الرئسيةذاكرةشواهد على التاريخ

رسالة مهدي بنونة… حين يكتب الابن بلسان جيلٍ كامل

توصلنا بهذا النص من طرف محمد السريفي نعيد نشره باللغة العربية بدون أي تدخل منا، غير اننا ترجمناه للعربية، وفيما يلي النص:

محمد السريفي

يرى المهدي بنونة أن الرواية تعيد للروح الإنسانية قدرتها على رؤية ذاتها، بعد أن سُجنت في “اللحظة العابرة”، وفُصلت عن ماضيها، ومُنع عنها الحق في تخيّل مستقبلها. وهي فكرة تختصر ببراعة مأزق الإنسان الحديث، الذي يبدو حرًا في الجسد، لكنه محاصر في المعنى.

لا نتحدث عن رواية فقط، بل عن وعي ناقد لمنظومة كاملة

الأكثر حدّة في الرسالة هو تشخيصها السياسي الرمزي للعالم الرقمي، حيث لا تعود المعلومة بريئة، بل تُوزع وفق منطق اقتصادي تحكمه خوارزميات “في خدمة رأس المال”، كما يكتب بنونة.

هنا لا نتحدث عن رواية فقط، بل عن وعي ناقد لمنظومة كاملة تُعيد تشكيل الإنسان على مقاس السوق.

كما تتوقف الرسالة عند مفهوم “المقاومة الجديدة”، لا بمعناه الكلاسيكي، بل كموقف وجودي وأخلاقي ضد التبلّد، وضد الاستسلام السلس لما يُفرض باسم الحداثة.

فبين “عمى من يريد طي الصفحة دون قراءتها” و”تآكل القدرة على المقاومة”، يقترح بنونة مخرجًا ثالثًا: الدفاع عن الكرامة الإنسانية بالفعل الثقافي.

تصبح السماء المربعة أكثر من عمل أدبي

في هذا السياق، تصبح السماء المربعة أكثر من عمل أدبي، وتتحول إلى فعل مقاومة رمزية، يشتبك مع الأسئلة التي يتفاداها الخطاب الرسمي والمنصات الرقمية الكبرى: من نحن حين نصبح بيانات؟ ماذا يتبقى من ذاكرتنا في عصر الأرشفة الانتقائية؟ وهل ما زالت لنا حرية التفكير خارج ما تقترحه الخوارزميات علينا؟

ليست مصادفة أن تصدر هذه اللغة من نجل محمود بنونة، أحد الأسماء التي ارتبطت تاريخيا بالإعلام الملتزم وبالدفاع عن القيم الإنسانية فالرسالة، وإن كانت موجّهة إلى كاتب، فهي في العمق موجّهة إلى عصر كامل.

بنونة لا يوزع مديحًا أدبيًا مجانيًا

وحين يكتب مهدي بنونة “إن السماء المربعة تقدم مساهمة غنية في الدفاع عن الكرامة الإنسانية”، فهو لا يوزع مديحًا أدبيًا مجانيًا، بل يمنح شهادة فكرية لعمل أدبي اختار أن يقف في جهة الإنسان، في زمن يتسابق فيه كثيرون إلى الوقوف في جهة المنصات.

وهكذا، تتحول رسالة شخصية إلى وثيقة ثقافية، وتخرج من الخاص إلى العام، ومن الأدب إلى السياسة النبيلة، ومن القراءة إلى الموقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى