
اعتبر الباحث والفاعل السياسي، محمد الساسي، أن الانتخابات الواحدة في المغرب، هي انتخابات 1960، وكانت في جانبها الطريف مرتبطة بوضع المداد في اليد.
مشاركة واسعة ووازنة
جاء ذلك، في الندوة السياسية، في حلقتها الحادية عشرة لنادي الحوار السياسي، التي نظمتها مؤسسة عبدالرحيم بوعبيد يوم الاثنين الماضي، والتي افتتحها محمد الأشعري وقدم لها محمد الساسي، وتمت بمشاركة كل من أحمد عصيد، ويوسف بلال وعمر الحياني ومعطي منجب، وكذا عبدالحميد عقار وعبدالعالي حامي الدين، فضلا عن فاطمة الإفريقي ورشيد البلغيثي وبلال التليدي وعلي بوعبيد، و التي، تمحورت حول موضوع: “الانتخابات القادمة ، أية جدوى ؟”.
انتخابات 1970 بدون رهان وكأن النظام صوت على نفسه
وأضاف الساسي في المداخلة ذاتها، أنه وابتداء من 1963 بدأ سياق اخر، بدأ مسلسل له توابث وعرف متغييرات، إذ في هذه الانتخابات حصل توازن بين كتلتين، من جهة جبهة الدفاع عن المؤسسات، وفي الجهة المقابلة، حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو التوازن الذي لم يعد مرغوبا فيه.
أما انتخابات 1970، يضيف الساسي، فكانت انتخابات بدون رهان، كأن النظام صوت على نفسه، فهي انتخابات أعيان بلا أفكار أو برامج أو عناوين سياسية، في حين أن انتخابات 1977، فقد سجلت صراعا سياسيا حادا، حيث تواجه فيها حزبان، حزب يسمى وزارة الداخلية، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
انتخابات 2002 أول اختبار ل”العهد الجديد”
واعتبر الساسي، في معرض التوقف عند أبرز محطات الانتخابات في المغرب، أنه في 1984، جرت، في سياق اتسم بـ”إجهاد المسلسل الديمقراطي” الذي انطلق منذ منتصف السبعينيات. بينما أشار أن استحقاقات 1993 و1997 جاءت في إطار الانفتاح السياسي والاستعداد للتناوب التوافقي على السلطة.
وعرج القيادي بحزب فيدرالية اليسار، في إبرازه لأهم المحطات الانتخابية بالمغرب، للحديث عن تلك التي نظمت في 2002، والتي اعتبرها أول اختبار لما أطلق عليه اسم العهد الجديد، وفيها برز الفاعل الإسلامي، فيما كانت انتخابات 2007، والتي عرفت عزوفا للناخبين، بداية ظهور خوفا من “موت السياسة” .
انتخابات 2011 وتغير السياق
جاءت 2011 وتغير معها السياق الانتخابي، بسبب تزامنها مع الربيع العربي، والذي انتهى ببروز حكومة تحت رئاسة حزب إسلامي، وصفها الساسي، بأنها كانت وسيلة لـ”إطفاء الحريق”.
اعتبر الساسي في المداخلة ذاتها، أن انتخابات 2016، كانت محطة صراع بين ما اعتبره تواجه “شعبوية دينية” و”حداثة معطوبة”، في حين أن انتخابات 2021، والتي تزامنت مع جائحة كورونا، فقد أفرزت ماسماه برلمان بلا معارضة.
”ثوابت الانتخابات المغربية” ومتغيراتها
واسترسل محمد الساسي بعد أن عرض مختلف المحطات الانتخابية، للحديث عن ما وصفها بـ”ثوابت الانتخابات المغربية”بالنسبة له، المغرب، “لم يعرف انتخابات مؤسسة”، معتبرا أن ما يقصده بالانتخابات المؤسسة هي تلك التي تنتج هيئة تشريعية تكون في الوقت نفسه “هيئة تأسيسية لوضع الدستور”، وهو ما لم يحدث منذ الاستقلال.
اعتبر الساسي التايث الثاني،ممثلا فيما وصفه ب“التجريب القانوني المثير”، وفي هذا الصدد قال الساسي، إنه و “في كل استحقاق يكون هناك جديد قانوني”، أي أن المغرب عمليا لم يتمكن بعد من “صياغة نهائية متوافق عليها للأنظمة الانتخابية”، مشيرا إلى أن العقوبات تُشدد في كل مرة على المخالفات الانتخابية بينما تستمر التجاوزات.
انتخابات بلا رهان سياسي حقيقي
تابث ثالت، يميز الانتخابات المغربية، هي انها لا تفرز الحاكمين الحقيقيين، الناس تصوت على أشخاص لا يحكمون، في حين الذين يحكمون لا ينتخبون.
في جانب المتغيرات التي لحقت الانتخابات، أشار الساسي في المداخلة ذاتها، منها تراجع العنف الانتخابي الذي كانت تتميز به في السابق، لم تعد الانتخابات حدثا استثنائيا في ممارسة السياسية، وتحولت لحدث عادي، وتراجع فيها الحماس سواء لدى الناخبين أو حتى في صفوف المناضلين، فيما سجلت وسائل التواصل الاجتماعي حضورا قويا في تشكيل الرأي العام.
انتخابات لم تتمكن من استعادة روح برلمان 1963
أبرز الساسي، في مداخلته، أنه وقع بعض التحسن النسبي الذي عرفه البرلمان منذ التسعينات على مستوى العمل التشريعي واحترافية الأداء، مؤكدا، أنه ومع هذا التحسن النسبي، لم تستطع المؤسسة التشريعية استعادة روح برلمان 1963، لكنها سجلت انضمام فئات تدافع عن مصالحها بشكل مباشر، ومنهم، الفلاحون الكبار وأرباب الشركات والمحامين، وغيرهم.
جدوى الانتخابات
خلص الساسي في مداخلته، بالتأكيد أن جدوى أي انتخابات في المغرب مرتبط الى حد كبير في قدرتها على خلق دينامية سياسية جديدة، وتطوير العملية الانتخابية، فضلا عن تعزيز وعي المواطنين بضرورة الانتقال الديمقراطي الحقيقي.
اعتبر الساسي أنه لا توجد معارضة حقيقية في المغرب، و أن الحماس الذي يصنعه حزب العدالة والتنمية اليوم وهو يوجه انتقاداته للحكومة هو في العمق نابع من “معارضة شخصية” لها علاقة بعبد الإله بنكيران أكثر من كونها معارضة مؤسساتية.
اقرأ أيضا…
في السؤال عن جدوى الانتخابات..الأشعري: الاحتجاجات الشبابية أرجعتنا لنقاشات ماقبل 2011