
بقلم: بثينة المكودي
شهدت مدينة أكادير، إلى جانب عدد من المدن المغربية، تنظيم وقفات احتجاجية دعت إليها تنسيقيات صحية وفاعلون نقابيون، للمطالبة بتحسين أوضاع المستشفيات العمومية وتجويد الخدمات الصحية.
المستشفيات العمومية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجات المرضى
هذا ورفع المشاركون في الوقفة شعارات تنتقد غياب الأطر الطبية وضعف التجهيزات الأساسية، مؤكدين أن المستشفيات العمومية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجات المرضى، وهو ما يرغم المواطنين دفعاً على التوجه إلى المصحات الخاصة.
وسجلت « دابا بريس » أن عدد كبير من المرضى يُدفعون نحو شبكة أكديطال وغيرها من المصحات، رغم تكاليفها الباهظة، بسبب عجز المستشفيات العمومية عن الاستجابة للحالات المستعجلة أو توفير العلاجات الأساسية.
توقيفات في الصويرة
وفي الصويرة، أكد عمر أربيب، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنه جرى توقيف عشرة أشخاص، تسعة محتجين من أمام المستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله، والعاشر من أمام الدائرة الأمنية الثانية.
وأوضح أربيب في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، أن المحتجين نقلوا احتجاجهم إلى أمام مقر الدائرة الأمنية للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين خلال الوقفة السلمية.
تحذيرات للمحتجين من طرف مصالح وزارة الداخلية
وزارة الداخلية اصدرت تحذيرات للمحتجين في طاطا وأكادير وسيدي إفني والصويرة وغيرها من المدن، ما أثار استياء وسط المحتجين الذين شددوا على أن الحق في العلاج مكفول دستوريا، وأن الدولة مطالبة بإنقاذ المرفق العمومي من التدهور، بدل ترك المواطنين رهائن للسوق الصحية الخاصة.
وللاشارة هذه الوقفات أعادت النقاش حول مستقبل المنظومة الصحية، وحول جدوى البرامج الإصلاحية المعلنة، في ظل اتساع الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني، وبين وعود الدولة وما يعيشه المواطن يوميا داخل أقسام الطوارئ والمستشفيات،
مفارقة في التعاطي الأمني مع احتجاجات سلمية
وهذا التعاطي الأمني مع احتجاجات سلمية يسلط الضوء على مفارقة واضحة، فبينما تعلن الدولة عن برامج إصلاحية كبرى في قطاع الصحة وتخصص لها ميزانيات ضخمة، تُقابل أصوات المواطنين المطالبين بتجسيد هذه الإصلاحات على أرض الواقع بالمنع والقمع والاعتقال ، إذن ما مدى جدية الحوار الاجتماعي، وهل المقاربة الأمنية قادرة فعلا على إسكات الغضب المتنامي داخل المستشفيات وخارجها، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة بين المواطن والمؤسسات.
ضعف ولوجية الفئات الفقيرة إلى الخدمات العلاجية
جدير بالذكر أن تقارير رسمية سابقة، بينها ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات، كانت قد سجلت اختلالات كبيرة في البنيات التحتية الصحية، ونقص في الموارد البشرية، فضلا عن ضعف ولوجية الفئات الفقيرة إلى الخدمات العلاجية، ما يجعل من هذه الاحتجاجات امتداد طبيعي لواقع موثق بالأرقام.
اقرأ أيضا…
استنكار وتنديد بتعنيف السلطات لاحتجاجات مواطنيين بأكادير ضد سوء الخدمات الصحية+فيديو
لكن ما يتجاوز لغة الأرقام هو الإحساس العميق بالخذلان الذي يعيشه المواطن البسيط كلما قصد مستشفى عمومي ولم يجد سريرا ولا طبيبا ولا دواء؛ هذا الشعور بالهشاشة يدفع الناس نحو المصحات الخاصة، وكأن الدولة تقول لهم بلسان صامت الكرامة الصحية تشترى، وهنا يكمن الخطر الأكبر، حين يتحول الحق في العلاج من خدمة عمومية إلى امتياز طبقي.
تحسين قطاع الصحة لا يمكن أن يقف عند حدود إعفاء المديرين أو تغيير بعض المسؤولين
كما أن تحسين قطاع الصحة لا يمكن أن يقف عند حدود إعفاء المديرين أو تغيير بعض المسؤولين، بل يقتضي إصلاح عميق وشامل يشمل البنيات، والموارد البشرية، والعقلية التي تُعامل صحة المواطن كأولوية وطنية وليست عبئا ماليا.
“فهي أشياء لا تشترى…”
اقرأ أيضا…