الرئسيةسياسة

عقد إذعان… حين تتحول وزارة التعليم إلى مشغّل براتب غير قانوني وتجاوززات بالجملة

حين تتحول الدولة من ضامن للحق إلى راعٍ للخرق، ومن مشرّع للقانون إلى متواطئ مع مخالفته، ، فلا غرابة أن يسأل المواطن البسيط: “واش البلاد ولات سايبة؟”

هذا ما عبّر عنه الحسين اليماني، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمحمدية، وهو يفضح ما اعتبره فضيحة قانونية وأخلاقية بكل المقاييس .. شركة حراسة فازت بصفقة تأمين المؤسسات التعليمية بالمحمدية، تُرغم عمّال الحراسة (تحت التهديد المبطن بفقدان العمل أو التضييق) على توقيع عقود تحدد أجورهم في 2200 درهم شهريًا فقط، بدل 3266 درهماً التي يفرضها القانون كحد أدنى للأجور منذ فاتح يناير 2025.

من يحمي اللاقانون في حضرة القانون؟

القضية أعمق من راتب غير قانوني؛ نحن أمام مشهد مصغر لمغرب تُعقد فيه الصفقات في المكاتب المكيّفة، بينما يُلقى بالعمال في مستنقع الاستغلال، بلا تغطية اجتماعية لائقة، ولا احترام لأدنى شروط الكرامة المهنية.. ، فهل تحتاج وزارة التعليم إلى درس في القانون لتدرك أن الصمت على هذه التجاوزات شكل من أشكال التواطؤ الإداري، وأنه خرق سياسي لروح الدستور قبل أن يكون خرقا إدارياً؟

اليماني: الحد الأدنى للأجر ليس مادة قابلة للمساومة

اليماني وصف الوضع بـ”عقد إذعان قسري”، وأشار إلى أن الحد الأدنى للأجر قاعدة آمرة لا يمكن التحايل عليها لا بتفويض ولا بتدبير مفوض، وحذّر من أن استمرار هذه العقود يعني شرعنة الاستغلال بغطاء مؤسسات عمومية، وهو ما يهدم مصداقية الدولة أمام مواطنيها، خصوصًا حين تتغنى في خطاباتها بالعدالة الاجتماعية.

خطاب دولة اجتماعية مقابل واقع “تسليع” الإنسان

بتسأل اليماني، كيف يمكن لدولة ترفع شعارات”الدولة الاجتماعية” و “النموذج التنموي الجديد” أن تحافظ على مصداقيتها وهي عاجزة عن ضمان أبسط الحقوق: احترام الحد الأدنى للأجور؟.. أم أن التنمية في هذا الوطن مادة دعائية تصلح فقط للنشرات الرسمية، بينما يظل العامل المغربي حبيس الهامش والتهميش؟

هل نحتاج لقانون جديد… أم دولة تحترم قوانينها؟

في هذا السياق، دعا اليماني إلى إلغاء هذه العقود أو تعديلها فورًا، وحمّل المندوبية التعليمية المسؤولية الكاملة بصفتها الجهة المتعاقدة.. لكن هل هناك من يصغي؟ أم أن الأمر لا يتعدى “ضوضاء نقابية” في وطن لم يعد يسمع إلا أصوات من يملكون المال والنفوذ؟

في النهاية، يبقى السؤال معلقًا كصفعة على وجه العدالة.. ما لم تحترم الدولة القوانين التي تكتبها بيدها، فإن الحديث عن العدالة الاجتماعية سيظل مجرد شعار معلق على جدران المؤسسات… في وطن يتقن صناعة القوانين، ويتقن أكثر صناعة استثناءاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى