الرئسيةبيئة

أكادير تبتسم للمطر بعد طول انتظار

تحرير: بثينة المكودي

كأن السماء تذكّرت أخيرا مدينة أكادير، ففتحت قلبها لتغسل أرصفتها بغيث انتظرته طويلا، قطرات خجولة نزلت، لكنها كانت كفيلة بأن تبعث البهجة في قلوب الساكنة، التي تعودت خلال السنوات الأخيرة على سماء صامتة، وغيم يعبر دون أن يترك أثرا.

منذ الساعات القليل بعد الغروب هذا اليوم، غمرت الفرحة الشوارع والأحياء، وارتفعت الدعوات في كل مكان: “اللهم زد وبارك”، مشهد الأطفال وهم يمدّون أيديهم لاستقبال المطر، والنساء يفتحن النوافذ ليملأن صدورهن برائحة الأرض المبللة، كان لوحة وجدانية تختصر معنى الشوق إلى الحياة.

أكادير التي ذاقت مرارة الجفاف موسما بعد آخر، تعرف أن هذه القطرات ليست مجرد ماء نازل من السماء، بل وعدٌ متجدد بالخصب، وبأن الأمل لا يموت في المدن الصابرة،  فكل مزارعٍ في سهل سوس، وكل راعٍ في جبال إداوتنان، وكل أمٍّ تخاف على غد أبنائها من ندرة الماء، رأت في هذا المطر رسالة رحمةٍ مؤجلة.

قد لا تكون هذه التساقطات كافية لإنهاء أزمة العطش التي أنهكت السدود والآبار، لكنها كافية لتذكيرنا أن السماء ما تزال تُنصت لأنين الأرض وأن أكادير، المدينة التي جمعت بين البحر والجبل، ما تزال قادرة على استقبال الحياة بوجه مبتسم، رغم كل ما تعانيه من عطشٍ وتغير مناخي وجفافٍ مستمر.

في كل قطرةٍ نزلت اليوم، شيء من العزاء وشيء من الرجاء كأن المطر تقول للمدينة “ها أنا أعود، ولو قليلاً، لأذكّرك أنك لستِ منسية.”

في كل قطرةٍ تمت وعداً بالأمل، وحنيناً إلى خصبٍ قادم، وذكرى لعلاقةٍ أزلية بين الأرض والسماء، بين عطشٍ وصبرٍ، وبين غيثٍ طال حضوره… ليؤكد المطر من جديد أن بعد الصبر مطراً، وبعد العطش حياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى