف اللوجستيكية)
4.5 دراهم ضرائب
3.27 دراهم كأرباح للموزعين (25%).
وفقاً لليماني هذه الأرقام تكشف بوضوح كيف أن السوق لا تحكمه آليات المنافسة أو العرض والطلب، بمعنى أوضح: الحكومة تأخذ ضرائبها بسخاء، والموزعون يرفعون هامش ربحهم بثقة، أما المواطن… فهو يدفع الثمن، نقدًا وصمتًا.
دعوة إلى التراجع عن التحرير وإحياء المصفاة
اختتم اليماني تصريحه بتأكيده أن لا مخرج حقيقياً من الأزمة الحالية لأسعار المحروقات إلا عبر إلغاء قرار تحرير الأسعار، الذي لا يزال في يد رئيس الحكومة، و الذي وصفه بكونه “التاجر الأول في قطاع البتروليات“، إلى جانب ضرورة إعادة تشغيل المصفاة المغربية للبترول (لاسامير) من أجل ضمان السيادة الطاقية وتوفير شروط المنافسة الحقيقية.
كما دعا إلى مراجعة منظومة الضرائب المزدوجة المفروضة على الغازوال والبنزين، والتي تثقل كاهل المواطن وتساهم في تفاقم الأزمة الاجتماعية.
يأتي تصريح اليماني في وقت تتزايد فيه حدة الانتقادات الشعبية إزاء ارتفاع أسعار المحروقات، وغياب أي إجراءات فعلية لتخفيف الضغط عن المواطنين، وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً: هل تمتلك الحكومة الإرادة السياسية لوقف نزيف الأرباح غير المشروعة، وإعادة الاعتبار للسياسة الطاقية الوطنية في خدمة المصلحة العامة؟