الرئسيةسياسة

في أفق جبهة شعبية..لقاء سياسي ونقابي يساري بالتزامن مع احتجاجات جيل زد

شهدت العاصمة الرباط، يوم الأحد، لقاءً سياسياً ونقابياً موسعاً جمع عدداً من التنظيمات اليسارية والتقدمية، في خطوة وُصفت بأنها بداية لتوحيد الصفوف أمام الدينامية الاجتماعية المتسارعة التي يعرفها المغرب منذ اندلاع احتجاجات “الجيل زد”.

اللقاء يأتي في سياق وطني يتسم بارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي

عرف اللقاء، الذي دعت إليه كل من “فيدرالية اليسار الديمقراطي” و”الحزب الاشتراكي الموحد” و”حزب النهج الديمقراطي العمالي”، حضور ممثلين عن هيئات نقابية وحقوقية وفاعلين مدنيين، في مقدمتهم “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” ، و”منظمة أطاك المغرب” ، إلى جانب” الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)” ، وقيادات نقابية من” الاتحاد المغربي للشغل (UMT)” و” الفيدرالية الوطنية للتعليم (FNE)” .

وأكدت التنظيمات المجتمعة أن اللقاء يأتي في سياق وطني يتسم بارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي، وبتنامي الغضب الشعبي وسط فئات الشباب، نتيجة “تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار البطالة وغلاء المعيشة، وتراجع الخدمات العمومية الأساسية، خاصة في مجالي التعليم والصحة”.

دعم المطالب الاجتماعية ومطالبة بإطلاق سراح المعتقلين

عبٍرت التنظيمات السياسية والنقابية والحقوقية في بلاغ مشترك صدر عقب الاجتماع، عن دعمها الكامل للمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة التي رفعتها “حركة الجيل زد“، معتبرة أن ما تشهده البلاد “نتاج مباشر لتراكمات سياسات عمومية فاشلة” عمّقت من مظاهر “الفقر والهشاشة”، و وسّعت الهوة بين فئات المجتمع، خصوصاً بين الشباب الحامل للشهادات العليا والعاطلين عن العمل.

الاحتجاجات الأخيرة لا يمكن اختزالها في مطالب آنية

كما طالب البلاغ بـ”الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية التظاهرات الأخيرة”، داعياً إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل في وفاة ثلاثة شبان بمدينة القليعة خلال الاحتجاجات، مع تحميل الجهات المعنية مسؤولية الكشف عن ملابسات ما جرى وتحديد المسؤوليات القانونية.

وأشار البلاغ إلى أن “الاحتجاجات الأخيرة لا يمكن اختزالها في مطالب آنية”، بل تمثل “صرخة جيل جديد ضد انسداد الأفق السياسي والاجتماعي”، داعياً الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية التي تركّز على التوازنات المالية على حساب العدالة الاجتماعية، معتبراً أن نسبة البطالة التي تجاوزت 47% في صفوف الشباب، وفق ما صرح بهرااجواهري والي بنك المغرب “تعكس عمق الأزمة البنيوية في سوق الشغل المغربي”.

نحو جبهة شعبية بديلة

وأعلنت القوى اليسارية والحقوقية المجتمعة عن عزمها مواصلة المشاورات من أجل توحيد الجهود ضمن إطار وطني مشترك، يمكن أن يتطور، بحسب البلاغ، إلى “جبهة شعبية ديمقراطية” تحمل رؤية سياسية واقتصادية بديلة، وتطرح مقاربة جديدة للعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة.

وأكدت التنظيمات المشاركة أن الهدف من هذا التنسيق هو “بناء قوة مجتمعية قادرة على الضغط من أجل إصلاحات حقيقية” تعيد الثقة بين المواطن والدولة، وتضع حداً لسياسات التفاوت المجالي والاجتماعي، التي أفرزت، بحسب تقارير رسمية، تفاوتاً صارخاً في الدخل بين المناطق الحضرية والريفية تجاوز الضعف والنصف خلال العقد الأخير.

انفتاح على باقي القوى التقدمية

وشدد المشاركون في اللقاء على أن النقاش ما يزال مفتوحاً أمام جميع القوى الوطنية والتقدمية الراغبة في الانضمام إلى هذا المسار، مؤكدين أن المرحلة تفرض “تجاوز الحسابات التنظيمية الضيقة” وبناء جبهة تستمد شرعيتها من المطالب الشعبية ومن الحركات الاجتماعية الجديدة التي يقودها الشباب المغربي.

ويأتي هذا اللقاء في ظل تصاعد الاحتجاجات الشبابية في مدن عدة، من القليعة إلى وجدة وأكادير وطنجة، والتي اتخذت طابعاً سلمياً يطالب بـ”الكرامة والعدالة الاجتماعية وفرص الشغل”، في وقت تؤكد فيه الحكومة أن برامجها التنموية ومخططاتها القطاعية — وعلى رأسها “فرصة” و”أوراش” — موجهة أساساً للاستجابة لهذه المطالب، رغم الانتقادات الواسعة حول محدودية أثرها الفعلي على أرض الواقع.

اليسار يسعى إلى استعادة موقعه داخل الحراك الاجتماعي

بهذا، يبدو أن اليسار المغربي يسعى، من خلال هذه المبادرة، إلى استعادة “موقعه داخل الحراك الاجتماعي”، وتقديم بديل جماعي قادر على ملامسة نبض الشارع، في وقت تتزايد فيه الأسئلة حول مستقبل علاقة الدولة بالحركات الاحتجاجية الناشئة، وحول قدرة القوى الديمقراطية على توحيد صوتها ضمن جبهة شعبية تحمل مشروعاً اجتماعياً جديداً للمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى