
منذ أبريل الماضي، انخفضت أسعار البن في الأسواق العالمية بنسبة تتراوح بين 15 و20 بالمئة، إذ تراجع سعر الرطل من قهوة أرابيكا في بورصة نيويورك من حوالي 2.25 دولار إلى أقل من 1.90 دولار في يوليوز، متأثراً بتراجع الصادرات البرازيلية جراء التوتر الجمركي مع الولايات المتحدة.
لكن في المغرب، لم ينعكس هذا الهبوط على الأسعار النهائية للمستهلك. ففي حين كان متوسط سعر الكيلوغرام من البن الخام المستورد في بداية السنة في حدود 85 إلى 90 درهماً، ما تزال معظم المقاهي والمطاعم تتزود به بالسعر نفسه، وأحياناً أعلى، وفق ما يؤكده أرباب المهنة.
تكرار سيناريو قطاع المحروقات حيث لا يواكب السوق المحلي التغيرات الدولية
أحمد بفركان، المنسق الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، يشير إلى أن “الأسعار العالمية تراجعت بشكل واضح، لكن بعض الشركات الموردة في المغرب تواصل التمسك بمستويات مرتفعة، في وضع يعيد للأذهان سيناريو قطاع المحروقات حيث لا يواكب السوق المحلي التغيرات الدولية بالسرعة والشفافية المطلوبتين”.
تحليل هذه الفجوة يكشف ثلاثة عوامل رئيسية، متمثلة في تباطؤ انتقال أثر الأسعار حيث في غياب آلية رسمية تربط الأسعار المحلية بالمؤشرات العالمية، تستفيد بعض الشركات من فترة التأخير بين تراجع الأسعار دولياً وانعكاسها محلياً للحفاظ على هوامش ربح أكبر.
وعامل هيمنة عدد محدود من الموردين حيث سيطرة شركات قليلة على استيراد البن تجعل السوق أقل تنافسية وأكثر عرضة لجمود الأسعار.
ما يحدث مع البن ليس استثناءً بل يعكس نمطاً متكرراً في سلع أساسية أخرى
اضافة الى تكاليف النقل والتأمين وتقلب العملة؛ حيث بالرغم من تراجع أسعار الشحن منذ بداية 2025 بنسبة تقارب 10 بالمئة، ما تزال هذه التكاليف تُستخدم كمبرر للإبقاء على الأسعار المرتفعة.
ويرى اقتصاديون أن ما يحدث مع البن ليس استثناءً، بل يعكس نمطاً متكرراً في سلع أساسية أخرى، حيث لا يستفيد المستهلك المغربي من فترات الانخفاض الدولي إلا جزئياً وببطء.
الحل في تعزيز الشفافية في عقود الاستيراد
هذا ويؤكدون أن الحل يكمن في تعزيز الشفافية في عقود الاستيراد، وإلزام الموردين بالكشف عن تكاليفهم وهوامش أرباحهم، مع تفعيل دور مجلس المنافسة في مراقبة السوق.
وبينما يراقب المهنيون أي تحرك للأسعار خلال الأشهر المقبلة، يبقى السؤال الأهم، هل يمكن أن تتحول تجربة البن إلى حافز لإصلاح أوسع في آليات تسعير السلع المستوردة، أم أن الفجوة بين الأسعار العالمية والمحلية ستظل سمة ثابتة في السوق المغربية؟